الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حديث الوجدان.. مقالات الصدر

بواسطة azzaman

حديث الوجدان.. مقالات الصدر

محسن حسن الموسوي

 

وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

الكتاب: حديث الوجدان

تأليف : سماحة العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله

الناشر : الخزانة الكعبية للطباعة والنشر والتوزيع

الطبعة: الأولى / 1466هج - 2024 م

عدد الصفحات : 208 صفحة

لسماحة سيدنا الحجّة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله ، منهج خاص في التواصل مع الناس ، فهو مصداق لقوله تعالى : (( ... وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصّبر )) سورة العصر/ 3

ذلك هو خُلُقُ العلماء الأعلام الذين يتواصلون مع الناس ، ويتواصون بالحقّ وبالصبر .

ولازالت كتاباته اليوميه على صفحته في الفيسبوك تُتحفنا بالنافع والمفيد من الكلمات المضيئات الهاديات إلى الحق وإلى الخير ، ورفع سُجف العمايات التي يبثّها أهل العمى والانحراف .

ونحن نطالع تلك الكتابات الهادية إلى الحق وإلى الخير ، وإلى الطريق المستقيم ، طريق محمد وآل محمد ، سلام الله عليهم ، أولئك الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .

وبين يدينا الآن الجزء الخامس بعد المائة من ( موسوعة العراق الجديد) .

تلك الموسوعة الفخمة والباذخة بالفكر النيّر ، وكما يصفها سيدنا الصدر ، حفظه الله:

(( موسوعة العراق الجديد ما هي إلاّ محاولة لرصد الواقع الإجتماعي والسياسي بكل تضاريسه ومنعرجاته ، ولكنها لا تغفل الجوانب الروحية والأخلاقية والثقافية أيضاً.

وعملية التغيير للواقع الفاسد لن تنجح ما لم يتم تغيير النفوس طبقاً لما قاله الربّ العظيم :

((إنّ الله لايغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم)) .الرعد/ 11

وعملية التغيير لا تتم إلاّ عبر جهد مكثّف  ، ورياضة ومكابدة للانتصار على الذات ، ومن انتصر على ذاته أمكنه أن ينتصر على غيره ليكون من روّاد الإصلاح والتغيير)) .

يحدّثنا سيدنا الحجّة الصدر ، حفظه الله ، عن أخلاق العلماء ، تلك الأخلاق التي جسّدوها في حياتهم العملية ، بكل تواضع ونكران للذات ، وتلك هي مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، الذين رسموا المسار الصحيح للمسلم ، وخصوصاً للعلماء الأبرار  :

(( حين أجمعتْ الكلمة على شيخ الفقهاء المحققين آية الله العظمى الشيخ مرتضى الأنصاري ( ت 1281 هج) أنْ يكون مرجع الأمة بعد وفاة مرجعها آية الله العظمى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ( ت 1266 هج) رفض وقال:

كان لي زميلٌ أعلم منّي  ، فكيف اتصدّى للمرجعية وهناك من هو أعلمُ منّي ؟

ثم انكشف أنّ زميله كان قد ترك الدراسة الحوزوية ، ولم يبق مجال لاحتمال أعلميته عليه .

هكذا يكون نكران الذات ، وهكذا يكون الحفاظ على الموازين)) .

ويتحدّث سيدنا العلاّمة الصدر ، حفظه الله ، عمّا في بطون التأريخ ، ممّن باعوا دينهم بدنيا غيرهم ، وبئستْ تلك الصفقة الخاسرة ، التي تهوي بصاحبها إلى الجحيم ، إنّ في التأريخ من الدروس والعِبر الشيئ الكثير ، والعِبرُ كثيرة ، وعلى الإنسان العاقل أنْ يعتبر منها .

ومن الذين يحدّثنا عنهم سيدنا الصدر ، حفظه الله ، هو الخاسر في الداريْن ( حميد بن قحطبة) ، وهو مِن أعوان الدولة العباسية في زمن هارون الرشيد :

(( اسمعه يتحدّث عن نفسه ويقول :

أرسل خلْفهُ هارون الرشيد ويقول :

قال له: بماذا تفدي الأمير ؟

فقال: أفدي الأمير بنفسي.

فقال الرشيد: ثم بماذا تفدي الأمير ؟

فقال: أفدي الأمير بمالي.

فقال الرشيد: ثم بماذا تفدي الأمير ؟

فقال: أفدي الأمير بِدِيني .

فقال له الرشيد: فاذهبْ مع الغلام وامتثل لأوامره.

يقول حميد: دخلتُ إلى حُجِر ثلاث ، في كل حجرة عشرون علوياً .

فقال الغلام: اقتلهم بأمر الرشيد.

يقول حميد: قتلتُ تسعة وخمسين علوياً  ، وهممتُ بقتل الستين ، فتوسّل إليّ وقال: أنا رجلٌ مُسِنٌ ، فما ذنبي ؟ أو ما تخافُ مِن جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ؟

يقول حميد: فرققتُ له ، ولكنّي رأيتُ الغلام ينظر إليّ  ، فخفتُ مِن الرشيد وضربتُ عنقه ، وقتلتُ العلوي الأخير من الستين شخصاً)) .

ويحدّثنا سيدنا الحجّة الصدر ، حفظه الله ، عن آثار الذنوب في حياة الإنسان ، وذلك من خلال رصده للواقع المعاش ، وأسباب سلب النعمة من الكثيرين الذين يرتكبون المعاصي حينما يمتلكون المال والسلطة والنفوذ ، وهذا ما يجعل سلب النعمة أمراً حتمياً ، وتلك هي قوانين الله تعالى في عباده :

(( ما الذي أودى بأولئك الغارقين بالنِعم إلى صحارى الإملاق والشقاء ؟

عن هذا السؤال الخطير يجيبنا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فيقول:

( ما زالتْ نعمةٌ عن قومٍ ولا غضارة عيشٍ إلاّ بذنوب اجترحوها ، إنّ الله ليس بظلّامٍ للعبيد) ....

إننا في عملية امتحان ربّاني ، فالله سبحانه يختبرنا ليرانا نشكر أم نكفر ؟ ومع الشكر الزيادة ، ومع الكفر بالنِعم زوالها وغيابها المفضي إلى الشقاء )) .

ويحدّثنا سيدنا الحجّة الصدر ، حفظه الله ، عن نمط من الناس ، من المتذبذبين ، الذين ليس في قلوبهم إيمان يردعهم عن السلوك الشائن ، ولا في طريقهم وازع من دين وخُلق ، يراهم الرائي أخياراً ، وما همُ بأخيار ، ويراها الناس من المتقّين ، وما هُم المتقّين ، أمام الناس شئٌ يخالف ما هم عليه في الواقع ، وذلك هو الخسران المبين .

(( ما أكثر من لبس عباءة المتقّين وليس له من غرضٍ إلاّ اصطياد المنافع والمكاسب ، مُظهراً نفسه من القديسين فيما هو من الأبالسة الدجالين!!

وروي عن الإمام الجواد عليه السلام أنه قال :

( لا تكنْ لله وليّاً في العلانية ، وعدواً له في السّر ) .

إنّ الازدواجية المقيتة هي مشكلة المشكلات في كلّ عصر ومكان)) .

ويستمر سيدنا العلاّمة الصدر ، حفظه الله ، في أحاديثه واشاراته الأخلاقية والإجتماعية والسياسية في هذا الجزء من الموسوعة ، ونترك للقارئ أن يتابع تلك الأحاديث ، ونختم هذا المقال بحديث يرويه سيدنا الحجّة الصدر ، حفظه الله ، عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :

(( سُئل الإمام الحسن بن علي ، عليهما السلام : من هو خير الناس ؟

فقال : (خير الناس من أشرك الناس في عيْشه ).

وقيل له: ياابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: منْ شرُّ الناس ؟

فقال: ( من لم يعش في عيشه أحد) .

حفظ الله سيدنا العلاّمة الصدر ، وبارك الله فيه وله وعليه .

من تلميذه :

محسن حسن الموسوي

 

 

 


مشاهدات 143
الكاتب محسن حسن الموسوي
أضيف 2024/10/03 - 2:25 AM
آخر تحديث 2024/10/05 - 9:04 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 2121 الكلي 10031844
الوقت الآن
السبت 2024/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير