رحلة الأنصاري مع الإخراج تنطلق مع (أدّبته الحياة): حبي للسينما يجعلني أبحث عن الكتب لتعريف مفهوم كتابة السيناريو
عبد القادر الدليمي
يقول المخرج الإذاعي مهند الأنصاري (حبي للسينما جعلني أبحث عن الكتب لقراءة مفهوم كتابة السيناريو .و فيلمي الأول (أدبته الحياة) كان دراسة عملية. وتحولت الى الإخراج الإذاعي لأسباب خاصة). هو مهند عبدالصاحب علي الأنصاري المولود في 1/7/1939 في مدينة الكاظمية ببغداد، والمتوفي في شهر كانون الأول من عام 2000، لم يكمل دراسته الإبتدائية لكنه كان نهم القراءة بحيث يقرأ كتابًا كل يوم. كان الانصاري يسكن في حي السلام ببغداد قريبًا جدا عن بيتنا، جائني يومًا الى بيتنا وطلب مني حضور فيلمه الأول (أدبته الحياة) وقد كنت مستغربًا جدا وسألته ومتى بدأت بإخراج فيلمك هذا؟ أجاب سأحدثك فيما بعد ، وفعلًا حدثني عن مراحل إنتاج وإخراج الفيلم بالإشتراك مع صديقه الطيب عدنان الصراف وكان مهند قد سافر الى إيران لطبع وتحميض فيلمه وكانت أشبه بقصص أجاثا كرستي، وهنا سألته ومن كتب القصة والسيناريو أجابني كنت قد قرأت قصة للكاتب الكبير (الخليلي) وأنا كتبت السيناريو. وسألته وأين سيعرض الفيلم؟، قال مهند: (في سينما ريجنت في الصالحية)، ويوم العرض ذهبنا أنا وهو الى السينما وجلسنا سوية وبعد لحظات قال لي سأذهب للحمام وأعود ولم يعد حتى نهاية عرض الفيلم ، وكان فيلمًا قصيرًا فيه روح التربية ولم أشاهد مهند لأيام معدودة. بعد هذه المدة الطويلة التي أمتدت من عام 1956 وهي عرض فيلمه الأول لغاية عام 1957 حييته وسألته ماذا عندك اليوم يامهند؟ أجابني عندي تمثيلية إذاعية ولا أعرف كيف أصل الى الإذاعة؟. قلت له حدثني عن تمثيلتك الإذاعية ماهو موضوعها وما هو العنوان الذي أعطيته لها؟ أجابني هناك إمرأة تعطي وصفات شعبية للناس بدلًا من الطبيبات المختصات وأعطيتها عنوان (وصفة المجنونة) فأجبته موضوع مهم، أعطني يومين وسوف أعطيك الخبر فرح مهند وأخبرني بأنه هيأ كافة الممثلين، وكان نسيبي زوج أختي يسكن في مدينة المأمون وهو صديق جدا لجاره الأستاذ عمو زكي الموظف في المصرف الزراعي، المهم أتصل به وذهبت أليه وأخبرني بأن لديه جمعية ممكن تقديم هذه التمثيلية بإسمها وهكذا كان لمهند وأنا الدخول للإذاعة عام 1957 وعملت معه كمساعد مخرج، والسؤال الآن من هم الممثلين الذين إشتركوا في هذه التمثيلية؟ السيدة أم جمال وهي من أخواتنا الفلسطينيات وهي والدة الفنانة الراحلة مي جمال (زوجة الفنان الكبير الراحل فؤاد سالم)، الفنان الراحل الأستاذ مهدي الصفار، وآخرين، ومن هنا دخلنا لإذاعة بغداد، وبعد هذه التمثيلية أخبرني الانصاري بأنه يعد لإخراج فيلم سينمائي جديد أطلق عليه عنوان (نافذة على الحياة) وبدأ العمل به ثم توقف فجأة لعدم وجود منتج يمتلك أموالًا.
فرقة فنية
في عام 1959 جائني مهند لاهثًا وأخبرني بأننا سوف نؤسس فرقة فنية وسيكون معنا ناس مهمين جدا وقلت له ومن هم هؤلاء المهمين؟ أجابني، الأستاذ سجاد الغازي ونهاد الطائي وأنا وأنت وشخص آخر ، وفعلًا حصلنا على الإجازة وأجرنا شقة صغيرة في منطقة باب الأغا، ولم نستقر كثيرا حتى إنتقلنا الى منطقة الكرخ في عمارة والد الصديق الفنان التشكيلي الكبير موفق الطائي. وواصلنا تقديم أعمالنا الإذاعية والتلفزيونية وفي المسرح أيضًا وتعرفنا على مجموعة من الفنانين أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر ، الفنان الراحل قاسم محمد و محسن العزاوي والراحل طه سالم والراحل صادق علي شاهين وآخرين كثر سواء الذي إنتمى للفرقة التي أطلق مهند الانصاري عليها إسم (فرقة الفنون الشعبية) وبعد حوالي شهرين من الثامن من شهر شباط عام 1963 سافر مهند الى الكويت وهنا سألته لماذا الكويت؟ أجاب من أجل المادة، وبدات أعمل بأسمي وإنتقلت الى عمارة مجاورة. وبعد حوالي السنة أو أكثر طلبني مهند أن أحضر للكويت وفعلًا بعد مدة سافرت الى الكويت وأستقبلني مهند وقدمني لمسؤولي الإذاعة والمخرجين العاملين هناك وأذكر منهم المخرجين علي الزفتاوي، خالد الرندي ، سليمان المنصور وبقيت أعمل لأكثر من سنتين بعدها غادرت الى ألمانيًا للدراسة ومن هناك كنت مراسلًا لمجلة (أضواء الكويت) وكنت أكتب حقلًا عنوانه (أشياء وأشياء من برلين) يكتبها عبدالقادر الدليمي، وفي العام 1991 كان مهند في إجازة الى بغداد حيث الأهل والأصدقاء صدر أمرًا رئاسيًا بتعينه مديرًا لإذاعة بغداد، وقدم العديد لخريطة البث الإذاعي من برنامج وتمثيليات كانت من إعجاب مستمعي إذاعة بغداد، وبعد مدة قدم طلبًا لإنتاج البرامج المسجلة على أشرطة والخروج من منصب مدير إذاعة بغداد، بعدها كان يمر بأزمة قلبية حتى توفاه الله (سبحانه وتعالى) لكن مهند لم يمت لكون جميع أعماله الفنية باقية في ذاكرة المستمعين في ومعظم الدول العربية.