جيوسياسية منطقة الشرق الأوسط والستراتيجية الأمريكية
نادية الجدوع
منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة استراتيجية في النظام العالمي
اذ ليست هناك بقعة في العالم تعادل نفس أهمية هذه المنطقة، فهي التي كانت ولا تزال مطمعاً لقوى خارجية، تنفذ أجنداتها الداخلية
وأرضاً للصراعات وساحة لتداخل الأجندات واللاعبين أيضاً سواء على المستوى الداخلي المحلي أو الإقليمي أو العالمي، ورغم ذلك تظل منطقة الشرق الأوسط وفية لتاريخها المضطرب وهو ما يتجلى في الفترة الراهنة التي تتخبط فيها الكثير من الدول في الصراعات والأزمات وانعدام الاستقرار وتشمل على وجه الخصوص الضغائن الإيديولوجية والطائفية والتوترات ما بين إسرائيل والعرب، والصراع ما بين إسرائيل والفلسطينيين ومسألة الهويات الدينية والثروات الطبيعية، إضافة إلى تدخلات القوى الأجنبية وتكالبها على مقدرات المنطقة.
لضمان انسيابية موارد الطاقة ضمن مستويات إنتاجٍ مناسبة، وأمن الحلفاء من التهديدات المختلفة.
لضمان البترول حيث يمتاز بانخفاض تكاليف إنتاجه نظراً لارتفاع معدلات الانتاج وقلة عمق الآبار وارتفاع نسبة النجاح في اكتشاف البترول.
إذ تعتبر من أكثر المناطق تعرضاً للصراعات المسلحة في عصرنا الحديث
- الغاز الطبيعي وهو يعد أيضاً من أهم مصادر الطاقة، حيث إنه وبعد الحرب العالمية الثانية استطاعت أميركيا أن تفوز ببترول وغاز الشرق الأوسط، واستطاعت أن تحصر المد الروسي بعيداً عن الشرق الأوسط
تسهيلات عسكرية
حيث أصدرت الإدارة الأميركية عام 1948 ما عرف بمبدأ ترومان الذي يقوم على تقديم مساعدات اقتصادية ومعدات عسكرية أميركية لدول المنطقة التي تتعرض لتهديد إلى جانب التفوق الأميركي بعد ذلك من خلال تدعيم الوجود العسكري بصورة شبه دائمة في المنطقة من خلال القواعد والتسهيلات العسكرية المتقدمة في المناطق المتاخمة للاتحاد السوفييتي، ودعم دور الأسطول السادس الأميركي في البحر الأبيض المتوسط على اعتبار أنه عنصر مهم من عناصر الدفاع عن الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى تعزيز التفوق الاستراتيجي لإسرائيل باعتبارها أداة استراتيجية في المنطقة وللشرق الأوسط مع الحروب إذتعتبر من أكثر المناطق تعرضاً للصراعات المسلحة في عصرنا الحديث، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حروباً وأزمات مديدة وعديدة منذ عدة عقود، بعضها حروب دارت بين دول عربية ودول غير عربية كالحروب العربية المتتالية ضد إسرائيل، والحرب العراقية الإيرانية الطويلة التي استمرت ثماني سنوات، لكن بعض هذه الحروب والأزمات قد وقعت بين دول عربية كاحتلال العراق للكويت الذي أدى إلى حرب تحرير الكويت وغزو العراق وتدميرها لاحقاً بحجة امتلاكها أسلحة الدمار الشامل
وكذلك الحروب الحديثة في العديد من الدول العربية بعد العام 2011، والغريب هو أن هذه الحروب والأزمات التي كلفت دول الشرق الأوسط أثماناً باهظة يصعب حصرها، ولم تتمكن من حل المشكلة التي أشعلت لأجلها
وكذلك الحرب التي تدور في اليمن قد زادت من قوة الحوثيين . أما فيما يتعلق بالثورات العربية في ليبيا وسوريا واليمن فهي لم تنجح حتى الآن ولا تزال هذه الدول في حرب مدمرة.
إن ثبت أن شن الحروب وافتعال الأزمات في منطقة الشرق الأوسط لم ولن تحل المشكلات التي أشعلت لأجلها، فلماذا تستعر هذه المنطقة في حروب واحدة تلو الأخرى منذ أكثر من نصف قرن؟لعل أول ما يتبادر إلى الأذهان للإجابة عن هذا السؤال هي نظرية المؤامرة التي تلقي اللوم على الآخرين كلياً، وتتلخص في أن هذه المنطقة الغنية بالثروات النفطية والغازية وغيرهما تعيش تحت مؤامرة الدول الغربية العظمى التي تُشعِل الحروب في المنطقة لنهب ثروات هذه الشعوب وتعطيل عجلة تطور هذه الدول، لكن الواقع يشهد أيضاً خلافات عميقة بين دول المنطقة وما تتبعها من حروب كلامية طاحنة بين وسائل إعلامها فلماذا تُعزَى إلى الغرب حين تتحول إلى صراعات مسلحة.
تنويم الشعوب
وتدخل معظم الأزمات والحروب الجارية حالياً في منطقة الشرق الأوسط ضمن ما يسمى باستراتيجية تنويم الشعوب عبر حروب وأزمات عبثية، وهذه التكتيكات إن أتت كلها في السابق فلن تنجح في وقتنا الحاضر بسبب التغييرات الجوهرية التي طرأت في شعوب المنطقة التي لم تعد شعوباً بدائية وبدوية منغلقة على نفسها لتُصَدِّقَ الرواية الرسمية للحكومات في حروبه
ستستمر الولايات المتحدة في لعب دور، لكن قادتها، الديمقراطيين والجمهوريين قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن هناك حدوداً لنفوذ أميركا على الرغم من التمتع بتفوق عسكري ساحق
وفي الختام وبغض النظر عن التصعيد الحالي بين أميركا وإيران، فإن مسار السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بات واضحاً. ومن الممكن أن تتراجع الولايات المتحدة في نهاية المطاف عن منطقة الشرق الأوسط، وهذا سيؤدي إلى تصاعد المنافسة والتوترات بين الجهات الفاعلة الرئيسية فيها. وهذا يعني أيضاً أن احتمالية الحرب بين أبطال المنطقة ستظل مرتفعة. ستستمر الولايات المتحدة في لعب دور، لكن قادتها، الديمقراطيين والجمهوريين قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن هناك حدوداً لنفوذ أميركا على الرغم من التمتع بتفوق عسكري ساحق.
لم تكن الولايات المتحدة قادرة أو ربما لا تريد تحقيق نتائج سياسية دائمة ومستقرة في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن الأمر متروك للدول الإقليمية في الشرق الأوسط لاكتشاف توازن القوى الخاص بها. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الشرق الأوسط للأسف غير مستقر.
تحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة استراتيجية مهمة في النظام العالمي، حتى يخيل لك أنه ليست هناك بقعة في العالم تعادل نفس أهمية هذه المنطقة، فهي التي كانت ولا تزال مطمعاً لقوى خارجية، تنفذ أجنداتها مخالب داخلية، كما أنها ظلت على مدى تاريخها القديم والوسيط والحديث أرضاً للصراعات وساحة لتداخل الأجندات واللاعبين أيضاً سواء على المستوى الداخلي المحلي أو الإقليمي أو العالمي، ورغم ذلك تظل منطقة الشرق الأوسط وفية لتاريخها المضطرب وهو ما يتجلى في الفترة الراهنة التي تتخبط فيها الكثير من الدول في الصراعات والأزمات وانعدام الاستقرار والذي تتعدد أسبابه، وهي تشمل على وجه الخصوص الضغائن الإيديولوجية والطائفية والتوترات ما بين إسرائيل والعرب، والصراع ما بين إسرائيل والفلسطينيين ومسألة الهويات الدينية والثروات الطبيعية، إضافة إلى تدخلات القوى الأجنبية وتكالبها على مقدرات المنطقة. وقد تأثرت أهمية الشرق الأوسط الاستراتيجية بمجموعة من المحددات أهمها: أمن إسرائيل، وضمان انسيابية موارد الطاقة ضمن مستويات إنتاجٍ مناسبة، وأمن الحلفاء من التهديدات المختلفة.
كذلك فإن للشرق الاوسط أهمية اقتصادية كبيرة، وتعود أهميتها إلى:
- وجود البترول حيث يمتاز بانخفاض تكاليف إنتاجه نظراً لارتفاع معدلات الانتاج وقلة عمق الآبار وارتفاع نسبة النجاح في اكتشاف البترول.
للشرق الأوسط مع الحروب حكايات مؤلمة، إذ تعتبر من أكثر المناطق تعرضاً للصراعات المسلحة في عصرنا الحديث
- الغاز الطبيعي وهو يعد أيضاً من أهم مصادر الطاقة، حيث إنه وبعد الحرب العالمية الثانية استطاعت أميركيا أن تفوز ببترول وغاز الشرق الأوسط، واستطاعت أن تحصر المد الروسي بعيداً عن الشرق الأوسط، حيث أصدرت الإدارة الأميركية عام 1948 ما عرف بمبدأ ترومان الذي يقوم على تقديم مساعدات اقتصادية ومعدات عسكرية أميركية لدول المنطقة التي تتعرض لتهديد من جانب الشيوعية الدولية، إلى جانب التفوق الأميركي بعد ذلك من خلال تدعيم الوجود العسكري بصورة شبه دائمة في المنطقة من خلال القواعد والتسهيلات العسكرية المتقدمة في المناطق المتاخمة للاتحاد السوفييتي، ودعم دور الأسطول السادس الأميركي في البحر الأبيض المتوسط على اعتبار أنه عنصر مهم من عناصر الدفاع عن الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى تعزيز التفوق الاستراتيجي لإسرائيل باعتبارها أداة استراتيجية في المنطقة.
وللشرق الأوسط مع الحروب حكايات مؤلمة، إذ تعتبر من أكثر المناطق تعرضاً للصراعات المسلحة في عصرنا الحديث، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حروباً وأزمات مديدة وعديدة منذ عدة عقود، بعضها حروب دارت بين دول عربية ودول غير عربية كالحروب العربية المتتالية ضد إسرائيل، والحرب العراقية الإيرانية الطويلة التي استمرت ثماني سنوات، لكن بعض هذه الحروب والأزمات قد وقعت بين دول عربية كاحتلال العراق للكويت الذي أدى إلى حرب تحرير الكويت وغزو العراق وتدميرها لاحقاً بحجة امتلاكها أسلحة الدمار الشامل، وما نتج عنها من تفريخ الجماعات الجهادية وانتشارها في الشرق الأوسط، وكذلك الحروب الحديثة في العديد من الدول العربية بعد العام 2011، والغريب هو أن هذه الحروب والأزمات التي كلفت دول الشرق الأوسط أثماناً باهظة يصعب حصرها، ولم تتمكن من حل المشكلة التي أشعلت لأجلها، فإسرائيل لا تزال قوية رغم الصراعات المسلحة التي نُشِبت ضدها، والنظام الثوري الإسلامي لا يزال قائماً في إيران ولم يتمكن بدوره من الانتصار في حربه الطويلة ضد صدام حسين، وحرب الخليج الثانية وإن حررت الكويت، وما تمخض عنها من تمزيق العراق وتمكين إيران فيها، عكس ما كان يتصورّه كل عربي ساند غزو العراق، وكذلك الحرب التي تدور في اليمن قد زادت من قوة الحوثيين ودعم إيران لها. أما فيما يتعلق بالثورات العربية في ليبيا وسوريا واليمن فهي لم تنجح حتى الآن ولا تزال هذه الدول في حرب مدمرة.
إن ثبت أن شن الحروب وافتعال الأزمات في منطقة الشرق الأوسط لم ولن تحل المشكلات التي أشعلت لأجلها، فلماذا تستعر هذه المنطقة في حروب واحدة تلو الأخرى منذ أكثر من نصف قرن؟
ثروات نفطية
لعل أول ما يتبادر إلى الأذهان للإجابة عن هذا السؤال هي نظرية المؤامرة التي تلقي اللوم على الآخرين كلياً، وتتلخص في أن هذه المنطقة الغنية بالثروات النفطية والغازية وغيرهما تعيش تحت مؤامرة الدول الغربية العظمى التي تُشعِل الحروب في المنطقة لنهب ثروات هذه الشعوب وتعطيل عجلة تطور هذه الدول، لكن الواقع يشهد أيضاً خلافات عميقة بين دول المنطقة وما تتبعها من حروب كلامية طاحنة بين وسائل إعلامها فلماذا تُعزَى إلى الغرب حين تتحول إلى صراعات مسلحة؟
وتدخل معظم الأزمات والحروب الجارية حالياً في منطقة الشرق الأوسط ضمن ما يسمى باستراتيجية تنويم الشعوب.
عبر حروب وأزمات عبثية، وهذه التكتيكات إن أتت أكلها في السابق فلن تنجح في وقتنا الحاضر بسبب التغييرات الجوهرية التي طرأت في شعوب المنطقة التي لم تعد شعوباً بدائية وبدوية منغلقة على نفسها لتُصَدِّقَ الرواية الرسمية للحكومات في حروبها، أو يتم تخديرها من قبل علماء السلاطين الذين يقومون بِلَيِّ النصوص الدينية لتحويل حروب تنويم الشعوب إلى جهاد في سبيل الله.
ستستمر الولايات المتحدة في لعب دور، لكن قادتها، الديمقراطيين والجمهوريين قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن هناك حدوداً لنفوذ أميركا على الرغم من التمتع بتفوق عسكري ساحق
وفي الختام وبغض النظر عن التصعيد الحالي بين أميركا وإيران، فإن مسار السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بات واضحاً. ومن الممكن أن تتراجع الولايات المتحدة في نهاية المطاف عن منطقة الشرق الأوسط، وهذا سيؤدي إلى تصاعد المنافسة والتوترات بين الجهات الفاعلة الرئيسية فيها. وهذا يعني أيضاً أن احتمالية الحرب بين أبطال المنطقة ستظل مرتفعة. ستستمر الولايات المتحدة في لعب دور، لكن قادتها، الديمقراطيين والجمهوريين قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن هناك حدوداً لنفوذ أميركا على الرغم من التمتع بتفوق عسكري ساحق.
لم تكن الولايات المتحدة قادرة أو ربما لا تريد تحقيق نتائج سياسية دائمة ومستقرة في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن الأمر متروك للدول الإقليمية في الشرق الأوسط لاكتشاف توازن القوى الخاص بها. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الشرق الأوسط للأسف غير مستقر.