الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 وفق قانون رقم 1 لسنة 2010.. إختصاصات مجلس حماية المستهلك

بواسطة azzaman

 وفق قانون رقم 1 لسنة 2010.. إختصاصات مجلس حماية المستهلك

صفاء الشمري

 

مما لا شك فيه أن تنصيب مجلس حماية المستهلك  يهدف بالأسـاس إلـى رفع مستوى الوعي الاستهلاكي وحماية المستهلك وبالتالي ضمان حماية كافة عناصر العلاقة الاستهلاكية وضـمان التوازن فيما بينها، بما فيها حماية مصالح المستهلك الذي يعتبر الحلقة الأضعف في هذه العلاقة، كما يبرز ذلك من أحكام القانون المتعلق بالحماية الذي جـاء ليضـع أسس قانون الحماية للمستهلك والقواعد التي من شأنها تنظيم الممارسات وتصرفات كل من المستهلك والمجهز والمعلن .

وبأستقراء مختلف الأحكام التي جاء بها قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 ، نجد أن  المشرع قد أوكل للمجلس نوعين من الاختصاصات، ذات طـابع استشاري و رقابي وذات طابع ردعي .

أولا: الوظيفة الاستشارية للمجلس   :

يتمتع المجلس بصلاحيات استشارية في مجال حماية المستهلك ، فالقانون خولـه هـذه الوظيفية التي تؤهله للقيام بهذا الدور تحقيقا لأهدافه في حماية المستهلك ، حيث له أن يبدى رأيه بشأن نصوص مشروعات القوانيين ذات العلاقة بنشاطه أو حول المسائل التي لها صلة بحماية المستهلك  .

وتُعد الاستشارة أمام المجلس وسيلة في متناول جميع المشاركين فـي الحيـاة الاقتصادية والاجتماعية داخل الدولة، ابتداء من السلطة العامة إلى المواطن البسيط عبر جمعيات المستهلكين والجمعيات المهنية والنقابية وغيرها من الأشخاص التـي لها أن تستشير مجلس الحماية حول الأمور التي لها علاقة بحماية المستهلك ، لذلك يبـدى المجلس رأيه في كل مسألة ترتبط بالاستهلاك إذا طلبت منه الحكومة ذلك، كما يستشار في كل مشروع نص تشريعي أو تنظيمي له صلة بعمله والنشاط الاستهلاكي .

والاستشارات التي يقدمها المجلس نوعان فهناك استشارات اختيارية وأخـرى إجبارية كما سيأتي تفصيله :

1 - الاستشارات الاختيارية(الجوازية):

وحسـب نص المادة - 5 - أ- الفقرات أولا – وثانيا- من القانون   تكـون الاستشارة اختيارية من طرف الحكومة، الجماعات المحلية، و الهيئات الاقتصـادية والمالية، والمؤسسات والجماعات والجمعيات المهنية و النقابيـة، وكـذا جمعيـات المستهلكين، كما للهيئات القضائية المختصة طلب استشارة المجلس لمعالجة القضايا المعروضة عليها والمتعلقة بالممارسات الخاصة بحماية المستهلك .

كما يتمتع المجلس بسلطة اتخاذ القرار و الاقتراح وإبداء الرأي بمبادرة منه أو بطلب من الحكومة أو كل طرف آخر معني، بهدف تشجيع وضمان الضبط الفعال للسوق ورفع الوعي  الاستهلاكي .

كما أتاح القانون للجهات القضائية أن تطلب رأي المجلس في القضايا المتصلة بالممارسات المقيدة لحماية المستهلك بغرض معالجتها، فالهيآت القضائية تبقي غير ملزمة باستشارة المجلس بمناسبة قضية معروضة عليها ترتبط أساسا  بحماية المستهلك ، وهذا الشرط الأخير يعد ضروريا حتى يتسنى للجهة القضائية طلب استشارة المجلس لأنه لا يمكن أن نتصور جهة قضائية معينة تتولى طلب استشارة المجلس دون أن تكون هناك دعوى مرفوعة أمامها بقصد الفصل فيها

استشارات اجبارية

كما يقوم المجلس في إطار ممارسة مهامه بتوطيد علاقات التعاون والتشاور وتبادل المعلومات مع سلطات الضبط.  وعموما يمكن أستشارة المجلس من قبل المصالح التابعة لرئاسة الحكومة وكذا الوزارات والبلديات والمؤسسات الاقتصادية كالبنوك سواء كانت من القطاع العام أو من القطاع الخاص، أما مدى أخذ السلطة طالبة الاستشارة بمضمون هذه الاستشارة من عدمها فإن ذلك يتعلق بالأثر المترتب على قيام الهيئة الاستشارية باختصاصها وهذا الأثر ليس له علاقة باختصاص كل من الهيئة مصدر الاستشارة أو السلطة طالبة الاستشارة فكل منهما له عمل مستقل عن الآخر

2- الاستشارات الإجبارية(الإلزامية) :

تكون استشارة المجلس علي سبيل الإلزام في حال اتخاذ تدابير تحديد هوامش الربح و أسعار السلع و الخدمات أو تسقيفها أو التصديق عليها وذلك بناءا على اقتراحات القطاعات المعنية ومنها مجلس حماية المستهلك  وذلك بغرض تثبيت استقرار مستويات أسعار السلع و الخدمات الضرورية أو ذات الاستهلاك الواسع في حالة اضطراب محسوس للسوق، ومكافحة المضاربة بجميع أشكالها و الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك، كما يمكن اتخاذ تدابير مؤقتة لتحديد هوامش الربح و أسعار السلع و الخدمات أو تسقيفها، حسب الأشكال نفسها، في حالة ارتفاعها المفرط وغير المبرر، لاسيما بسبب اضطراب خطير للسوق أو كارثة أو صعوبات مزمنة في التموين داخل قطاع نشاط معين أو في منطقة جغرافية معينة أو في حالات الاحتكار الطبيعية.ونرى إن استشارة مجلس حماية المستهلك الإلزامية تكون بغض النظر عن إمكانية الأخذ برأي المجلس من عدمه سواء في الحالة التي يستشار فيها المجلس من قبل الحكومة بشأن مقتضيات تشريعية أو تنظيمية تخص الحماية ، أو في الحالة التي يستشار فيها المجلس بشأن وضع تدابير حددها المشرع على سبيل الحصر كالتي من شأنها الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك، وتسقيف الأسعار بالنسبة للسلع الأساسية في حالة اضطراب السوق، ومن هنا يبرز الدور الكبير للمجلس في حماية مصالح المستهلك سواء من خلال الاستشارات الاختيارية أو الإجبارية.

ثانيا: الوظيفة الردعية للمجلس:

بالإضافة إلى الدور الاستشاري للمجلس يتمتع كذلك بصلاحية أساسية تتمثل في اتخاذ القرارات إزاء الممارسات الماسة بحماية المستهلك ، وقبل أن يصدر المجلس قراراته ضمن الجلسات التي يحددها لهذا الغرض تتخذ أمامه إجراءات خاصة، تخوله في ذلك مختلف النصوص القانونية والتنظيمية صلاحيات مختلفة كإجراء التحقيقات وتوقيع الجزاء الهدف منها ردع المخالفين الذين يمارسون أعمال منافية للحماية المقررة للمستهلك  .

1- صلاحية القيام بالتحقيقات  : بعد تدوين القضية لدى لجان التفتيش في المجلس ، تأتي مرحلة التحقيق والتي يسندها رئيس المجلس إلى لجان التفتيش التي تتكون من أعضاء حسب الاختصاصات ذات العلاقة بشؤون حماية المستهلك ، وأثناء التحقيق يتمتع المقررون بسلطات واسعة مقررة لهم بموجب قانون المنافسة، لهم حرية الدخول إلى المحلات التجارية و أماكن الشحن و التخزين، وذلك بحضور صاحب المحل، كما يمكن لهم تصفح جميع المستندات التجارية، المالية، والمحاسبية، ومن جهة أخرى لا يمكن للعون الاقتصادي أن يمنع المراقبة بحجة السر المهني .

وما يلاحظ على هذا القانون أنه لم يحدد طبيعة الوثائق التي يمكن أن يطالب بها أعضاء لجان التفتيش، وهذا يعني أن له المطالبة بأية وثيقة ولكن لا يجب التوسع في تفسير سلطة طلب الوثائق بل يجب أن يكون ذلك دقيقا ومضيقا ، وإضافة إلى فحص الوثائق وحجزها كما يمكن للمقرر دعوة أطراف القضية التي يفحصها إلى الإجابة على أسئلته، وله سماع أشخاص في محضر يوقعونه وفي حالة رفضهم التوقيع يثبت ذلك في المحضر .

وقوع ممارسات

يبقى على المجلس أن يعمق التحقيق من أجل إثبات بما لا يدع مجالا للشك وقوع الممارسات والأفعال المحظورة، وهكذا ندرك أن عبئ إثبات هذه الممارسات يقع عليه، وهذا مبدأ تقليدي في قانون المرافعات ونقل إلى مجال تطبيق قانون حماية المستهلك .بعد النهاية من التحقيق الأولي يتم وضع تقرير ختامي للقضية يسجل فيه ما أورده لجان التفتيش في التقرير الأول ويبين المخالفات المرتكبة ويقترح القرار الذي يتعين اتخاذه ثم يودع لدى المجلس ليبادر بعده الرئيس مهمة تبليغ الأطراف مع تحديد الجلسة التي يتم الفصل فيها في القضية.

ويتم تبليغ القرارات التي يتخذها المجلس إلى الأطراف المعنية لتنفيذها عن طريق محضر.

2- صلاحية توقيع الجزاءات  :

إذا خلصت التحقيقات التي يقوم بها المجلس عن الأفعال التي أخطر بها، وأنها تشكل إحدى الممارسات  التي فيها تهديد أو أنتهاك لحماية المستهلك ، فإن المجلس يملك سلطة قمع هذه الممارسات بتوقيع جزاءات مالية ضد الأطراف المعنية، إلى جانب سلطته في إصدار أوامر لوقف هذه الممارسات.

 يتمتع مجلس حماية المستهلك  بصلاحيات جزائية واسعة ، حيث خصه المشرع بسلطة إيقاع جزاءات مالية، ويكون تقديرها حسب طبيعة المخالفة المرتكبة.

 ويعتمد المجلس في ذلك على معايير متعلقة لاسيما بخطورة الممارسة المرتكبة، والضرر الذي لحق بالاقتصاد الوطني، والفوائد المجمعة من طرف مرتكبوا المخالفة، ومدى تعاون المؤسسات المتهمة مع المجلس خلال التحقيق في القضية وأهمية وضعية المؤسسة المعنية في السوق .

فيعاقب على الممارسات المهددة او المنتهكة للحماية بغرامة حددتها المادة 10 أولا – وثانيا.

وللمجلس  إقرار غرامات في حق المؤسسات التي قدمت معلومات خاطئة أو غير كاملة أو تهاونت في تقديمها في آجالها المحددة .

من خلال كل ما سبق يمكن القول بأن المستهلك هو أكبر متضرر من انعدام الحماية أو تقييدها، لأن ترك نظام السوق تحركه ممارسات عشوائية يؤدي إلى الإخلال بقواعد الحماية، وما يستتبع ذلك من آثار ضارة على المستهلك، فالرقابة التي يمارسها المجلس  تصب في صميم مصلحة المستهلك رغم المآخذ التي وجهت له في عدم تفعيل عمله على أرض الواقع.

فمجلس  حماية المستهلك هو الضابط الحقيقي و الرئيسي للسوق، بحيث يتولى السهر على احترام قواعد الحماية و النزيهة وبالتالي حماية المستهلك، كما أناط القانون العراقي بمجلس الحماية عدة صلاحيات و اختصاصات تمكنه من الناحية المبدئية من أداء مهامه، لكن الحقيقة الراسخة في الميدان تجعل من هذه الأحكام مجرد حبر على ورق نظرا لعدم توفر العناصر الأساسية لبناء سوق منظمة و مضبوطة سواء من حيث تأطير عمل و نشاط المتعاملين الناشطين فيها، أو من حيث الظروف و الوسائل التي يستلزم أن تتوفر فيها و ينتج عن ذلك أن الهيئات المكلفة بالضبط و التنظيم لا تتحكم في الأوضاع المعروضة في كل حالة و كل مناسبة، مما يجعلها غير فعالة و غير فعلية.

إن تحقيق المجلس لأهدافه ينعكس بالإيجاب على نمط عيش المستهلك وعلى قدرته الشرائية، إذ يعد المستهلك أول المستفيدين من الاقتصاد التنافسي، نظرا لما يتوفر له من حرية اختيار من حيث الجودة ومن حيث السعر، مما يجعله أقدر على التحكم في موارده وفي سلوكه الاستهلاكي، وقيام المجلس بدوره سواء ما تعلق بالدور الاستشاري أو الردعي هو حماية إضافية للمستهلك إضافة للحماية التي تمارسها الأجهزة الأخرى بمختلف اختصاصاتها.

*دكتوراه فلسفة في القانون العام

القسم الاداري

كلية القانون - جامعة بغداد

أستاذ القانون العام - جامعة التراث - Al-Turath University

متخصص في قضايل الاستثمار وحقوق المستهلك


مشاهدات 81
الكاتب صفاء الشمري
أضيف 2025/01/11 - 1:32 AM
آخر تحديث 2025/01/11 - 10:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 499 الشهر 5280 الكلي 10095245
الوقت الآن
السبت 2025/1/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير