الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشعب يعشق دولته

بواسطة azzaman

الشعب يعشق دولته

امير علي الحسون

 

في ظل واقع سياسي معقد ومتشظٍ، يظل الشعب العراقي محبًا لفكرة الدولة المتماسكة، رغم ما تشهده الساحة من نزاعات حزبية وقومية وعرقية ومذهبية. هذه التفرعات لم تكن وليدة طبيعة المجتمع، بل أفرزتها نزعات السلطة لدى غالبية الأحزاب والقوى السياسية.

ورغم النجاحات الملحوظة التي حققتها الحكومة الحالية، لا سيما في مجال السياسة الخارجية وتعزيز العلاقات الدولية، بالإضافة إلى إنجازات استراتيجية مثل التعداد السكاني، إلا أن صراع الزعامات السياسية، المبني على خلافات المصالح والنفوذ، لا يزال يسحب البلاد بعيدًا عن مفهوم الدولة الموحدة نحو واقع السلطات المتنازعة.

في هذا السياق، جاءت تحذيرات المرجعية الرشيدة لتسلط الضوء على خطورة المرحلة الراهنة. فقد أكدت المرجعية على أهمية اتخاذ القرار العراقي محليًا، ومكافحة الفساد الإداري والمالي، إلى جانب وصايا أخرى تحمي مفهوم “عراق الدولة”،ومع ذلك ورغم الادعاءات العلنية بالإذعان لتوجيهات المرجعية، فإن أغلب المواقف المعلنة من قبل القوى السياسية تظل خاضعة لمنطق التسويف والتسويق الإعلامي، دون ترجمة فعلية لهذه التوجيهات.بل إن الواقع يعكس إصرارًا من بعض القوى على ترسيخ المحاصصة السياسية وسن قوانين تخدم مصالحها الحزبية. هذه القوى لا تراهن على بناء دولة متماسكة ومنتجة، بل تقتات على الفوضى والفساد المنظم.وللأسف، يسيطر على المشهد الإعلامي رأي عام مسيّر من قبل تلك القوى السياسية المتصارعة، حيث يتم تغييب الحقائق عن الشعب، يغيب الإعلام الحقائق المتعلقة بالصراعات الداخلية والأيديولوجيات والاتفاقات السرية التي تسعى لتعظيم المصالح الحزبية على حساب الدولة.ومع كل هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على حكمة ومكانة المرجعية الرشيدة في العراق والمجتمع الإسلامي والدولي، والتي تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على مفهوم الدولة. كما يرافق ذلك رهان على وطنية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي يقود حكومة تسعى لتعزيز مفهوم الدولة المتماسكة، رغم أنها تواجه عراقيل معقدة يغذيها تشظي البيت السياسي.ورغم سيطرة الانتهازيين والفاسدين على كثير من مفاصل القرار السياسي والتنفيذي والإعلامي، إلا أن هناك جهودًا وطنية تبذلها الحكومة بالتوازي مع إعلام وطني صادق، يسعى لتشخيص الواقع وكشف مكامن الخلل.ويبقى التحدي الأكبر هو إعادة ترسيخ مفهوم الدولة المتماسكة والقوية، بدلًا من سلطة القوى المتنازعة. وهذا يتطلب مواجهة شجاعة مع الفساد والمحاصصة، وإعلاء صوت الحكمة والوطنية فوق المصالح الضيقة، كي ينجح العراق في ابراز دوره كدولة متكاملة تخدم شعبها وترتقي بمكانتها بين الأمم.

 

 

 


مشاهدات 18
الكاتب امير علي الحسون
أضيف 2024/11/23 - 1:21 AM
آخر تحديث 2024/11/23 - 5:27 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 108 الشهر 9579 الكلي 10052723
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير