الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أساليب رصد الظاهرة الإجرامية في المجتمع والتصدي لها

بواسطة azzaman

أساليب رصد الظاهرة الإجرامية في المجتمع والتصدي لها

أكرم عبدالرزاق المشهداني

 

المقدمة

من المؤكد أن توافر الأمن في مجتمع ما يحقق سعادة هذا المجتمع، ويمنحه فرص التنمية والتقدم، ونقيضه الخوف والجوع، وقد صوَّر لنا القرآن الكريم المقارنة بين الحالتين، في قوله تعإلى: ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون)) (سورة النحل112).

الجريمة إن حصلت مرة أو مرات قليلة، لا تعد ظاهرة أو متوطنة، ولكنها إن تكررت بنمط إحصائي عددي متتالي في العدد والاسلوب والخطورة، يمكن أن يطلق عليها ظاهرة، فالحالة الواحدة يشترط لها التكرار المتعدد لكي تسمى (ظاهرة أمنية) كونها إخلال بحالة الأمن، أو بالحقيقة هي تعدّ (ظاهرة إجرامية). وسنحاول في هذا البحث أن نتناول "الظاهرة الإجرامية"، في محاولة للتعرف على أسبابها، وكيفية رصدها ومؤشرات التنبؤ بها، وطرق التصدي لها، لما لها من خطورة على أمن الأفراد والمجتمع.

تعريف لغوي

التعريف بالظاهرة الامنية والاجرامية:

في اللغة العربية : يقال "ظهر" الشيء ظهورا أي تبين وبرز بعد خفاء، ومن التعريف اللغوي يمكن القول إن الظاهرة الإجرامية هي: "الجرائم التي برزت بعد خفاء، وتتطابق بضروة تكاد أن تلبس كل واحدة منها الأخرى".  وفي اللغة الإنكليزية: نجد أن كلمة ظاهرة في اللغة الإنجليزية PHENOMENONوتعني واقعة أو حادثة نادرة أو شخص فائق البراعة، فالظاهرة الإجرامية، تعني "الحادثة النادرة التي يتصف مرتكبها بالبراعة".. من التعريف السابق يمكن القول إن التعريف في اللغة الإنكليزية يتجه إلى صفة هامة في الظاهرة الإجرامية، وهي "الندرة" والنظر إلى مرتكبها بأنه " شخص فائق البراعة"، وفي حين كان المعني في اللغة العربية، أدق من حيث المضمون كما سنرى في التعريف الاصطلاحي.

 التعريف الاصطلاحي: مفهوم الظاهرة الإجرامية يعني بأنها "تكرار وقوع نوع معين من الجرائم في أماكن معينة بأسلوب إجرامي واحد، خلال فترات زمنية متلاحقة" ، ويعرفها خبراء علم الجريمة "بأنها تكرار وقوع الفعل الإجرامي مع تماثل الإسلوب في حالات تعددها، سواء في فترة زمنية واحدة، أو على فترات زمنية في منطقة جغرافية واحدة، أو تتعدد المناطق الجغرافية، سواء اتحد الاشخاص الفاعلون لها أم اختلفوا .

أهمية الرصد والتصدي:

إن إهمال الظاهرة الأمنية أو الإجرامية، وعدم التصدي المبكر والمنظم والمخطط والجاد لها، في بداياتها، يؤدي الى تفاقمها وتوسعها وانتشارها وتصبح عملية السيطرة عليها مكلفة وصعبة. وفي الوقت الحاضر تختبر الشرطة البريطانية برمجيات متطورة تساعدها على التنبؤ بمكان الجريمة وزمانها قبل وقوعها، تقوم المنظومة على دراسة أنماط واتجاهات حوادث سابقة وحالية ثم ربط المعلومات بجملة بيانات أخرى بينها تقارير جنائية وتقديرات أمنية وملفات عن سلوك المجرمين على غرار نشرات الأرصاد الجوي، وتُستخدم هذه المادة مجتمعة لتحديد المناطق الساخنة وبؤر الانحرافات الجنائية بحيث تتمكن قوات الشرطة من تخصيص موارد وقوات كافية لتلك الأماكن التي من المرجح ان تقع فيها جرائم محدَّدة.

