داعمو حقوق الإنسان يواصلون رفضهم مقترح التعديل الجديد
الإحتجاجات مستمرة في بغداد ضد إقرار قانون الأحوال الشخصية
بغداد - رجاء حميد رشيد
أنهى البرلمان، القراءة الثانية لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188 لسنة 1959)، بعد التصويت على اضافته الى جدول أعمال الجلسة المنعقدة في الرابع من اب الماضي، وبحسب البرلمان فإن (القانون سيتم عرضه في قراءة ثانية)، وسحب البرلمان مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، المدرج على جدول أعمال جلسته المنعقدة 8 أيلول الجاري، وذلك بعد موجة الغضب ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، قبل انعقاد الجلسة بيوم واحد، وانطلقت حملات وتظاهرات مدنية مطالبة بالعدول عن تعديل القانون، وتم رفضه من قبل المدونين والنشطاء المدنيين، وبعض الشخصيات السياسية المدنية والوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، بالتعاون مع المؤسسات القانونية والمحاميات والقضاة، تضامناً مع الحملة التي أطلقتها الحركة النسوية العراقية ، فضلاً عن جمع بعض أعضاء البرلمان الرافضين للتعديل، التواقيع لسحب المقترح وعدم تمريره.
عقد الظلام
وأكدت المحامية هند كريم، أن (تعديل الأحوال الشخصية المقدم من المحافظين المزمع تمريره ،انما المقصود منه العودة الى عقود الظلام والتخلف أبان الاحتلال البريطاني في عام 1925 ،حيث لم يكن هناك قانون جامع لكل الأسر العراقية بكافة طوائفها ،وانما أحكام شرعية سنية وأحكام شرعية جعفرية تتبع مجلس التمييز السني ومجلس التمييز الجعفري التي تتبع سلطة رجل الدين والاقطاعي وشيوخ العشائر، ويعد هذا التعديل أضعاف للدولة العراقية أمام المواثيق والمعاهدات التي صادقت عليها في حماية الطفولة والمرأة، وتراجع أمام المجتمع الدولي)، وأضافت انه (مرفوض من الأحزاب الوطنية، وكذلك منظمات المجتمع المدني، وحتى من قبل بعض رجال الدين، كما ان منح السلطة لرجل الدين في عقود الزواج وتصديقها يشمل زواج القاصرات، وحرمان المرأة من الارث في الأراضي الزراعية وهو مخالف للشرع والقانون). وقالت المحامية إسراء الخفاجي، ان (ما طرح في تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص المادة (2) التابعة للمادة (41) الدستورية والتي تحث على أن يكون القانون وفق مذاهب تذكر في قانون الأحوال الشخصية)، مبينة ان (المضي بإجراء هذا التعديل له سلبيات تنعكس اثارها على العلاقات الاجتماعية وخلق المشاكل الأسرية، فيما ترتقي الدول بإعطاء النساء حقوقهن، يسعى البرلمان العراقي بتشريعات تعود بنا الى عصور الظلام، حيث أن تعديل قانون 188 لعام 1959، يسمح بزواج القاصرات، كما سيبيح تعدد الزوجات، وهذا سيعمل على زيادة المشاكل والصراعات والتعنيف الأسري وضياع حقوق النساء والأطفال، بالإضافة إلى النفقات والميراث، وحرمان الزوجة المريضة من النفقة، وحرمان الزوجة التي لم تمكن زوجها منها ( لم تمتعه) من النفقة، وحرمان البنت والأم من الميراث في العقار ، بالإضافة الى إباحة الزواج خارج المحكمة، والكثير من الأمور التي تؤثر سلبياً على المجتمع).
من جانبها أشارت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، زينب جواد حسن ، إلى (رفض تعديل مقترح هذا القانون وبشدة من قبل الحقوقيين وفريق مدافعون بلا حدود ، واصفه إياه بأنه مقترح ملغوم ومفخخ، ويحتوي على قوانين قد تمرر ما وراء السطور، وتعد كارثة في المجتمع العراقي منها ،حيث يسمح بموجب المقترح بتزويج القاصرات بل يسمح بتزويج البنت، حتى لو كان عمرها يوم واحد بموجب الولاية الجبرية للأب، على اساس ان تشريع القانون لا يكون فيه اجبار او الزام من الإباء)، وبشأن الإرث اكدت ان (التعديل يورث المرأة من المشيدات ولا يورثها من الأرض، وهذا إنتقاص من حقوق المرأة). وأضافت انه (من ناحية النفقة فإن القانون وضع شرطاً بأن المرأة لا نفقة لها إلا حين الاستمتاع بها، وهذا أمر فيه مثلبة على النساء العراقيات).
تعديل قانون
وبينت المحامية وسن الداوودي، سلبيات مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، إتاحة الفرصة لزواج القاصرات ، وإثارة الفتن والطائفية في المجتمع العراقي ، لأن الشعب العراقي شعب واحد، بحسب تعبيرها، مشيرة إلى (الكثير من الحالات السلبية التي ستنعكس على المرأة، لانها ليست جارية ولا سلعة). من جهتها أوضحت المحامية تأميم العزاوي ، ان (المقترح لم يأت بجديد بل كان ضمن سلسلة مقترحات سبقته مثل قانون الأحوال الشخصية الجعفري ،وقبله قرار 137 الصادر يوم 29-12-2003، وكانا يسعيان إلى الغاء قانون الأحوال الشخصية بصيغة او بأخرى)، ولفتت الى (الحاجة لزيادة اللحمة الوطنية وليس تفكيكها من أجل النفع العام). وقالت القانونية فائزة باباخان، ان (القانون يعزز الطائفية والتمييز في وقت نسعى إلى إيجاد المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل)، منوهة الى ان (بعض الأحكام الفقهية فيها شوائب كثيرة منها انه يجعل المرأة مجرد وعاء غريزي للرجل، ويشتت العائلة والأسرة، وانتهاك لأدمية المرأة). بدوره أكد القاضي هادي عزيز في عنوان مقال حمل عنوان تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية، انه (تداولت فيديوهات لبعض رجال الدين رفضهم لتعديل القانون، باعتبار العراق دولة مدنية وليس دينية، منهم الشيخ كمال الحيدري ،وخطيب جامع الأمام ابي حنيفة النعمان رفضه لتعديل القانون لأنه يخالف العالم الجديد)، كما رفضت النائبة عالية نصيف على حسابها في منصة اكس التعديل بالقول ان (البعض انتقدوا موقفي الرافض لتعديل القانون إلى درجة أنهم اتهموني اتهامات مضحكة). على صعيد متصل، أبدت رابطة المرأة العراقية، رفضا التعديل الجديد، لكونه يناقض مبادئ الدستور، ويتنافى مع العدالة والقيم الانسانية التي وفرها قانون الاحوال الشخصية العراقي السائد، لضمان حقوق الجميع دون تمييز او تفرقة).