قصة القصاب الذي اعتز بمهنته وترك الشعر
حسين الصدر
-1-
عانى الشعراء عبر التاريخ مِنْ ضيقِ ذات اليد، ومِنْ بُخل ذوي المال الذين ضنوا عليهم بما يسد احتياجاتهم ويخرجهم من المآزق .
-2-
انّ خيبة الشاعر حين يؤوب صِفْرَ اليدين بعد مدحه لمن كان قادراً على انهاء معاناته خيبةً موجعة .
عاتب فيها أحشد الشعراء نفسه فقال :
لئن أخطأتُ في مدحي
فما أخطأتَ في منعي
لقد أنزلتُ حاجاتي
بوادٍ غير ذي زرعِ
ومن نكد الدنيا على الشاعر ان يضطر الى مدح بعض الموسرين أملاً في الحصول على ما يسد به الحاجة ثم يُمني بالمنع .
-3 –
وهنا يبرز موقف القصّاب ( أبو الحسين الجزار ) الذي قال موضحا أسباب اعتزازه بمهنته التي أَغْنَتْه عن الكلاب – والكلاب هم الذين كانوا يحجبون عنه العون والمساعدة –
قال :
لا تلمني يا سيدي شرِف الدين
على أن رأيتَنِي قَصَّابا
كيف لا أعشق الجزارة ما عشتُ
حياتي وأرفض الآدابا
وبها صارتُ الكلاب تُرَجِينِي
وبالشعرِ كنتُ أرجو الكلابا
( راجع حُط بالخُرج للباحث الكبير الأستاذ محمد احمد المعبر ص 16)
أقول :
رفضه الآداب لم يكن سديداً أمّا اعتزازُهُ بمهنته فشيء حسن جميل، واتخاذ المهنة هو السبيل لتحصيل الرزق الحـــلال والغنى عن لئام الناس .
-4-
أقول :
الحمد لله الذي جعل الأرزاق بيده وهو الربُّ الرحيم العظيم الذي يواصل آلاءه وعطاياه ولو كان الرزق بيد الناس لمات الكثيرون جوعا .