 لقد ساعدت التكنولوجيا في النمو المتسارع  لفن "التحليل التنبؤي"، ويجري اختبارها بصورة سرية في بريطانيا بعد تجربتها بنجاح في مدينة ممفيس بولاية تينسي الأميركية، وأكدت شرطة المدينة ان البرمجية الجنائية كانت السبب الأساسي في انخفاض الجريمة إجمالا بنسبة 31 في المائة وجرائم العنف تحديدا بنسبة 15 في المائة. كما كانت التكنولوجيا الجديدة وراء ارتفاع المعنويات بين أفراد شرطة المدينة بزيادة معدلات القبض والتوقيف وإشعارهم بأن عملهم يحقق نتائج ملموسة، ويقول جون وليامز من وحدة التحليل الجنائي في شرطة ممفيس "ان البرمجيات الجديدة أداة اشد فاعلية من التحرك بعد وقوع الجريمة لاكتشاف مرتكبها لأنها تضع أفراد الشرطة في المنطقة وقت ارتكاب الجرائم".

 وفي بريطانيا استخدمت (تقنيات التحليل التنبؤي للتعرف على السجناء الذين انهوا محكومياتهم) ومن المرجح ان يعودوا الى عالم الجريمة مجددا بالاستناد إلى ظروف مثل السكن ومستوى التعليم والعلاقات الخاصة والاجتماعية والوضع المالي ونمط الحياة ودائرة الأصدقاء وتعاطي المخدرات والكحول والحالة العاطفية والسلوك والمواقف.

إن المفروض بأجهزة مكافحة الجريمة، وبخاصة أجهزة الشرطة، وهي تخطط لمكافحة الظواهر الاجرامية، او الحيلولة دون تحول (حالات) جنائية، إلى (ظواهر) إجرامية، أن تبحث عن المصادر التى يمكن التنبؤ من خلالها باحتمال حدوث مواقف أمنية مستقبلية ودراسة تلك المصادر، والمعلومات ، والبيانات الناتجة عنها، وجمعها، وتحليلها، وتفسيرها وعرضها بصورة مبسطة حتى يمكنه الحصول منها على (مؤشرات جيدة) تسهم فى وضع الخطة اللازمة لاحتواء ذلك الموقف الأمني وتلك المصادر والتي يستقى منها التنبؤ البيانات والمعلومات اللازمة لنشأته وقيامه. ويتمثل ذلك التصور في العناصر التالية:

1. دراسة العوامل الناتجة عن التطور الهائل في أجهزة الاتصال، والتي أسفرت عن انتقال أسباب الجريمة بين المجتمعات.

2.توقع إمكانية حدوث بعض الجرائم الأمنية المستقبلية أثناء التخطيط لمواجهة جرائم أخرى حالية.

3.دراسة تطور استخدام التقنيات الحديثة في عالم الجريمة، وآثاره الأمنية المستقبلية.

4. تصور الاحتياجات المستقبلية لجهاز الشرطة من القوى العاملة، التجهيزات، والمعدات، والأسلحة والمركبات.. الخ، وكذا التوزيع الجغرافي للوحدات الشرطية والحاجة المستقبلية إلى زيادتها، أو إعادة توزيعها تبعاً للزيادة السكانية، والتوسع العمراني عن طريق استخدام بيانات، وإحصاءات التاريخ الأمني والواقع الأمني، وكذا بالاستعانة بالإحصاءات السكانية، والعمرانية والاقتصادية وغيرها من الإحصاءات المتخصصة.

5. ويمكن بذلك التنبؤ ببعض المؤشرات المستقبلية للحالة الأمنية، والتي تساهم في وضع الاحتمالات شبه المؤكدة والتي يستند عليها المخطط الأمني بجوار مهاراته وخبراته العملية في وضع الخطة الأمنية لاحتواء المواقف الحرجة المستقبلية أو الحد من تفاقم آثارها.

أهمية استخدام الإحصاء للتنبؤ بالظاهرة:

 يشكل الإحصاء دوراً هاماً لأجهزة الأمن في مجال التنبؤ وقياس اتجاهات الجريمة، إذ أنه يمكن للإحصاء أن يعطى مؤشرات جيده عن حالة الجريمة، وبالتحليل الرقمي يمكن استنتاج مدى فعالية إجراءات المكافحة، ومدى كفاءة الأجهزة التي تتولى المكافحة، ومعرفة الأماكن التي تكثر بها ظواهر إجرامية معينه، وأوقات ارتكاب هذه الجرائم، وأسلوب ارتكابها، وهذا بالطبع يساعد في وضع الخطط اللازمة لمكافحة الجرائم، كما أن الإحصاءات تساعد على التعرف على حجم الظاهرة الإجرامية وتطورها بإجراء المقارنات بين أعداد الجرائم، وكذلك معدلات تغيرها من خلال دراسة تحليل السلاسل الزمنية، كما إن استخدام الأساليب الإحصائية يساعد في صنع الخطط والبدائل المناسبة في مواجهة حالات احتماليه (ظروف عدم التأكد ) كما يمكن تحليل البيانات تحليلاً علمياً للتعرف على الظروف والملابسات التي أحاطت بارتكاب الجرائم، وقياس درجة الارتباط (معامل الارتباط) بين الظواهر الإجرامية المختلفة على برامج حديثة إضافة إلى التطبيقات الحاسوبية للتنبؤات الأمنية، والتدريب العملي للمشاركين، والتعريف بالتطبيقات الشرطية والمجالات الأمنية التي يُمكن استخدام هذه الأسس لإدارتها، وتفعيل الأداء الأمني فيها. ومن الضروري على الباحثين في الظاهرة الامنية تمييز الظواهر الإجرامية عن غيرها من أنواع التعدد في الجرائم فقد يتعدد النشاط الإجرامي، ويتكرر إلا أنه لا يشكل ظاهرة إجرامية معينة ولا يعني توطناً لها، وليس معنى ذلك أنه يقل أهمية عنها فكلاهما ينم عن خطورة إجرامية، ويقتضي إجراءات مواجهة قوية، ونتعرض لتلك الحالات لتمييزها وفك الارتباط بينهما.

عناصر الظاهرة الاجرامية:

1.تكرار وتعدد وقوع الفعل الإجرامي: العنصر الأساسي في تكوين الظاهرة الإجرامية هو التكرار والتعدد، فحادث واحد لا يشكل ظاهرة إجرامية. وشرط التعدد لا يستلزم عددا محدودا من الجرائم، ولكن يكفي أن يرتفع معدل إرتكاب نوع معين من الجرائم بصورة غير معهودة أو مسبوقة.

2.أن ينصب التكرار على نوع معين من الجرائم.

3. وحدة الاسلوب الاجرامي من حيث محل الحادث، الأدوات المستخدمة، وقت الارتكاب، طريقة الدخول لمسرح الجريمة والخروج منه...الخ. ولقد أثبت فن التسجيل الجنائي أن المجرم المحترف يبقى أسير نجاحه الأول فيكرر نفسه وأسلوبه.

الأسباب المؤدية للظاهرة الإجرامية:

تساعد عوامل عديدة على ظهور الظاهرة الإجرامية من أهمها:

أولاً: عوامل شخصية: فقد تدفع ضائقة مالية يمر بها شخص ما إلى ارتكاب جرائم متعددة، ولا سيما إذا وجد سهولة في اقترافها أو رفقاء السوء الذين يشاركونه، كذلك الحال بالنسبة للمفرج عنهم من السجون أو النوعيات الخطرة، الذين لا يجدون عملاً، فيلجأون لارتكاب الجرائم طلبًا للمال وانتقامًا من المجتمع، بل قد يساعد المجني عليهم في نشوء الظاهرة الإجرامية بإهمالهم الشديد، مثل تركهم منقولات بداخل السيارات، وترك مساكنهم لفترات طويلة.

ثانيًا: عوامل مكانية: الأرض الفضاء النائية أو الأماكن المظلمة قد تؤدي إلى تسهيل انتشار ظاهرة إجرامية، مثل جرائم السرقات بالإكراه أو الاغتصاب، بل قد يؤدي نشوء ظروف جديدة بمكان ما إلى ظهور ظاهرة إجرامية مثل تحويل منطقة معينة إلى سوق تجاري أو افتتاح العديد من المحلات التجارية، يؤدي إلى نشوء ظاهرة سرقات متاجر ...الخ.

ثالثًا: عوامل اجتماعية: العصبية القبلية قد تؤدي إلى ظاهرة الثأر، كذلك انتشار البطالة والفقر في مجتمع ما قد تؤدي إلى بزوغ الظواهر الإجرامية المختلفة.

رابعًا: عوامل اقتصادية: صدور قرارات اقتصادية جديدة من شأنها أن تؤدي إلى نشوء ظاهرة إجرامية مثل تحرير التجارة، والسماح للأجانب بتكوين شركات توظيف أموال، يؤدي إلى ظهور ظاهرة النصب أو ظاهرة تهريب الأموال أو النصب على البنوك.

رصد الظاهرة الإجرامية ومواجهتها

 كلما تم التوصل إلى الظاهرة الإجرامية، في بداية ظهورها على السطح، أدى ذلك بصورة كبيرة إلى سهولة السيطرة والقضاء عليها، ومن هنا تبرز أهمية رصد نشوء الظاهرة لرجال الشرطة.  وقد اتفق علماء علم الجريمة، وخبراء البحث الجنائي، على مجموعة من الطرق والوسائل التي يجب استخدامها للتنبؤ ورصد وجود الظاهرة الإجرامية مع الوضع في الاعتبار ان جميع الوسائل مرتبطة ببعضها.

 

أساليب رصد الظاهرة الإجرامية

هناك عدة أساليب يمكن من خلالها رصد الظواهر الإجرامية على النحو التالي:

أولا: الملاحظة المنظمة: تقوم هذه الملاحظة على اختيار وانتقاء وعزل للوقائع التي تهم الباحث الجنائي في ميدان عمله، من بين آلاف الوقائع الاخرى التي تتشابك معها وهذه الملاحظة تعتمد على جهود وخبرة الباحث الجنائي من اجل تفسير الظاهرة. وأولى مراحل الملاحظة حسّي يعتمد على ما تراه عين الباحث الجنائي، خلال المعاينات التي يجريها للحوادث المختلفة، وتحليلها فقيام الباحث الجنائي بالانتقال ومعاينة الحوادث، يعد أحد أهم وسائل الرصد، حيث يستطيع من خلالها ملاحظة التطابق والتماثل بين الجرائم في الإسلوب الإجرامي، وتوقيت ارتكابها، واماكن وقوعها.

ثانيا: الاستعانة بالاجهزة الفنية (المختبر الجنائي): يقدم العلم خدماته لرجال الشرطة والبحث الجنائي، وذلك من خلال عمل المختبرالجنائي في مضاهاة الآثار المرفوعة من الحوادث المختلفة، وتطابقها في بعض الحوادث المبلغ بها يؤدي إلى تحديد الحوادث التي تشكل ظاهرة إجرامية، فمثلا العثور على آثار متطابقة في عدد من حوادث سرقات المساكن، يدل على أن مرتكبيها هم ذات الجناة، وانهم يشكلون ظاهرة إجرامية. وكذلك تحديد الظاهرة الإجرامية، رغم اتساع مكانها، بحيث تشمل عدة مناطق جغرافية، كما لو تطابق الآثار المرفوعة من سرقة مسكن في المنطقة (1)? مع سرقة مسكن في المنطقة (2)? مع اخر في المنطقة (3)? هنا يمكن القول بوجود "ظاهرة إجرامية في سرقة المساكن" على الرغم من انها قد لا تبدو واضحة امام اجهزة البحث في كل منطقة على حدة. كما يساعد المختبر الجنائي في التصدي للظاهرة الإجرامية، وذلك من خلال مضاهاة الآثار المرفوعة من الحوادث، على ما يتم ضبطه، من المتهمين في حوادث متماثلة، ولنا أن نتخيل مقدار هذه الخدمة التي يقدمها المختبر الجنائي، في حالة إذا كان المتهم المضبوط قد تم ضبطه مثلا في المنطقة (1)? في حين انه شريكا في ظاهرة إجرامية في المنطقة (2) مثلا، فالوصول اليه من شأنه حل غموض هذه الظاهرة الإجرامية – وهو ما كان ليتحقق لأجهزة البحث في المنطقة الأخيرة معرفته دون عون خبراء المختبر – بالوقوف على شركاء المتهم المضبوط، وضبطهم ومن ثم القضاء عليها.

ثالثا: المصادر السرية: يقاس نجاح ضابط البحث الجنائي، بتعدد مصادره من الجمهور أو الثقاة أو المرشدون السريون "المخبرون السريون" ، أو متابعة النوعيات الخطرة من مسجلين ومفرج عنهم، والوقوف على وسائل تعيّشهم ومشروعيتها، فقد تصل إلى الباحث الجنائي في هذه المصادر معلومات عن حدوث عدة جرائم في منطقة معينة ومرتكبيها.

رابعا: الإحصاءات الجنائية:   يعد الإحصاء الجنائي من اهم وسائل الرصد، ويقصد به مجموعة البيانات الأساسية المتعلقة بالجرائم، مع دراستها وتحليلها، واستنباط النتائج الهامة منها، ورغم تلك الاهمية الا ان هناك معوقات سلبية تحول دون الاستفادة الكاملة من هذا العلم في هذا المجال، كعدم اقتناع بعض رجال البحث بأهميته، أو بمعنى أدق رغبتهم في عدم الكشف عن حقيقة الموقف الجنائي، في نطاق اختصاصهم الوظيفي، خشية التعرض للوم في قيادتهم، فيلجأون إلى إمداد جهات الرقابة والمتابعة المختصة بالإحصاء الجنائي بمعلومات غير صحيحة عن الجرائم، أو تغير وصف الوقائع مثل تجنيح الجنايات، أو تغير الوصف والقيد في جنح السرقة إلى تبديد أو إتلاف أو غير ذلك من القيود والأوصاف، حتى لا تدرج في الإحصاء.

خامسا: تقارير الرأي العام واتجاهاته: تبدو أهمية تقارير الرأي العام في الوصول إلى حقيقة الموقف الجنائي، ومسار الجريمة في مجتمع ما ومن أهم صور تقارير الرأي العام شكاوى المواطنين، إلى الجهات المسؤولة أو ما ينشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، عن الأوضاع الأمنية في مكان ما.

سادسا: التقارير الدورية التي ترد للبحث الجنائي: يمكن الوقوف على حقيقة الظاهرة الإجرامية من خلال التقارير الواردة ومنها التقارير التي يحررها أفراد الدوريات، عما شاهدوه من أحداث أو أي معلومات وردت إليهم خلال عملهم من وقوع حوادث ولم يبلغ عنها، ومنها التقارير الخاصة بالاختصاصيين الاجتماعيين العاملين بالجهات الشرطية، أو مؤسسات الأحداث أو السجون.

أساليب مواجهة الظاهرة الإجرامية

إذا كانت الجريمة تشكل إخلالا خطيرا بالأمن، وإحساس المواطنين بعدم الاطمئنان، فما بالنا بالظاهرة الإجرامية التي تحدث فيها الجرائم بصورة متكررة، خلال فترة زمنية محددة وفي منطقة معينة، مما لا شك فيه أن خطرها لا يقتصر على منطقة حدوثها، بل يمتد إلى كافة المناطق المجاورة، بصورة أشد فتكا ودمارا، فيزداد شعور الأفراد بعدم الأمن وضعف جهازهم الأمني.

السيطرة على الظاهرة الإجرامية

الظاهرة الإجرامية كالوباء الفتاك، فهي لا تقل خطورة عن سائر الأوبئة مثل الطاعون، والكوليرا، وغيرهما وأولى درجات التصدي اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع ظهورها، بالقضاء على كافة الظروف المهيئة لظهورها والسيطرة عليها وتحجيمها ومنع امتدادها إلى مناطق اخرى. ويمكن تعداد اساليب مواجهة الظاهرة الإجرامية

أولاً: السيطرة على الظاهرة الإجرامية، وذلك من خلال إجراءات الضبط الإداري "المنع- الوقاية"، والتي تتمثل فيما يلي:

1. تكثيف المرور في المناطق ذات الطبيعة الخاصة، مثل: الأسواق- المناطق التجارية- منطقة محلات بيع المصوغات.

2. القيام بحملات عامة ونوعية- أي تستهدف نوعيات معينة من الأشخاص الخطرين- مختلفة المدة طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأجل.

3. توعية أفراد الحراسات الخاصة والمعينين على العقارات والمحلات التجارية والملاهي والفنادق بالحوادث التي تقع وأوصاف مرتكبيها ومداومة المرور عليهم للوقوف على يقظتهم.

4. مداهمة البؤر والأوكار الإجرامية وضبط المترددين عليها وإزالتها لما في وجودها من خطورة على الأمن باعتبارها أماكن تجمع للأشخاص الخطرين.

5. توسيع حالات الاشتباه بما لا يخل بالمعاملة الحسنة مع المواطنين، ومن شأن ذلك تحقيق الردع لمن تسول له نفسه ارتكاب الجرائم.

6. مداومة المرور على الأماكن التي يلجأ إليها المجرمون لتصريف متحصلات جرائمهم من ملاه ليلة أو ما يماثلها من أماكن وتجنيد العاملين بها للاستفادة من معلوماتهم.

7. الاستعانة بوسائل الإعلام المختلفة في توعية المواطنين بالإجراءات التي يجب أن يتبعوها لحماية أنفسهم وأموالهم كذلك توعيتهم بالجرائم التي تحدث وكيفية التصدي لها.

8. الاستعانة بالمصادر السرية الموثوق بها من مخبرين سريين أو الثقاة في الإرشاد عن الجرائم التي تحدث ولم يبلغ منها أو مرتكبي الجرائم.

9. تكثيف الجهود في مجال تنفيذ الأحكام وضبط الهاربين حيث أن تنفيذ الحكم محصلة جهود مضنية لرجال الشرطة في التوصل لمرتكبي الجرائم.

ثانيًا: القضاء على الظاهرة الإجرامية: يعد القضاء على الظاهرة الإجرامية ضرورة أمنية واجتماعية ويتم ذلك من خلال ما يلي:

1. المتابعة المستمرة للمسجلين الخطرين والمفرج عنهم من السجون والوقوف على وسائل معيشتهم مع التركيز على النوعيات التي تمارس نشاطًا إجراميًا مماثلاً لذات النشاط الإجرامي في الظاهرة الإجرامية.

2. النشر عن المسروقات التي استولى عليها مرتكبو الظاهرة من متحصلات جرائمهم لدى المتعاملين في التحفيات (تجار المصوغات الذهبية – تجار الأجهزة الكهربائية – تجار التحف)، وتوعيتهم بظروف الظاهرة وتجنيدهم للإرشاد عن المتهمين عند عرض المسروقات عليهم.

3. الاستفادة من الآلات التي قد يعثر عليها في بعض حوادث الظاهرة أو التي قد تخلى عنها الجناة، وتحديد صناع هذه الأدوات، أو المصانع والمحلات التي تقوم بتصنيعها أو بيعها في محاولة للتوصل إلى مرتكبي هذه الظاهرة.

4. تجنيد المصادر السرية المختلفة الموثوق بها من اجل الحصول على اية معلومات تؤدي للوصول الى الجناة. 

ختاماً نسأل الله أن يحفظ بلدنا آمنا مستقراً خاليا من الجريمة والظواهر الجرمية، وأن يوفق رجال الأمن فيه لتحقيق ما نصبو إليه من أمن واستقرار.

?akrammashhadani@yahoo.com


مشاهدات 876
أضيف 2022/06/13 - 5:06 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 4:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 330 الشهر 9801 الكلي 10052945
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير