معادلة الشرق وكيان جاء بقرار
جاسم مراد
لم تعد المعادلات واضحة حتى الان ، وقد تكون غير واضحة لزمن اخر ، فمشروع الشرق الأوسط ليس جديداً وإنما قد تبلور بشكل واضح في التسعينات من القرن الماضي ، على أن تكون إسرائيل من وجهة النظر الامريكية الإسرائيلية هي محور هذا الشرق عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ، كونها متقدمة في هذه المجالات في المنطقة ، ولأن الولايات المتحدة الامريكية هي الجهة الأولى الراعية والضامنة لإسرائيل ، وهي المؤثرة فعلياً في الشرق وعموم المنظمة الدولية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار التحالفات العسكرية للاتحاد السوفيتي ، ولكن رغم اختلاطات المواقف والحلول السياسية التي جرت بين إسرائيل والدول المجاورة بما فيها السلطة الفلسطينية إلا إن الكيان الإسرائيلي لم يلتزم بحدود تلك الاتفاقيات ولم يتفاعل سلمياً مع تلك الاتفاقيات ، وتنصل تماماً عن الاتفاقيات مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وظلت شهية التوسع والاستيلاء على الأراضي وإقامة المستعمرات حتى وصل المستوطنون في الضفة الغربية وحدها اكثر من مليون وربع المليون من المستوطنين في الأراضي الفلسطينية التي كان حسب الاتفاقات الانسحاب منها وادارتها من قبل السلطة الفلسطينية .
ونتيجة لهذا الموقف التوسعي الإسرائيلي ، فأنه ظلت العلاقة مع إسرائيل متشنجة مع الدول العربية وغير مرغوبة اصلاً مع الشعوب العربية وهي رافضة اصلاً التعايش مع هذا الكيان كونه غريب عن هذه الأرض ولكونه ايضاً كياناً توسعيا عنصرياً رافضاً لكل المشاريع التي طرحت بما فيها المشروع العربي الذي صاغته المملكة العربية السعودية لمؤتمر القمة العربية في بيروت عام 1982والذي تضمن الأرض مقابل السلام .
مقبرة للغزاة
هذا الوضع بما فيه التراكمات النضالية العظمى للشعب الفلسطيني منذ اكثر من ( 76) عاماً افرز اشكالاً جديدة من الكفاح الوطني لحركة التحرير الفلسطينية العربية وكان في المقدمة منها ثورة طوفان الأقصى التي شكلت مرحلة متقدمة من النضال الفلسطيني ورسمت خارطة جديدة في سلم المواجهة ، وأكدت بأن الشعوب هي التي تصنع المعجزات ، فطوفان الأقصى اكد بأنه رغم إمكانيات العدو الضخمة وقواته التي يهدد بها كل المنطقة انهار ببعض من المقاتلين الفلسطينيين بقيادة حركة حماس الباسلة ورفاقها من المقاتلين ، ومرت سنة كاملة ونحن في السنة الثانية لم يتمكن نتن ياهو وحكومته البربرية الفاشية من تحقيق أهدافها في غزة فلا استطاع تحرير الاسرى الإسرائيليين ولا السيطرة على غزة ولا القضاء على حماس حتى لو استشهد السنوار أو غيره فالمقاومة لا تتوقف ، وهذا يؤكد بأن إسرائيل التي احتمت بأمريكا عسكريا وتسليحيا وتخطيطيا وتمويليا وتكنلوجيا ومساعدات الكثير من دول الغربية وفشل فشلاً واضحا ، اللهم إلا بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والمواطنين العزل وتدمير البنى التــــــــــــــحتية ، إذن فشل العدول الإسرائيلي ومعه أمريكا إلا بقتل اكثر من ( 41) الف مواطنا ثلثهم من الأطـــــــــــفال وجرح 67 الف ، هذا الوضع يكشف بلا منازع بأن العالم بكل تكويناته الأممية لا يساوي (عفطة عنزه) وهو عالم لا أخلاقي ولا انساني ولا يحترم قراراته ، وإلا كيف نفسر استمرار قتل الأطفال وتجويع النساء وهو ينظر بقلوب باردة وعيون جافة ما يجري في غزة .
الشرق الأوسط
وعلى وفق هذه الوقائع تدخلت المقاومة الإسلامية في لبنان الى جانب غزة ، وتمكنت على مدى اكثر من سنة من إيقاع افدح الخسائر في صفوف جيش الاحتلال وطرد اكثر من ( 100) الف مستوطن من أماكنهم وبسبب فشل الاحتلال في غزة دار أسلحته الى لبنان وتدور الان معارك طاحنة على الحدود وقصف العديد من مدن ومعسكرات العدو داخل فلسطين المحتلة ، ونحن مقتنعون رغم الخسائر الكبيرة بين قيادات حزب الله وفي المقدمة سقوط القمر الأول السيد الشهيد حسن نصر الله ، بأن هذه المعركة ستكلف إسرائيل الكثير ولم تحقق أهدافها ومنها عودة المستوطنين الى ديارهم بل سيزداد اعداد أخرى في أماكن أخرى وسيكون الانتصار مكتوب للمقاومين وهذا ما حدث في أعوام ( 2000 و2006) وغيرها من المنازلات الاخرى .
إذن ماذا يعني الشرق الأوسط الجديد الذي طرحة نتن ياهو خلال العدوان على لبنان وأكدت الدوائر الامريكية ذلك ، يعني ذلك شرق بقيادة إسرائيل وامريكا خال من كل اشكال الحقوق للشعب الفلسطيني وخال من كل المقاومات الوطنية في المنطقة وخال أصلا من شيء اسمه فلسطين ، وبالتالي تصبح إسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة هو السائد ولا شيء غيره وان جمهورية ايران الإسلامية ستكون الهدف التالي ، ولكن على وفق المقدمات التي انهزمت بها أمريكا في معظم معاركها في فيتنام وفي الصومال وفي أفغانستان وفي 2011 العراق كما انهزمت إسرائيل في فلسطين وغزة تحديدا في اكثر من مواجهة .
كيان جاء بقرار
هنا تثبت الوقائع إن الشرق الأوسط الإسرائيلي لم ولن يتحقق والمعارك لازالت في بداياتها ، وسنرى كيف تدور الدائرة وكيف يتصرف نتن ياهو بعد هذه حساب نتائج المعارك على الحدود اللبنانيه وفي غزة والضفة الغربية ومحاور القتال الأخرى ، صحيح يستطيع ان يدمر بالسلاح الأمريكي المدن ويقتل الالاف من الأطفال ، لكنه لا يستطيع ابداً وقف تداعيات الكفاح على كيانه ، وتبقى أمريكا رهينة للفكر الصهيوني مكروهة في المنطقة ومنبوذة من شعوبها إذا لم تغير من سلوكها الاحتلالي وتعترف بحق الشعوب العربية وفي المقدمة فلسطين بالحرية والاستقلال .
مهندس الاقصى
فإسرائيل كيان غريب زرع في منطقتنا العربية انشأ بقرار وسيزول بقوة الكفاح ، ولعل اعتراف الرئيس الفرنسي ماكرون عند مخاطبته ل نتن ياهو حينما قال ( إسرائيل أنشئت بقرار الأمم المتحدة وعليها أن تلتزم بقرارات الأمم المتحدة ) هذا القول الحقيقة اثار غضب الصهاينة في إسرائيل ، لكنه بين بأن المحتل الذي جاء بقرار الأمم المتحدة سيزول مثلما زالت كل الاحتلالات في التاريخ البعيد والقريب وعلى وفق ذلك فأن استشهاد السنوار وقبله سيد المقاومة حسن نصر الله لم يغير من وقائع الصراع وأهدافه ، ولاشك إن مقتل السنوار ثقيل على حماس والمقـــــــــــــاومة كونه عرف العـــــــــــــــقلية الإسرائيلية وهو مهندس طوفان الأقصى وله بصمات واضحة في الميدان والمواقف السياسية ، ونجح في انتـــــــــــقال القضية لفلسطينية من المراوحة والضعف الى المواجهة والحضور فلسطينيا وعربيا ودولياً لكن هذا لا يمنع حماس من تشكيل قيادة جديدة ولا يوقف عملية الكفاح والصراع مع الكيان الصهيوني ..