عاملات فرنسيات
افراح شوقي
التقينا بعد سنوات من المواعدة والاتفاق والتأجيل، وفي كل مرة يكون ارتباطها بالعمل هو المانع، تقول صديقتي الصحفية القادمة من مدينة كان الفرنسية، والتي اضطرت للعمل في مطعم لتحضير الوجبات السريعة، بعد مغادرتها العراق، «لو كنت اعرف ان العمل في فرنسا صعب هكذا ماكنت فكرت بمغادرة الوطن، ولكنت صبرت على خربطات حكوماته وتقلبات احواله،وعجاجه وتصدر الجاهلين والمنتفعين منصاته الرسمية وغير الرسمية، صديقتي تدرك مااريد قوله لكنها استطردت وواصلت حديثها « هل تصدقين اني نسيت انوثتي هنا» وتابعت قائلة « مرت فترة طويلة لم اضع كحل العيون الازرق الذي احبه ، وحذائي ذو الكعب العالي اتفرج عليه فقط حالما افتح خزانة الاحذية كل صباح لالتقط الحذاء الرياضي السريع وانطلق للعمل خشية ان يفوتني مترو المحطة، الحياة تبدا فجرا والسماء لاتزال مظلمة وينتهي مساءا عندما يكون الظلام قد غطى المكان كله.
عموما ، وتحت مبدأ المساواة، تبدو صور النساء العاملات هنا في فرنسا مختلفة تماما عنها في العراق ، فشروط الحصول على سكن بسيط مرهون بعقد العمل، كما ان ساعات العمل طويلة تتجاوز السبع ،مشحونة بالعمل الحقيقي ونسب الانجاز لامجال للتراخي او التاجيل، واي تأخير يعني خصومات من المرتب والاستغناء عن خدماتك في حال تكررت.
محطات القطار والمتروات ، تعج كل صباح بحركتهن الدؤوبة ، نساء وفتيات مسرعات لايعرن اهمية لما يرتدين ، المهم ان يكون دافئا ومريحاً, معظمهن يحملن وجوه شاحبة وباردة لااثر للميكاج فيها، ولا اثر كذلك لحقن البوتكس والفيلر ، ولا الشفايف المنفوخة ؛ هنا يمكنك ان ترى جزءا من الجمال الطبيعي الذي يكاد يختفي من الشرق الاوسط ,لكن النساء الفرنسيات ذكيات وحريصات ايضا ، فبعد مجهود الاسبوع، يعوضن مافاتهن في عطلهن الاسبوعية او حتى خلال الاعياد والمناسبات، فنراهن حريصات على الاناقة والشياكة والعطور المميزة لقضاء امسيات ممتعة مع الاصدقاء.