حزب اللـه يقر بتلّقي ضربة غير مسبوقة ويتوعّد إسرائيل بـحساب عسير
نصر اللـه : العدو تجاوز القوانين والخطوط الحمر
بيروت (لبنان) (أ ف ب) - أقرّ الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الخميس بأن حزبه تعرّض لضربة «كبيرة وغير مسبوقة» في تاريخه، متوعّدا إسرائيل بـ»حساب عسير» بعد تفجيرات طالت آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره هذا الأسبوع.
وقتل 37 شخصا وأصيب قرابة ثلاثة آلاف آخرين بجروح جراء تفجير أجهزة «بايجرز» الثلاثاء ثم أجهزة اتصال لاسلكي الأربعاء يستخدمها عناصر في الحزب، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.وقال نصرالله في كلمة عبر الشاشة “لا شكّ أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة» منذ تأسيس الحزب عام 1982 بعيد الاجتياح الإسرائيلي للبلاد، مشدداً على أنّ «العدو تجاوز بهذه العملية كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء».
ضربة كبيرة
واعتبر أن إسرائيل أرادت من خلال هجومها على مرحلتين أن تقتل «ما لا يقل عن خمسة آلاف انسان في دقيقتين ومن دون اكتراث لأي ضابطة»، مشددا على أن «هذه الضربة الكبيرة والقوية وغير المسبوقة لم تسقطنا ولن تسقطنا».وتخلل كلمة نصرالله خرق الطيران الإسرائيلي جدار الصوت على علو منخفض مرتين على الأقل في أجواء لبنان.
وتوعّد الأمين العام إسرائيل «بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون»، مشيرا الى أنه لن يحدّد مكان أو زمان أو شكل الردّ.وأكد نصرالله أن الحزب «شكّل لجان تحقيق داخلية»، وما زال بحاجة «الى بعض الوقت للتأكد من النتيجة... سواء من الشركة التي باعت التصنيع الى النقل الى الوصول الى لبنان.. الى لحظة التفجير».
وأتت تفجيرات أجهزة الاتصال في خضم تبادل يومي للقصف بين حزب الله والدولة العبرية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة قبل أكثر من 11 شهرا.ولم تعلّق الدولة العبرية على التفجيرات التي وقعت غداة إعلانها توسيع أهداف الحرب المتواصلة في قطاع غزة، لتشمل تأمين المنطقة الحدودية الشمالية مع لبنان بشكل يضمن عودة الإسرائيليين إليها.وكرر نصرالله التأكيد أن “جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة» رغم «كل هذه الجراح وكل هذه الدماء».وتوجه الأمين العام لحزب الله الى المسؤولين الإسرائيليين بالقول «لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال الى الشمال .. وافعلوا ما شئتم».أضاف “لا تصعيد عسكري ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب شاملة تستطيع أن تعيد السكان الى الحدود».ويؤكد الحزب أن عمليات القصف عبر الحدود هي بمثابة «جبهة إسناد» لغزة وحماس في ظل الحرب مع إسرائيل.
وثمّنت الحركة موقف نصرالله الخميس، واصفة إياه بـ»المقدّر والمشرف».في غضون ذلك، أكدت إسرائيل مواصلة إجراءاتها العسكرية ضد الحزب.وقال وزير الدفاع يوآف غالانت “في المرحلة الجديدة من الحرب هناك فرص مهمة ولكن هناك مخاطر مهمة أيضا. يشعر حزب الله بأنّه ملاحق.إجراءاتنا العسكرية المتتالية ستتواصل».
ورفع المسؤولون الإسرائيليون من وتيرة التحذيرات للحزب خلال الأيام الأخيرة.ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الخميس في بيان أنه قصف مئات الأهداف في جنوب لبنان التي شملت «المئات من منصات إطلاق الصواريخ» التي كانت مجهزة للإطلاق باتجاه إسرائيل، بالإضافة إلى «نحو 100 قاذفة ومواقع بنى تحتية إضافية للإرهاب».
من جهته، أعلن الحزب تنفيذ عمليات منها استهداف «نقطة تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في موقع المرج». كما شنّ «هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على المقر المستحدث لقيادة اللواء الغربي في يعرا (...) وعلى مرابض مدفعية العدو في بيت هلل».وأفاد الجيش الإسرائيلي الخميس بمقتل ضابط وجندي قرب الحدود مع لبنان.
وانفجرت الثلاثاء مئات أجهزة البايجر التي كانت في حوزة عناصر من حزب الله بشكل متزامن في معاقل للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وشرق لبنان وجنوبه.ثمّ وقعت الأربعاء موجة ثانية من الانفجارات طالت هذه المرة أجهزة اتصال لاسلكي، في معاقل للحزب.
ومن بين ضحايا هجوم الأربعاء، 20 عضوا في حزب الله، بحسب مصدر مقرّب من الحزب.وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض الخميس ارتفاع حصيلة ضحايا الانفجارات خلال اليومين الماضيين، إلى 37 قتيلا و2931 جريحا.
وأظهرت تحقيقات أولية أجرتها السلطات اللبنانية أن أجهزة الاتصال التي انفجرت هذا الأسبوع «تم تفخيخها قبل وصولها إلى لبنان»، حسبما ذكرت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في رسالة إلى مجلس الأمن اطلعت عليها فرانس برس الخميس.
وأعلنت شركة غولد أبولو التايوانية الأربعاء أن أجهزة البايجرز التي انفجرت من صنع شريكها المجري، لكنّ بودابست أعلنت أنّ شركة «بي ايه سي» (B.A.C Consulting) التي قُدّمت على أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة من حزب الله، هي «وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر».
وقام محققون تايوانيون بتفتيش أربعة مواقع الخميس.وتوعّد الحرس الثوري الإيراني الخميس إسرائيل بأنها ستتلقى «ردا ساحقا» بعد التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصال عناصر حزب الله.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (ارنا) عن القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي قوله في رسالة وجّهها الى نصرلله إن إسرائيل «ستلقى قريبا ردا حاسما وماحقا من جبهة المقاومة ونشهد الزوال الكامل لهذا الكيان السفاح والمجرم».
وعلى مدى الأشهر الماضية، أعربت دول عدة عن مخاوفها من اتساع نطاق الحرب في غزة وتحوّلها لنزاع إقليمي، خصوصا على الجبهة بين إسرائيل وحزب الله.
ومن باريس، دعا وزيرا الخارجية الأميركي والفرنسي الخميس جميع الأطراف إلى «التهدئة في الشرق الأوسط».وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه «قمنا بالتنسيق لإرسال رسائل خفض التصعيد»، بينما أكد نظيره الأميركي أنتوني بلينكن «لا نريد أن نرى أي تصعيد من أي طرف يزيــــد الوضع صعوبة».
ويشارك بلينكن في باريس في اجتماع بشأن الشرق الأوسط مع نظرائه الفرنسي والبريطاني والإيطالي أنتونيو تاياني، إضافة إلى ممثل عن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.
كما سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتحدث ماكرون مباشرة إلى اللبنانيين مساء الخميس عبر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا لهم أن «المسار الدبلوماسي موجود» وأن «الحرب ليست حتمية».وقال ماكرون “لا شيء، لا مغامرة إقليمية، ولا مصلحة خاصة، ولا ولاء لأي قضية مهما كانت يستحق إثارة صراع في لبنان»، مؤكدا أن فرنسا تقف إلى «جانب» اللبنانيين.
حل دبلوماسي
وكان الرئيس الفرنسي قد أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش جوزف عون، وفق الإليزيه.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار الخميس أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يزال يعتقد بإمكانية التوصل الى حل دبلوماسي لوقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
الى ذلك، اعتبر الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن حزب الله «قادر على وضع حد للهجمات الإرهابية في أنحاء إسرائيل»إذا كان يرغب بتخفيف حدة التوتر في المنطقة.
كما أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن قلقه «العميق حيال تصاعد التوتر والضحايا المدنيين» في لبنان، محذّرا من أن «الوضع قد يتدهور بشكل سريع» بعد الهجمات الأخيرة.الى ذلك، اتهمت تركيا «إسرائيل بتوسيع رقعة الحرب إلى لبنان».
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الجمعة لمناقشة هذه الهجمات والوضع الخطير في الشرق الأوسط.