الإهتمام بالمعلومات الزائفة
عدنان سمير دهيرب
يشكل البحث عن الحقيقة في شتى القضايا و المواقف التي تواجه المجتمع والانسان ، أحد التحديات النبيلة للباحثين و المفكرين و الفلاسفة .
وأذا كان ذلك التحدي مقتصراً على المهتمين في ميدان المعرفة و الارتقاء بالانسان إزاء التخلف و الغيبيات و سلب الحرية التفكير و قمع حرية التعبير التي سادت خلال حقب زمنية ، و أماكن مختلفة . فأن الحقيقة التي يمكن أحتسابها اليقين الذي يتغطى بحجب ثقيلة لأسباب عديدة و جهات مختلفة تعمد على لجمها و اخفائها بقصد السيطرة على وعي الانسان أو إشاعة (الوعي المعلب ) بوصف هربرت شيلر، فهي مازالت تسير بخطى وئيدة ، بالرغم من التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم ، لاسيما في وسائل الاعلام الاجتماعي الذي أضحى أداة اتصالية مهمة في ظل التنافس السريع و الفوري لنشر المعلومات و تغطية أخبار الحوادث و الوقائع ، إضافة لما تحمل من آراء و أفكار في القضايا السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ، و كل ما له علاقة بأهتمامات الفرد و الجماعة.
غير أن هذه الوسائل أكدت رغبة المتلقي في عدم الاهتمام بالحقيقة و المصداقية التي تعُد أحد عناصر الصحافة و الاعلام ، فهو يهتم بالاخبار المضللة ، و ربما يعود ذلك الى الاثارة و المبالغة التي تلامس خيال المتلقي ، فقد كشفت دراسة جديدة أشارت اليها صحيفة واشنطن بوست الامريكية قبل بضعة أيام ، أن الاخبار الزائفة على فيسبوك حصدت زيارات أكبر بست مرات من تلك الزيارات للاخبار الحقيقية . وأن ناشري الاخبار المعروفين بتقديم معلومات مضللة حصلوا على6 أضعاف عدد الاعجابات و المشاركات و التفاعلات على منصة فيسبوك مقارنة بما حصلت عليه مصادر إخبارية جديرة بالثقة مثل شبكة سي إن إن .
وهذا السلوك يشير الى قدرة الناشرين على اعتماد سياسة التلاعب بالعواطف والعقول ، يسب معرفتهم بميول الجمهور و التأثير على إتجاهاتهم من خلال اللحظية و السرعة في نشر الاخبار سريعة الاختفاء ، لاتترك أثر اً مع تنافس وسائل اتصالية لاشخاص وجهات ذات اتجاهاتهم مختلفة و نشاط جم يسهم في عملية التضليل باعتماد الاخبار المجتزأة و الاثارة في نقل الاحداث و تصوير الشخصيات ، لاسيما أثناء فترة الانتخابات ، فهذا الوقت يتيح التأثير على المستخدمين ومعرفة حاجاتهم الاساسية ، وكيفية كسب أصواتهم ، ليس في الجوانب المادية فحسب و إنما في إثارة الخلافات العقائدية و الايديولوجية ، باستدعاء المنظومات الموروثة لصناعة وعي يتكيف مع جهات منظورة و أخرى غير منظورة مما يفقده القدرة على الحكم و التصرف السليم في إختياراته .
إذ إن الناس تنبهر في شكل الاخر الذي يظهر مخفياً بقناع الفضيلة و الجمال و الرأي المخاتل المزيف بعيداً عن الحقيقة ، التي تظل تعاند الواقع على الظهور و لو بعد حين.