الجذر التاريخي للتجسس على الأشخاص
حسين الصدر
-1-
جاء في التاريخ :
انّ ابا مسلم الخراساني أوكل ( لأبي الجهم بن عطية ) مهمة التجسس على المنصور .
وبتعبيرهم ( كان ابو الجهم عَيْناً لابي مسلم على المنصور )
وحين أحس المنصور بذلك اتخذ قراره بالتخلص مِنْ أبي الجهم بن عطية.
-2-
والسؤال الآن :
كيف تم التخلص منه ؟
والجواب :
تحدّث المنصور مع أبي الجهم طويلا حين عطش فاستسقى ( اي طلب انْ يشرب شيئا يُذهب عنه العطش )
فدعا المنصور بِقَدحٍ من سويق اللوز فيه السم ، فما بلغ ابو الجهم داره حتى مات، وموتُ ابي الجهم بشربِهِ لسويق اللوز ( الشراب الطيب السيء العاقبة ) على يد المنصور شاعت أخباره وأصبح مثلا وانعكس ذلك في الأدب العربي حتى قال القائل :
تجنبْ سويقَ اللوز لا تَشْرَبَنَّهُ
فَشرِبُ سُويقِ اللوزِ أودى أبا الجَهْمِ
أودى : اي قتل
-3-
وهذا النص يكشف عن أمرين خطيرين :
أولهما :
انّ زرع الجواسيس في أروقة السلاطين والرؤساء ليس شيئا جديداً ، وانما هو معروف منذ قرون بعيدة .
الجديد هو التطور التكنلوجي في وسائل التجسس .
وهذه لم تكن موجودة عند الأقدمين يقينا .
ثانيهما :
ان المنصور واضرابَه مِنَ الطواغيت كانوا لا يتورعون عن اجتراح جرائم القتل بالسم وغيره متى ما أدخلوا أحدَاً في قوائمهم السوداء خلافا لكل الموازين الشرعية والانسانية والاخلاقية والاجتماعية والحضارية .
انّ عقوبة ابي الجهم ليست القتل .
وكان يمكن التخلص منه بطرده عن البلاط العباسي ومنعه من الوصول الى المنصور ، إلاّ انّ الطغيان والاستبداد كانا وراء استحلال المحرمات .
وهكذا هو نهج الطغاة في كل العصور والساحات .
-4-
وقد ورث (القائد الضرورة) المقبور كل ما كان للطغاة السابقين من وسائل دموية ارهابية ، وزاد عليها فهو رمز الاجرام الاكبر ، وصاحب المقابر الجماعية التي دفن فيها الاحرار والحرائر وهم احياء .
-5-
ان مدرسة اهل البيت (ع) هي المدرسة الوحيدة التي لا تسمح لابنائها باختراق الخطوط الحمراء حتى مع أشد الاعداء والمناوئين .
وما صنعه المنصور مع أبي الجهم شجع ورثته من الحكام الطواغيت على الاقتداء به في انتهاك الحرمات والتنكر لحقوق الانسان .
وهنا تكمن المصيبة .