جريدة (الزمان).. الفضاء الإعلامي .. الخيمة والأسرة
عكاب سالم الطاهر
واقع لا يمكنني تجاوزه ، هو : أن ( ڤايروس ) النسيان ، قد هاجم العديد من ملفات الذاكرة. ومزقها الواحدة تلو الأخرى. ولم لا ؟.
أليس العمر الان في مطلع عقد الثمانينات ؟. صحيح أنني اتعكز على بيت شعر من قصيدة للشاعر أحمد الصافي النجفي ، حفظتها وانا طالب في الابتدائية مطلع خمسينات القرن الماضي ، وضمها ديوانه الذي حملَ عنوان ( التيار )، والبيت هو:
من أين جاء الشيب لي والقلب
مازال صبي ؟.
لكن بصمات الزمان ، والكثير منها حمل ماهو صعب ومؤلم ، قد تركت تأثيرها على المسيرة الحياتية عامة، والصحفية خاصة.
رغم ذلك ، استطيع ان التقط مما تحتويه الذاكرة هذا الملف او ذاك. وان اقلب أوراقه وأقرأ فيها. ويمكنني القول بقدر كبير من الاطمئنان ، ن أول مقالة لي نشرت في الصحافة العراقية ، كان تاريخ نشرها ربيع عام 1961، وكنت حينها طالباً في ثانوية الناصرية. وبحساب بسيط ، يمكن القول إن عمري الصحفي ، الآن، قد تجاوز الستين عاماً. اي ما يزيد على ثلثي عمري. التضاريس وفي هذه الأعوام التي زادت على الستين عاماً ، تضاريس ومنعطفات وممرات ضيقة.. كان لزاماً علي أن أمر من خلالها. ومن بين أبرز تلك التضاريس ، انت كتاباتي في جريدة الزمان. وأتذكر.. أسابيع تلت إحتلال بلادنا في نيسان 2003 ، حين توجهتُ لمبنى جريدة الزمان وكان في البتاوين ، ريباً من القصر الأبيض. لعل ذلك في حزيران عام 2003.
اول من التقيت كان الصحفي الصديق الدكتور أحمد عبدالمجيد ، رئيس التحرير. والصحفي الصديق رياض قاسم. دفعت للجريدة اول مقالاتي للنشر فيها. وكان مقالاً استكشافياً بالدرجة الأولى. إذ حمل عنوان :
و .. رُفِعَت العــــــقوبات.وبعده توالت مقالاتي. ومن خلالها حاولت ان أعبر، قدر ما هو متاح ، عما أراه في الوضـــــــع القـــــــائم بعد احتــــــــلال العراق.
الفضاء الاعلامي
واقتربتُ أكثر من جريدة الزمان. ووجدت فيها فضاءً إعلامياً كنت أبحث عنه. ولم تقتصر كتاباتي في جريدة الزمان على طبعة العراق، فحـــــــين كنتُ مهاجراً ومقـــــــيماً في دمشق، عام 2006 ، والإعوام الثلاثة التي تلته ، باشرتُ الكتابة في الطبعة الدولية ومقرها لندن.
ومع كل محطة أقترب فيها من الزمان الفضاء الاعلامي ، كنت انتسب لأسرة صحفية أعتز بالانتساب لها. وضمن هذه الأسرة التي حملت سمة الخيمة ، هناك محـــــــــطات عديدة أعتز بها.
محطتان
لكني أشير إلى محطتين فقط ، تجنباً للإطالة ، ومراعاة للمساحة المتاحة للنشر. الأولى: عام 2004، بعد سنة تقريباً من مباشرتي الكتابة في جريدة الزمان ، اتصل بي هاتفياً من مقر إقامته في لندن ، السياسي العراقي الاستاذ صلاح عمر العلي. وفي سياق الحديث المتبادل ، علمته أنني أعمل يتبع..
بجريدة الزمان .. الطبعة العراقية. فاجأني العلي بسؤاله لي ، أن كان لدي مطلب لكي يوصله للاستاذ سعد البزاز رئيس المؤسسة التي تصدر عنها الزمان. كان سؤال الصديق العلي مفاجئاً. لذلك لم أكن مستعداً. مع ذلك طرحت عليه قضية مهنية تشملني، لكنها ليست خاصة بي فقط. بعد مدة اتصل بي الدكتور أحمد عبدالمجيد هاتفياً ، وسألني إن كنتُ قد طلبتُ شيئاً من الاستاذ سعد. إذ يبدو أن البزاز قد اتصل به. عندها تذكرتُ اتصال الاستاذ صلاح. أوضحت للصديق احمد الوقائع ذات الصلة.
المحطة الثانية
عام 2011 ، اندلعت في سوريا احداث ، كجزء مما سمي في حينها ( الربيع العربي ). صاحبها عنف ، وسالت دماء. وحول تلك الأحداث كتب الصحفي فاتح عبد السلام في زاويته اليومية (توقيع) ، متعاطفاً بشكل واضح مع المعارضين للنظام. ولم أتفق مع الدكتور فاتح بما ذهب إليه. وسواء كان هو على خطأ ام على صواب، وسواء كنتُ أنا على خطأ ام على صواب. كتبتُ ردٌا عنيفاً على الدكتور فاتح. وأرسلتُه للزمان للنشر. كانت كتابتي هذه أقرب الى تسجيل موقف. فلم أكن أتوقع أن جريدة الزمان ستنشر ما كتبتُه.ولاسباب تصورتُها.منها ما يتصل بمضمون ما كتبتُه. ومنها ما يتصل بموقع الدكتور فاتح بمؤسسة الزمان ، وكونه رئيس تحرير الطبعة الدولية للزمان.
لكن المفاجأة أن ما كتبتُه قد نشر بالكامل. وكان تعامل الطبعة الدولية والعراقية مع جميع مقالاتي بهذا الاسلوب. وبالتأكيد هو نفس اسلوب
التعامل مع ما يكتبه محررو الجريدة. طبعاً في داخلي رقيب داخلي ، طبعاً في داخلي رقيب داخلي ، ووعي مهني يؤشر لي الخطوط التي علي عدم تجاوزها . لكن إدارة الجريدة لا تتدخل. تلك بعض سمات هذا الفضاء الاعلامي. وهذه الخيمة الإعلامية.
****
وهي تصدر عددها أل ( 8000 )،
نتمنى للزمان الجريدة التطور الاكثر، والانتشار الأوسع.
وكل عام وأسرة الزمان بخير.
انتهى .