الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ماذا ينتظرنا في 2025 ؟

بواسطة azzaman

ماذا ينتظرنا في 2025 ؟

منقذ داغر

 

1. دوري المشاريع

لم أتعود تدوين توقعاتي السياسية للعام الجديد لعلمي أن السياسة ليست علماً فيزيائياً يمكن حصر متغيراته والتنبؤ بسلوكها. لكن النصف الثاني من العام الجاري 2024 راكم كماً كبيراً من المتغيرات التي لم تنتهي سلسلة تفاعلاتها للآن مما يؤهل 2025 -وربما الأعوام التي تليه-ليكون عام الحصاد. لا أقصد بالحصاد المعنى الإيجابي كما قد يتبادر للذهن، وإنما أقصد نتاج ما تمت زراعته خلال السنوات السابقة وبالأخص نتاج النصف الثاني من 2024. لقد شهدت الأشهر القليلة الماضية تغيرات رئيسة لثلاث مشاريع ظلت تتنافس،بل وتتصارع لسنواتٍ مضت وتستقطب كل القوى الإقليمية والدولية في منطقتنا. ستشهد 2025 تحولات كبرى في هذه المشاريع الثلاث ومحاولات محمومة من قبل كل الأطراف لدفع أو أيقاف عجلة التغيير بما يعظّم من مصالحها ويقلل من خسائرها. سيشمل دوري المشاريع الذي لم ينتهي سوى نصفه الأول في أعتقادي الصراع و أو التنافس بين:

1. سقوط أو ترميم المشروع الإيراني.

2. توسع أو استثمار المشروع الإستيطاني.

3. بروز أو تقهقر المشروع العثماني.

سقوط أو ترميم المشروع الإيراني

لا شك أن عام 2024 وجّه ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة والذي ظلت إيران تطوّره وتستثمر فيه طيلة العقدين الماضيين. لقد ترجمت إيران مفهومها لتصدير الثورة الى مشروع تصدير القوة. أستثمرت إيران في أتجاهين رئيسين بعدما قرأت بشكل صحيح واقع المنطقة بعيد أحتلال العراق في 2003. تمثل الإتجاه الأول بالواقع الجيو إستراتيجي والثاني في الواقع الجيو ديموغرافي.

1) أستثمار أحتلال العراق. لقد كان واضحاً أن المشروع الأمريكي لن يقف عند حدود العراق،وأن رياح التغيير السياسي ستمتد،على الأقل،للجوار المباشر له (سوريا وإيران) سواء كان ذلك نتيجة تدخل أمريكي مباشر في ذلك الجوار أو نتيجة عوامل الحث والتأثير الإزاحي لنظامَي هذين البلدَين. لذا لم يتردد هذين النظامين في التعاون لتحويل العراق وتجربته (الأمريكية) الى دولة فاشلة سواء من خلال دعم التمرد الداخلي،أو أثارة الصراع الطائفي،أو خلق ودعم كيانات وتنظيمات سياسية وعسكرية تبتعد عن الولاء للدولة الجديدة وتكون امتداداً للمحور الإيراني-السوري-اللبناني والذي ترجع بداياته الى ثمانينات القرن الماضي لكن تضاعفت الجهود لتعزيزه بعد احتلال العراق. لقد عملت دول الجوار العربي،بجهل استراتيجي كبير،على مساعدة هذا المحور النامي لتحقيق غايته في عراقٍ فاشل ومتصارع. فلم تكتفِ بمقاطعة النظام العراقي الجديد-تحت ذرائع وتقديرات خاطئة- بل زادت في الطين بلة بإنخراطها المباشر في تغذية الحرب الطائفية من جهة ودعم كل ما من شأنه إضعاف الحكومة المركزية في بغداد. وهكذا سكبت هذه السياسة العربية قصيرة النظر الزيت على النار التي أوقدها المحور الإيراني-السوري-اللبناني في العراق.

أإوهام وتصورات

وأعتقدت دول الجوار العربي (مخطئةً) مدعومةً بأوهام وتصورات أذرعها في العراق بأن خلق عراق فاشل قد يؤدي الى أقناع الأميركان أو القوى التي ساندت الأحتلال بأن أعادة احتلال العراق أو أسقاط نظام حكمه الجديد ما تزال ممكنة!! وتم استثمار هذه القطيعة العربية للعراق من جهة، وقطيعة(السنة) للعملية السياسية من جهة أخرى بملء الفراغ المؤسسي والتشريعي والسياسي والأمني الذي تركه سقوط النظام العراقي السابق ببدائل أمنية وسياسية وتشريعية تخدم غايات هذا المشروع الإيراني الصاعد. وحتى حين قررت دول الجوار العربي أن سياسة مقاطعة العراق هي سياسة لا تخدم مصالحها الإستراتيجية وأن من الضرورة أن يكون لها صوت في العراق (الجديد) فقد أعتمدت مقاربة مصلحية ضيقة تقوم لا على التوافق مع بغداد والتعامل معها، بل على أختيار مندوبين-جُباة أقنعوها بأنهم يمكن أن يكونوا مؤثرين في العملية السياسية بأتجاه يخدم مصالح تلك الدول. ونظراً لسوء أختيار هؤلاء الجُباة من جهة،وتغلغل التأثير الأيراني من جهة أخرى فقد كان للتدخل العربي في العراق عواقب سلبية أكبر بكثير من فوائده مما عمّق من الفراغ السياسي ليس في بغداد فقط وأنما في المناطق التي تم أحتلالها من داعش فيما بعد.وفي النهاية بات العراق الذي تمكن من أن يتعافى تدريجياً-لأسباب لا مكان لتفصيلها الآن- ضلعاً أساسياً من أضلاع المحور الإيراني وداعماً مهماً له، بدلاً من أن يكون مصداً وحاجزاً كما أرادته القوى العربية المؤثرة في المشهد الجيو سياسي. ولم تكتفِ هذه السياسة العربية قصيرة النظر بالعراق فقط، بل أمتدت لتشمل فلسطين مُهديةً المحور الإيراني إضافة جديدة تمثلت بحماس التي لم تجد ملاذاً سوى هذا المحور الإيراني لتلجأ له. ثم جاء الربيع العربي ليضيف بعداً جديداً تم أستثماره أيرانياً في أعقاب سقوط النظام اليمني من خلال دعم ميليشيات الحوثي لتصبح اللاعب اليمني الأول هناك.

هذا فضلاً عن أستثمار الثورة الشعبية في سوريا لدعم نظام الأسد وضمه رسمياً لما سمي بمحور المقاومة. ومع مزيد من الأستثمارات في أصولها العسكرية داخل أيران وفي المنطقة المجاورة لها،باتت أيران مشروعاً سياسياً ممتداً ودائم الأتساع الى الحد الذي جعلها اللاعب الأقليمي الأول في المنطقة.

ولكي تستثمر هذا البعد الأستراتيجي لتصدير قوتها،فقد لجأت ايران للاستفادة من البعد الديني الطائفي كونه أحد أهم مصادر القوة النتعمة التي سنستعرض تأثيرها في مقال قادم.

 


مشاهدات 52
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2024/12/28 - 12:47 AM
آخر تحديث 2024/12/28 - 4:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 323 الشهر 12320 الكلي 10068415
الوقت الآن
السبت 2024/12/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير