تحالف كردستان والمسؤولية الوطنية والديمقراطية
ستران عبد الله
يتساءل المواطن العراقي المتابع لمجريات العملية الانتخابية، عن برنامج وخطط تحالف كوردستان الذي تشكل بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير للانتخابات النيابية التي من المقرر ان تجري في العاشر من الشهر المقبل.
وهذا التحالف تشكل بين الحزبين الذين يملكان اصولاً تأريخية مشتركة في يوم 20/6/2021 كتحالف وحيد على مستوى اقليم كوردستان.
ان تحالف كوردستان يعمل من أجل تنشيط السياسة الكوردستانية في بغداد ودعم الاستحقاقات القومية والديمقراطية.
بالاضافة الى المطالب الكوردستانية المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها عن طريق تنشيط الحل السياسي وتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، أننا نعي المهام الجسيمة الملقاة على عاتق تحالف كوردستان وعلى عاتق القوى الوطنية على مستوى العراق كله من أجل تصحيح مسار العملية الديمقراطية والعودة الى الثوابت الدستورية.
وقد شهدت السنوات الماضية تراجعاً واضحاً في مسار التقدم الديمقراطي لايتناسب مع واقع تناوب العملية الانتخابية وتطلعات الشعب العراقي الديمقراطية، ونحن نعتقد بان الثوابت الدستورية تحمل حلولاً ناجعة للكثير من المشاكل العويصة في العراق وتجاهل تلك الثوابت هو جزء من الازمة الحالية وتفاقم الاحتجاجات الشعبية، وليس العكس كما يحاول البعض تصوير الامر على غير حقيقته.
الدستور هو العقد الاجتماعي بين العراقيين جميعاً بكل مكوناتهم واطيافهم، وليس صحيحاً ان نلقي بكل اللوم على المبنى الدستوري الذي كان اساس العملية السياسية في عراق مابعد الديكتاتورية، فالعيب هو في التنصل من الدستور وليس في تطبيقه.
وإزاء تطلعات المواطنين انتخابياً فنحن في تحالف كوردستان ندرك مسؤلياتنا الوطنية والديمقراطية من حيث الاستجابة لتطلعات الشعب في تحسين المعيشة وتوفير فرص العمل للشباب.
من مهامنا الاساسية ستكون تعزيز الهوية الوطنية العراقية الغنية والمركبة والتي تضم كل الاطياف بعيداً عن المسميات الطائفية والمذهبية بل وحتى المسميات ضيقة الافق قومياً ممن يفضل اصحابها بعض العواصم الاقليمية على بغداد عاصمتنا الاتحادية والمكان الطبيعي لازدهار السياسة الكوردستاني المسؤولة.
عاصمة دستورية
بالنسبة لنا كتحالف كوردستان ليست هناك مفاضلة بين بغداد كعاصمة دستورية لمشاكلنا الوطنية وبين العواصم الاقليمية التي لاتستجيب قط للواقع الكوردي في داخلها، فكيف ستستجيب لتطلعات الكورد في العراق؟، ونحن نرى أن الحل الامثل لاربيل كعاصمة سياسية لاقليم كوردستان هو الحوار البناء والمثمر مع بغداد والحراك السياسي العراقي وليس هناك مجال للمفاضلة بين بغداد وأنقرة أو أي عاصمة اقليمية اخرى فيما يخص الخيار الكوردستاني.
تحالف كوردستان يملك طاقات متميزة بين مرشحيه وسوف يقود بعد فوز القائمة حواراً بناءاً مع القوى العراقية في مجلس النواب المقبل والحكومة المقبلة من أجل ترسيخ أستحقاقات شعب كوردستان في الموازنة وفي الالتزام المتبادل بالمسؤوليات المشتركة، فمصدر خلافات كوردستان مع بغداد في السنوات الماضية هو الاستقطاب بين الطرفين والناتج في جزء منه حول التباري في التنصل من المسؤوليات المتقابلة والمشتركة.
تحالف كوردستان يريد أن ينعش رؤية كوردستانية أصيلة بنى عليها الرئيس مام جلال رؤيته الوطنية الواسعة حيث كان يشمل بنظرته الثاقبة كل المكونات والاطياف السياسية دون الاخلال بتوازن العلاقة مع جميع المكونات.
كان الكورد الفيليين ومازالوا جزء من اصيلاً من نسيج الحركة الوطنية الكوردستانية والحركة الديمقراطية في العراق معاً هم في القلب من النضال الوطني لشعبنا العراقي ضد الاضطهاد القومي والمذهبي الذي طبعه النظام الديكتاتوري السابق. ان مكاسب الكورد الفيليين في العراق الديمقراطي الجديد لاتتناسب قط مع تضحياتهم الوطنية سواء في صفوف الحركة الكوردية او داخل نضالات الشعب العراقي والتيارات الديمقراطية على مستوى الوطن بشكل عام. فما يزال الكورد الفيليين يعانون من التهميش والاقصاء السياسي وكل مكاسبهم تتخلص في الانعتاق من النظام الديكتاتوري دون ان يعقب ذلك دور ما لهم في المنظومة السياسية الجديدة في العراق.
ان تحالف كوردستان سيدشن سياسة جديدة لدعم الحراك الفيلي في بغداد وكل انحاء العراق على قاعدة مفاهيم مام جلال وادبيات تحالف كوردستان بوصفه تحالف الاتحاد الوطني وحركة التغيير.، كحزبين عرفا بمواقفهما الوطنية والديمقراطية وحزينهم المييز في هذا الصدد
ان الكورد الفيليين يمثلون تعدد الهوية العراقية بأزهى صورها وهم يشكلون جسرا للتواصل البناء بين الكورد والشيعة في مرحلة ترميم العلاقة التأريخية بين مكونات الشعب العراقي.
أن أهمية العملية الانتخابية تكمن في غموضها وعدم قدرتنا على توقع نتائجها، فالثابت ان التوافق على اجراء الانتخابات المسماة بالمبكرة في موعدها المحدد يبشر بالخير. ولايمكن استبعاد توافق اقليمي ودولي على اجرائها ولكن يبقى الخيار عراقيا ومخرجات العملية الانتخابية ستكون عراقية حتماً.
عملة سياسية
هناك تصارع بين قوى سياسية معروفة قادت العملية السياسية منذ 2003 وقوى ناهضة انبعثت من الحراك الجماهيري تحاول ان تحتل لها مكاناً تحت الشمس، ان تحالف كوردستان كممثل قوي لشعب كوردستان عليه ان يجد له موطئ قدم ثابت بين كل هذه التوجهات المختلفة ويحتفظ برؤياه الخاصة حول مستقبل العملية السياسية في بغداد بغض النظر عن نسبة التمثيل الكوردستاني، فالكورد يستطيعون بطروحاتهم الواقعية المستمدة من تجربة المعاناة ومخاص الكثير من النجاح و(البعض من الفشل) ان يعودوا الى واجهة العملية السياسية كما كانوا في عهد الراحل مام جلال.
وتأسيسا على هذا التفاؤل بتحمل هذه المسؤولية الكبيرة وامتدادا لنجاح تجرية قباد طالباني في ادارة ملف الحوار الأقليم مع المركز التي افضت الى التوصل الى اتفاق غير مسبوق حول الملفات العالقة في الموازنة السنوية للعراق الاتحادي ، فقد وضع التحالف ثقته بطالباني لقيادة هذا التحالف.
سيستمر هذا التحالف بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير بعد الانتخابات ككتلة ديمقراطية فاعلة تحاول ان تجذب النخب الكوردستانية في بغداد وتقدم طروحات ديمقراطية تخدم المواطن كوردستانيا وعلى مستوى العراق ككل.