الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لي في لبنان قلب وعين

بواسطة azzaman

لي في لبنان قلب وعين

انتصار الحسين

 

في إحدى جامعات لبنان، افتتح مؤتمر علمي يناقش مواضيع تتعلق بمعجزات القرآن  وتطابق نصوصه مع اكتشافات علمية حديثة. وكان من بين الحاضرين أمجد،  شاب في نهاية العشرينات من عمره، بشارب أشقر ووجه أبيض وعيون ملونة، وقوام رشيق ولحية مزدانة ببعض الشيبات التي وهبته وقارًا وجمالًا. أمجد، إضافة إلى كونه معيدًا بالجامعة، هو مع خط المجاهدين في جنوب لبنان. وحين الحاجة، تجده ملثمًا يرتدي السواد ويشد على جبهته عصابة كتب عليها  «لبيك يا حسين»، ويمضي دون خوف  متقدماً الصفوف الأمامية. له مواقف كثيرة وشجاعته يُشار لها بالبنان. كذلك يعمل بالإرشاد الديني للمجاهدين.خلال عمله كمعيد بالجامعة، أعجب بفتاة من طلابه لشدة جمالها وخلقها وعفتها؛ فهي

أكمال دراسة

 لا تكاد تفتح عباءتها ودائمًا ما تمسكها بكلتا يديها كي لا يظهر من جسدها شيء.

زينب فتاة متدينة ومن عائلة معروفة بالجهاد، يعود نسبها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

 تقدم لخطبتها واتفقا على الزواج بعد إكمال دراستها. كانت الأمور تسير على ما يرام، ولكن

 في أحد الأيام، كان أمجد وزينب في اتصال يتبادلان الحديث وتعلو ضحكتهما، فقد كان أمجد مجازًا لعدة أيام ولم تره في الجامعة، وكانت تعبر له عن اشتياقها لرؤيته.

زينب: «أمجد، أنا مشتاقة إليك.» 

أمجد: «زينب، وأنا كذلك مشتاق لك. تعودت رؤيتك أمامي وأنا أشرح الدرس، ولكن عندنا إنذار.» 

زينب: «ما الأمر؟ هل السيد بخير؟» 

أمجد: «نعم بخير، لا تقلقي. لكن تعلمين أحداث غزة وتصريحات المقاومة اللبنانية تجعلنا دائمًا في خطر.» 

أمجد: «زينب، لو استشهدت ماذا ستفعلين؟ هل ستنسيني؟» 

زينب: أمجد، لا تقول هذا الكلام. ألف مرة أخبرتك أنه يؤلمني ولا أريد حتى التفكير بذلك.» 

أمجد: «لا عليك يا زينب. حتى لو استشهدت، لا تحزني وأكملي حياتك وتأكدي أني سأختارك في الجنة عروسًا لي حتى لو جئتِ عجوزًا ولديك تسع أولاد.» 

زينب: «أنا لن أكون عجوزًا.» 

أمجد: «قبلتي بالتسع أولاد ولم تقبلي أن تكوني عجوزًا! آه من غرور النساء.» 

زينب: «لا عجوز ولا أولاد، لن تستشهد.» 

أمجد: «إن شاء الله. في أمان الله.» 

زينب: «في أمان الله

وبعد ساعة كان أمجد يقوم بواجبه ولم يحس إلا وأن ريح قوية حارة تدفعه ونار تهب في وجهه. انفجارات كثيرة في أماكن تواجد المجاهدين أجهزة اللاسلكي بدأت تنفجر. قتلى وجرحى والمستشفيات امتلأت وانتشرت الأخبار. زينب تتصل وأمجد لا يجيب. اتصلت بأهل أمجد لكنهم أيضًا لا يستطيعون الوصول إليه.

بدأت زينب بالبكاء ولقلق توترت وهي تردد وتجول في الغرفة ذهابًا وإيابًا. أمجد كان يحدثني منذ قليل... أمجد مات!

بدأ أهلها يهدئونها. أخبرها أخوها أن ترافقه: «تعالي لنذهب للمستشفى ونستعلم الخبر فقد يكون مشغولاً بحمل الجرحى.» ذهبت زينب مع أخيها حسن تبحث في المستشفى فوجدوا المستشفى يعج بالناس جرحى وقتلى وكلمات «لا إله إلا الله» تعلو.

بحثت بين الجثث لم تجده فحمدت الله وبدأت تسأل وأخيرًا وجدته ولكن داخل غرفة العمليات. وقفت مع أخيها تنتظر وترفع يديها بالدعاء وأخيرًا خرج الطبيب.

