خلافات فرنسية جزائرية بسبب ملف الذاكرة وماكرون يستنجد بلجنة المؤرخين المشتركة
باريس- سعد المسعودي
تعيش العلاقات الفرنسية الجزائرية بفترة صعبة لاسيما بعد قرار الحكومة الجزائرية التي قامت بسحب سفيرها لدى فرنسا في تموز الماضي بسبب اعتراف الحكومة الفرنسية بمخطط المغرب للحكم الذاتي واعتباره الحل الوحيد للنزاع في الصحراء الغربية، اضافة الى موضوع احتفاظ المتحف الانساني “تروكاديرو”في باريس لنماذج من جماجم المقاتلين الجزائريين اللذين قاتلوا الاستعمار الفرنسي , وفي مبادرة لحلحلة العلاقة المتوترة بين البلدين ,أعلن قصر الإليزيه الأحد الماضي أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متشبث بضرورة نجاح عمل لجنة المؤرخين الفرنسية-الجزائرية حول الذاكرة المشتركة وتنفيذ مقترحاتها الملموسة.
خلاف جديد
يأتي ذلك وسط توترات تشهدها العلاقة بين البلدين، خاصة بعد الخلاف الجديد بشأن الصحراء الغربية، ما يعقد حل مسائل الذاكرة التي ما زالت بمثابة جرح مفتوح بعد مرور ستين عاما على استقلال الجزائر.
على الرغم من التوترات، عبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال لقاء مع مؤرخين عن تشبثه تصميمه على “مواصلة عمل الذاكرة والحقيقة والمصالحة” مع الجزائر على خلفية الاستعمار الفرنسي.
وقالت الرئاسة الفرنسية الأحد، إن ماكرون أعرب خلال اللقاء الذي عقد الخميس في القصر الرئاسي “عن رغبته” في نجاح العمل الذي تجريه لجنة المؤرخين الفرنسية-الجزائرية وفي “تنفيذ المقترحات الملموسة التي صاغتها اللجنة المشتركة”.
وأضافت الرئاسة “ أن ماكرون “يأمل أن تسمح هذه المقترحات لبلادنا بإلقاء نظرة واضحة على الماضي وبناء مصالحة على مستوى الذاكرة في المدى البعيد، في عملية تعليم ونقل للشبيبة الفرنسية والجزائرية”.
وأفاد قصر الإليزيه بأن اللقاء مع الرئيس الفرنسي ضم فقط الأعضاء الفرنسيين في لجنة المؤرخين المشتركة.
وفي آب/أغسطس 2022، قرر الرئيس الفرنسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون إعادة إطلاق العلاقات الثنائية من خلال إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين.
لكن هذا العمل المتعلق بالذاكرة، الذي بدأه سابقا من الجانب الفرنسي المؤرخ بنجامين ستورا، ما زال معلقا في ظل التوترات الدبلوماسية المتكررة بين البلدين.
ويعقد الخلاف الجديد بشأن الصحراء الغربية حل مسائل الذاكرة التي ما زالت بمثابة جرح مفتوح بعد مرور ستين عاما على استقلال الجزائر.
ففي نهاية تموز/يوليو، أعلنت باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية لإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، في ظل دعم الجزائر لجبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون أشار في ذكرى يوم المجاهد (قدماء المحاربين) في 20 آب/أغسطس، إلى الماضي الاستعماري لفرنسا التي “راهنت على إخماد ثورة الشعب بقوة الحديد والنار” كما قال.
وشهدت العلاقة بين البلدين تدهورا خطيرا في خريف 2021 بسبب تصريحات أدلى بها ماكرون، وصف فيها النظام الجزائري بأنه “نظام سياسي عسكري مبني على ريع الذاكرة التاريخية”.
وخلال عمل اللجنة المشتركة للمؤرخين، طلبت الجزائر من باريس إعادة جماجم قادة المقاومة في بداية الاستعمار، بالإضافة إلى قطع تاريخية ورمزية من القرن التاسع عشر، بما في ذلك قطع تعود للأمير عبد القادر المناهض للاستعمار (1808-1883)..
تكرار استفزاز الجزائر
سبق وان مرت العلاقة مع الجزائر بأزمة مشابهه عندما أقدم البرلمان الفرنسي” الجمعية الوطنية “ في ال 18 نوفمبر الماضي عندما ناقش مشروع قانون “اعتذار” من الحركيين الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي وعاشوا “مأساة” في فرنسا بعد نهاية الحرب وهذه المناقشة جائت بعد مرور ستين عاما على أنتهاء حرب مع الجزائر ,وأستمر النقاش لعدة جلسات وتم تحويل المشروع الى مجلس الشيوخ و مجلس الشيوخ والمجلس الدستوري للمصادقة عليه, ويأتي المشروع ترجمة قانونية لخطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي ألقاه في 20 أيلول/سبتمبر في قصر الإليزيه في حضور ممثلين للحركيين، ويمثّل اختبارا لضمير فرنسا في مواجهة “مأساة الحركيين”.