حين تكون ممثلاً لدولة محترمة
ضرغام الدباغ
توجهت ذات يوم في منتصف السبعينات من برلين إلى لندن، بالطائرة، ويومها لم يكن هناك خط طيران مباشراً من برلين (عاصمة ألمانيا الديمقراطية) إلى لندن، وكنت مع صديق لي متوجهين لقضاء بضعة أيام في لندن، على أن نغير طائرتنا في مطار بروكسل وكنت أحمل جواز سفر دبلوماسياً عراقياً، يشير أن حامله « مستشار في سفارة الجمهورية العراقية / برلين « وصديقي دكتور .... أستاذ في جامعة بغداد. وحين توجهنا للبوابة لنأخذ الطائرة، أبرزنا جوازات سفرنا، أراد الشرطي البلجيكي تفتيش صديقي (الأستاذ الجامعي) أخبرته أنه بمعيتي، واتفاقية فيينا تعتبره بمعية دبلوماسي يستحق الاحترام. أجاب الشرطي أنه ليس بدبلوماسياً، ولذلك سيفتشه. فأخبرته أن يأتي لي بالضابط لأكلمه. وحين جاء الضابط قلت له، أن صديقي الدكتور (م) عميد كلية الاقتصاد بجامعة بغداد... هو بمعيتي، ويستحق معاملة خاصة، واعتقد أن المنتسب عندك لا يعطي الموضوع قدره، فربما اليوم أو غداً سيمر دبلوماسي من مطار بغداد، وسوف لن يلقى الاحترام اللازم، وهذا أمر لا يليق بالعلاقات بين الدول ... تفرس الضابط بوجهي لدقيقة، وأمر الشرطي بفتح البوابة وعدم تفتيشنا. شكرت الضابط، وقلت له سأخبر سلطات بلادي بالأمر وتصرفك يستحق التقدير. ونسمع أحياناً، أن سفير الدولة (س) العظمى ...! يزور مقر ميليشيا، ويقابل سعادته، الشخصية (ص) وعلى الأرجح دون أن يعلم وزارة الخارجية في البلد الذي يقيم فيه، أما إذا كان قد أبلغ وزارة الخارجية فالأمر أتعس على طريقة المغفور له المتنبي .. أبو الطيب
« إن كنت تعلم فتلك مصيبة ـــ وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم «
وفي الحالتين استخفاف بالدولة واللجوء لميليشيات ممسكة برقبة الدولة، وموظفون ما يهمهم هنا هو ديمومة العيشة والرزق على الله ...! موظفو البروتكول يعلمون أن في هذا هوان .. ما بعده هوان ... ولو سألت أحدهم :» لماذا تقومون بأعمال غير نظامية وأصولية ... ؟ « فسوف يجيبك بلهجة خنفشارية ..» مولانا هي ظلت علينا ..! «. وهنا ما عليك وقد أنتهى مفعول كلمات الأصول إلا الاعتصام بالصبر والاعتصام بالحكمة الشعبية « إذا كانت هذي مثل ذيج ... خوش مركة وخوش ديج «