الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قلعة شيروان مازن التاريخية عند تخوم جبال بارزان

بواسطة azzaman

مشاهدات من كردستان (3)

قلعة شيروان مازن التاريخية عند تخوم جبال بارزان

رعد أبو كلل الطائي

أنا بطبيعتي ومنذُ نعومة أظافري كنتُ أعشق منطقة أقليم كوردستان العراق وشوقي لها يوصف، حتى عندما كنتُ أُسافرُ اليها يتغيّر مزاجي وطبيعتي وأحسُ بجمال طبيعتها وهوائها النقي العذب الصافي، وبسكون فضأتُها بعيداً عن اجواء التلوث وضجيج وصخب وازدحامات العاصمة بغداد.

قمم الجبال

ومن هذا المنطلق أشتقتُ لجولةٍ أنطلقُ بها إلى قلعة شيروان مازن عند تخوم قمم جبال ومرتفعات بارزان عند المثلث العراقي التركي الإيراني، فحملتُ أوراق مُذكراتي قاصداً وجهتي، ومن مراَب نقل المسافرين الشمالي في أربيل أستقليتُ مركبة صالون وسلكتُ الطريق السريع الشمالي إلى وجهة سفري، الناحية تبعد عن مركز أربيل 180 كم، وبعد اجتياز نفقي بير مام أسفل جبل بيرمام وميراوة عند تخوم ناحية حرير وباطاس اصبحتُ أمام مرتفع عارضة سبيلك، وقبل اكمال تسلق العارضة شاهدتُ مفترق طريقين، فنعطف السائق إلى يمين الطريق والذي يؤدي إلى قلب جبال ومرتفعات بارزان المؤدية إلى قلعة شيروان مازن، أما الطريق الثاني الذي يقع على يسار المفرق، فهو يذهب إلى محافظة دهوك، وبعد مرورنا إلى قلب جبال وقمم ومنحدرات بارزان، هذا الطريق صعب وصفه بدقة وتظهر الطبيعة الخلابة وكأنك في عالم آخر وتعكُس أجواء ساحرة، إذ تلتقي قيم الجبال الشاهقة مع الغيوم فيما تنساب الوديان في تناغم هو الآخر ساحر، وتبرز جمال الطبيعة لتنافس أرقى الوجهات السياحية العالمية مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق المغامرة والأسترخاء وسط أجواء طبيعتها الثلجية التى لا تنسى فجمال وروعة مشاهده الأخاذة، شكلت لوحات وروضات خضراء مُزينة بالزخارف والأحراش وبغابات الصنوبر والجوز المنتشرة في قمم جبال وسفوح المرتفعات فيما تجد بجانب هذه المناظر لوحات أخرى هي فاتنة وجميلة لأشجار الفواكه والكروم والزيتون والحمضيات بأنواعها تفترش على طول الطريق، كما ترى من نافذة المركبة بيوت ومجمعات قرى حديثة مبنية بجمالية وبواجهات مصبوغة بتشكيلات ألوانٍ زاهية ملائِمة لطبيعة المنطقة الجبلية، في حين تشم  روائح عطرة وطيبة تفوح وتنبعث في المنطقة من خلال  الغابات الخضراء وأشجار التوليب والقرنفل والجوري والبنفسج والأقحوان التي تغطي وتكسو معظم مساحات المنطقة، هذه التحفة الربانية من المشاهد الخلابة كلها تتكرر على طول الطريق المؤدية إلى قلعة شيروان مازن، ولا تكاد أية بقعة من هذا الطريق بأتجاه القلعة لا تخلو من هذه المناظر والمشاهد الطبيعية.

وبعد سير استغرق اكثر من ثلاثة ساعات، لاحت أمامُنا قلعة شيروان مازن مُطلةً على جبل (سه خته)، الذي سُميَتّ  قلعة شيروان مازن بأسمه وتُحيط بها من جوانبها كافة جبال (بوتين وموسكه وهوكل وكوفند وجارجل) بينما مساكنها هي الأخرى مُطلةً على المرتفع الجبلي، وتكسوها الغابات والأحراش الخضراء وأشجار الصنوبر والجوز والسُماك وحبة الخضراء والفاكهة بأنواعها، وللوصول إليها لا بد ان نعبر ممر مائي كان أمامنا، هذا الممر يسمى (جسر جامه)، وهو عبارة عن نهر صغير ومياههُ وفيرة وبعرض 100 مترٍ، يقلُ ويتسعُ عرضهُ حسب الموسم المطري وأُنشئ جسر قديم على ضفتيه، وحسب ما يقول أهالي المنطقة إنه بعد افتتاح منفذ زيت الحدودي الجديد سيتم إنشاء جسر جديد، وبعد اجتيازنا الجسر تسلقنا المرتفع الذي تغفو عليه قصبة شيروان مازن وقلعتها، سرنا بطريق مبلط وحديث وبعد مسير ربع ساعة كنا وسط قصبة شيروان مازن، عروس كوردستان ودورها منظمة ومرتبة ونظيفة  ومغطاة بمادة القرميد وبألوان زاهية تُلائم المنطقة الجبلية وتحيطها روضات من البساتين والأحراش الخضراء وغابات من ألأشجار المعمرة منها أشجار الصنوبر والجوز واللوز والرمان والكروم والزيتون والحمضيات بأنواعها وتدلو من هذه الأشجار ثمارها من كل صوبٍ وصوبٍ في أرجاء الناحية.

وناحية شيروان مازن التي تبعد عن المعبر الحدودي العراقي التركي (منفذ زيت) بمسافة 13 كم تُعد من القصبات المهمة في أقليم كوردستان ومن أوائل النواحي التي تأسست في العراق إذ يعود تأريخ تشكيلها كناحية إلى عام 1890م في عهد الدولة العثمانية، وأطلق عليها في بداية تأسيسها أسم ناحية مزوري بالا، وتتبعها أكثر من 70 قرية قبل ترحيل سكانها وتقطنهُا عشائر كبيرة من  الشيروانيين والمزوريين والكَرديين والهركيين، وكانت تتبع إدارياً إلى قضاء زيبار ومركزه (بيره كبره) وهذا القضاء كان يتبع حينها سنجق الموصل في زمن الدولة العثمانية، وتم تعيين أول مدير للناحية في العهد العثماني وهو عصمان أفندي، وفي عام 1933 اُلحقت الناحية بقضاء بلى وأخيراً وفي خمسينيات القرن الماضي تم ارتباطها بقضاء ميركسور التابع لإدارة سوران المستقلة (قضاء ديانا سابقاً).

وتم افتتاح أول مدرسة إبتدائية في الناحية عام 1935م وكان أول معلم تم تعيينه في المدرسة هو ملا أنور المائي ومن تلامذة المدرسة الأوائل  حينها الخال المرحوم فائق مامند طاهر شيرواني وكان من المتميزين الأذكياء في المدرسة حسب قول سكان الناحية، كما اُفتتحَ في الناحية أول مركز  للشرطة عام 1934م وتم بناء قلعة للمركز، ويذكر إن والد كاتب هذا الاستطلاع كان المرحوم الحاج عبد الجبار جواد محمود أبو كلل الطائي قد شغل في عام 1942م منصب مأمور مركز شرطة الناحية ومدير المحطة اللاسلكية الحدودية فيها.

عيد نوروز الكبير

وعلى ضوء ما تقدم أقول: إن 90 بالمائة من أهالي قصبة شيروان مازن هم يسكنون خارجها، وتراهم يسكنون في مركز مدينة أربيل وفي قضاء بحركة وآخرون في منطقة إدارة سوران المستقلة وتوابعها وفي قضائي صلاح الدين وشقلاوة، في حين يقصدون مساكنهم في مركز ناحية شيروان مازن خلال مواسم الربيع والخريف وفي المناسبات والأعياد، منها في عيد نوروز والذي يُعتبَر من الأعياد الكبيرة والمهمة عند إخواننا الكورد، وهذا العيد يفسرونه على إنه انتصار كاوا الحداد على الظلم والطغاة قبل الآلاف من السنين.


مشاهدات 146
أضيف 2025/01/04 - 12:25 AM
آخر تحديث 2025/01/06 - 5:25 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 348 الشهر 2634 الكلي 10092599
الوقت الآن
الإثنين 2025/1/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير