قمر سقط وتعلو اقمار
جاسم مراد
سقط المناضل المجاهد العربي الإسلامي حسن نصر الله ، بعد ( 85) طناً من احدث الأسلحة الامريكية التي استهدفت المربع السكني الذي يتواجد فيه سيد المقاومة في الضاحية الجنوبية لبيروت ، وحسن نصر الله لم يمت بل أنه صاغ مع رفاقه فكرة وممارسة العمل الكفاحي مع فلسطين في مواجهة الكيان الإسرائيلي ، وعمل بجهد لا يقبل التراخي على خلق محور المقاومة المساند لفلسطين ، وما أن تحقق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023حتى انطلقت قوات حزب الله في الثامن من الشهر نفسه اسناداً لغزة التي تعرضت وتتعرض للإبادة الجماعية أمام انظار العالم الذي تكشف من أنه ليس عالماً من اجل الشعوب وحريتها وإنما عالم القوي ضد الضعيف عالم المستمتع بقتل الطفولة وليس عالم من اجل سعادة الأطفال عالم مع الاستعمار والاستيطان واحتلال الأوطان وليس عالم الدفاع عن حقوق الشعوب وحرية الأوطان ، ومن هنا ليس بمقدور انسان حر في هذا الكون ان يثق بهذه المنظومات العالمية وهي تنظر بارتياح الى الأجساد الممزقة لأكثر من ( 17) طفل معظمهم لا تتجاوز أعمارهم ( 3و4) سنوات بقنابل الغرب بأيدي الصهاينة الإسرائيليين .
سقط القمر على طريق القدس والمسجد الأقصى ، فهو وحده وبقراره هو اختار مع رفاقه وكل المجاهدين الوقوف مع شعب فلسطين وغزة الصامدة الباسلة التي تعرضت وتتعرض حسب التقديرات العالمية لما يعادل قنبلتين نوويتين ، وهكذا تعرضت امتار قليلة من الضاحية الجنوبية في بيروت
( 85) طناً من القنابل المتفجرة ، وهكذا تحدد الاحداث مثلما وصفه امير وسيد المقاومة بأن هذا العدو لايستهدف غزة وفلسطين وحدها وإنما يستهدف المنطقة العربية بهدف تحقيق المشروع الصهيو امريكي الشرق الأوسط الجديد لتكون إسرائيل هي التي ترسم حدود أهدافها ومشاريعها .
العراق وشعبه لا ينسى لسيد المقاومة موقفه الباسل عندما تعرض العراق لأهم واخطر هجوم إرهابي في تاريخه المعاصر شنته داعش واحتلت العديد من المدن ووصلت الى حدود العاصمة بغداد ، فأرسل مقاتلي حزب الله دفاعا عن بغداد واختلطت دمائهم بدماء العراقيين المدافعين عن وطنهم .
والان مثلما هو الامس يقف حزب الله مع غزة وفلسطين وكل لبنان المستهدفة اسرائيلياً ، وان عملية الاغتيال للسيد حسن نصر الله لا يمكنه أن يغير من معادلة الصراع مع إسرائيل ، صحيح إن سقوط قمر المقاومة أوجع القلوب وخلق فراغاً في الوسط النضالي والشعبي ، لكن ذلك لم يوقف أو يُضعف مواصلة القتال في غزة أو الجنوب اللبناني .
هي الحرب وهذه اثمانها ، سقط جيفارا وظلت كوبا ترسم شروط ثباتها وتقدمها ، ومات شافيز وبقيت فنزويلا تحقق صعوها رغم كل محاولات الاغتيال لمادورو ، واستشهد نصر الله وستبقى خارطة صعود حزب الله ترسم في كل يوم ومرحلة حضورها مع فلسطين ، فهي معركة تحرر وطني فالزمن هو الذي يحدد نتائجها مهما بلغ العدو من النجاح في الاغتيالات ، وكل مراسم كفاح الشعوب تؤكد انتصارها قصر الزمن أم طال ، وهكذا غادر القمر الفضاء اللبناني الفلسطيني العربي ، لكنه صنع اقماراً ستدور في نفس الفلك السماوي وتؤدي نفس الدور على الأرض ، وهذا ما شار اليه سيد المقاومة عندما سقط عددا من القادة ، باننا جميعا على درب الاستشهاد على طريق القدس .