ركضت نحوه زينب: «ما به أمجد؟» 

الطبيب: «أنا آسف.» 

صاحت زينب: «هل مات؟» 

الطبيب: «لا، لكنه فقد بصر أحد عينيه وإصابته خطيرة. يبدو أنه وضع الجهاز قريبًا من أذنه أثناء الانفجار فأصيبت أذنه بحروق شديدة وفقد عينه.» 

زينب: «الشكر لله. وهل هناك خطر على حياته؟» 

الطبيب: «لا جروح متفرقة ولكن ليست خطيرة.» 

زينب: «هل أستطيع الدخول لكي أراه؟» 

الطبيب: «لا ليس الآن

استغلت زينب الوقت وذهبت تساعد المرضى فالزخم كبير وهناك العديد من الأمهات يحتاجن لمواساة.

الجميع يضحك

 فأخذت زينب تذكرهم بما جرى لزينب عليها السلام وكيف صبرت وأن هذا قليل بالنسبة لما جرى لها والنساء اجتمعن حولها وتفاعلن مع حديثها بينما أولادهن تحت رحمة الله.

بعد ساعات نادى حسن: «زينب! تعالي استفاق أمجد.» دخلت زينب الغرفة قالت: «الحمد لله على السلامة.» 

أمجد: «سلمك الله. يبدو أني أتعبتكم.» 

حسن: «لا بالعكس فقط قلقنا عليك وزينب كادت تجن.» 

أمجد: «زينب أنا آسف جعلتك تخافين وتحزنين.» 

زينب: «أنت أنا وأنا أنت فكيف لا أحزن وأخاف؟» 

حسن: «نحن هنا

بدأ الجميع يضحك. أمجد قال: «أنا اليوم نلت وسام بفقد عيني أشعر أني حملت بعض من جراحات الطف وأحس أن أبا الفضل العباس عليه السلام احتسبني جندياً تحت لواءه.» 

زينب: «إن شاء الله ذلك محتسب عند الله

 لا عليك أنا عينك.» 

حسن: «أشعرتموني بالغيرة! متى أجد فتاة تحبني وتقدرني وتكون مثل خلق وتربية زينب

 بنتنا زينب لا تجعلني أستطيع الاختيار تحمل مميزات كثيرة أريد مثل هذه المميزات

زينب: «مع الأسف يا أخي لن تجد وتبا للتواضع!» ههه وهو يضحك

حسن :»في أمان الله. تحتاج شيئًا يا أمجد؟

امجد :مر على أمي ستجدها قلقة الآن.» أخبرها أن تأتي إليه. ذهب حسن ليخبر أم أمجد زوجة الشهيد التي ربت أمجد بمفردها بعد رحيل زوجها وقد زرعت فيه الإيمان والخلق الحسن.

وجد حسن أم أمجد تقف بالباب مع جاراتها يدعون بحفظ المجاهدين بعد أن سمعن بالانفجارات التي هزت لبنان. حسن قال: «أمي كيف حالك؟» 

أم أمجد: «أهلاً يا بني! هل حدث شيء لأمجد ليس من عادتك أن تزورني بمفردك؟» 

حسن: «لا يا أمي هو فقط مصاب وزينب معه

 في المستشفى.» 

أم أمجد: وقد غرقت عيناها بالدموع  «أخبرني هل استشهد ابني ارجوك!»  

حسن: «أقسم بالله يا أمي أنه بخير! احضري له بعض الملابس والفراش النظيف وتعالي لأوصلك له.»  

أم أمجد: «الحمد لله نحتسب مصابه عند الله

ذهبت أم أمجد وشاهدت ما يجري وأخذت تحوقل بكلمة لاحول ولاقوة إلا بالله.

دخلت إلى ابنها قبلت جبهته ويده ووضعتها على صدرها ورفعت عينيها قائلةً: «شكرًا لك يا الله حفظت وحيدي لي يا حافظ

ثم قبلت زينب ابنتي  «شكرًا لك لعنايتك بولدي اذهبي الآن وأنا سأبقى معه.»  

زينب: «لا سأبقى معه لن أترك أمجد!»  

أم أمجد: «كلتنا سنتعب اذهبي ارتاحي لديك دروس حين عودتك غدًا من الجامعة تعالي وأنا سأذهب للبيت أغير ثيابي وأرتاح وأعود لأبدلك حتى يأذن الطبيب بالخروج

زينب : «لا أستطيع تركه!»  

امجد :أذهبِ أمي محقة يجب أن تتبادلا

حتى خروجي! حضرلي طعاماً طيباً أريد أن آكل من يدك

بعد أسبوعين خرج أمجد من المستشفى وبدأت تشفى جراحه ولكي يخفي فقد عينه ارتدى النظارات وعاد لطبيعة حياته بينما الأوضاع تزداد تشنجاً وتعقيداً والاعتداءات الإسرائيلية تتكرر على الجنوب.

توالت الأيام وجاء اليوم المشؤوم باغتيال السيد  حسن نصرالله وعدة قادة من المقاومة.

وقع الخبر كالصاعقة على أمجد وزينب

 وأم أمجد التي كان زوجها من المقربين من السيد قبل استشهاده. عم الحزن في جنوب لبنان وبدت الردود من المجاهدين ترك أمجد الجامعة وذهب ليكون في الصفوف الأولى.

زينب التي تعشق حسن نصرالله لم تمنع أمجد وظلت تشد على يده وتخبره إن الحب لله أعظم والشهادة فخر وأنا لن أمنعك من الجهاد.

بدأت أم أمجد تحضر العدة لولدها بدأت الحرب تشتد البيوت تهدم والأطفال تشرد وقل الطعام أصبحت الأوضاع أقسى.

زينب توجهت للمستشفى للمساعدة في الإغاثة وكذلك توجهت  أم أمجد لمساعدة من تهدمت بيوتهم واستضافت عائلة لتسكن معها بعد هدم بيتهم من قبل الصهاينة.

وفي أحد الأيام

 بينما كانت أم أمجد تحاول إخراج رضيع من بين الركام انزلقت قدمها فقد ارتخى الركام بين قدميها ونزلت في حفرة لم يخرج منها سوى رأسها ويديها التي تحتضن الرضيع ثم هوى عمود كونكريتي فسقط بعض منه على رأسها فذهبت شهيدة بعد أن أنقذت الرضيع.

لم يستطع أمجد حضور جنازتها فهو بين المجاهدين وسط نيران العدوان والركام

 دفنت زينب وعائلتها أم أمجد

وقامت بواجبها واقامت لها عزاء بسيط وقراءة القرآن.

بينما كان أمجد وزملاؤه بين الخرائب والطيران فوقهم والغزاة حولهم وهم لا يتراجعون يأتوهم على غرة يحصدون أرواحهم ويزرعون الخوف في قلوبهم كما يزرعونه هم في قلوب الأبرياء بنداء يالثارات الحسين.

تمادى الكيان الغاصب وبدأ قصف كثيف وتهجير قررت عائلة زينب النزوح إلى العراق فما استطاعت زينب مخالفة أهلها وأمجد بعث لها مرسال أن اذهبوا فأنتم هناك بمأمن فإن أهل العراق أهلنا ولا تنسي الدعاء لي عند الحسين.

وصلت زينب إلى النجف الأشرف

وزارت الأمير علي عليه السلام وكان العراقيون يستقبلونهم بود ويقدمون لهم ما يشاؤون

في النجف الأشرف لكن عائلة زينب قررت الاستقرار في كربلاء المقدسة.

وحين وصول زينب إلى كربلاء وقفت بين الحرمين ونادت السلام عليك يا ذبيح الله وتوجهت إلى العباس وقالت السلام عليك يا عضد أخيك وحامل لواءه.

يا سيدي إنني تركت في لبنان قلب وعين تنادي باسم الحسين أوصتني أن أبعث لكم السلام فإن دعوت لها بالفلاح والفوز فلا فوز مثل الشهادة ولكني أدعو لها بثبات وسلامة

 فإن زينب عليها السلام ذاقت مرارة فقد الأهل والولد وسبيت ولكنها تركت أثرًا وأسست أساسا.

وأنا زينب أريد أن أسس مع زوجي أمجد عائلة قبل أن يستشهد

اريد أن أكون أما لأبطال يحملون اللواء بعد أبيهم

أسميهم حسين ،وعباس،

وحسن نصرالله، والسنوار أريدهم ذخراً للدين والمذهب.

فإن كان فيما أدعو خير فلا ترداني يا إمامي وسيدي كما أدعوكما بنصرة المجاهدين وتثبيت أقدامهم وحفظ لبنان وفلسطين فهم بعين الله.

 

 

 

 


مشاهدات 1162
أضيف 2024/11/01 - 9:22 PM
آخر تحديث 2024/12/26 - 12:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 427 الشهر 11496 الكلي 10067591
الوقت الآن
الخميس 2024/12/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير