الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هم هكذا ولأنت أنتَ بهم

بواسطة azzaman

هم هكذا ولأنت أنتَ بهم

وجيه عباس

 

كُنْ أيُّها المجهولُ من عَرَفا

لاحتْ له الأسماءُ فاقترفا

وتساقطتْ بخطاهُ جامعةً

فيما وراهُ، وزادَها، وَطَفى

لم تلتفتْ عيناهُ غارقةً

لو أنَّ شاهدَهُ بها نَزَفا

ولأنتَ أكبرُ من مواجعِها

حد التشفّي فيهِ معتَرِفا

كانت مكابَرَةً بها قَدَراً

أنْ مجَّها أو راح معتكِفا

وطوى بها، سيّان ما انعطفتْ

حَسَناً بها أو ساء منعَطَفا

هي قولةٌ لاريبَ قائلُها

ماخافها يوماً ولا ارتجفا

يدري الحياةَ هناك واحدةً

فطوى الجناحَ بظلِّهِ وَعَفا

*****

منك السلامُ عليك لو هتفا

لوأنكروهُ، كنتُ من عَرَفا

ولأنت أولى أن تلمَّ به

وسواكَ عنه بناظرٍ عَزَفا

ياكلَّما دنت اللِحاظُ له

سترَ القميصَ، وليته كشفا

لأعاد في يعقوب سيرتَهُ

ونفى العمى عن عينه وشفى

*****

يامن بها أسهرت ليلته

لكنه حذر الوشاة غفا

وكفيته حتى تناهبه

بوحٌ، فقل للناهبات:كفى

مر الزمان بعمره ومضى

ثبتاً، وأنكره به ونفى

وأعاد كرَّتَه عليه صدى

حدَّ التقمُّص أنَّهُ انتصفا

حدَّ التشرّفِ كان مئذنةً

وصداه في جدرانه عطفا

ألا سواك وأنت ذو نِعَمٍ

حسبي بها لوزدتَها تلفا

*****

هم يرفعونك بينهم علما

ويلاعنونك دونهم هدفا

في الحالتين بقيت ممتَحِنا

ورأيت بحرك دونهم جُرُفا

لا أنت تجمعه على لغة

وتكاد تنكره بما اقترفا

حتى الذي مُدت يداك له

عض اليدين بنابه وشفا

ورمى بأول جمرة حمماً

وببابك الخشبي قد قذفا

*****

يابَضعةَ الخالين من قَلَقٍ

أبقوا بمثلك دونهم سَلَفا

ولأنت بعض أصابعٍ ودمٍ

يتقوَّل الماضي بهم ترفا

ولأنت مبتدأٌ وخاتمةٌ

ولسوف تتلو آيَها صُحُفا

وتكونَ إرث سواك من بذرتْ

كفاك ينتهبوك مزدَلِفا

ياابن التي ولدتكَ ثالثةٌ

رَحِمٌ، وموتٌ، وانبعاث رفا...*

وخبطتَها عشواءَ مزمنةً

وصدى على أطلالها خُطِفا

كِسَرٌ تلمُّ هناكَ بعضَ يدٍ

لتميزَ عنها في الوقوفِ قَفا

*****

أشرقْ بهاتفةٍ فقد ثقلتْ

تلك العيونُ وأثقلتْ طَرَفا

دع عنك ماقالت أوائلُها

ولأنت مذخورٌ بما اغترفا

وبما أباح يكاد يوصلُها

حتى وإن أوقفْتَها نُصُفا

أترعْ بكأسِكَ لون خمرتِها

لُطفاً، وأنت بها الذي لَطَفا

خلِّ الغبارَ يهيجُ عاصِفُهُ

وانقش بها من وجدِكَ الخَزفا

سيُقالُ مرَّ، وإنَّهُ شَرَفٌ

لو قارعتْكَ يدٌ بها شَرَفا

*****

ياعطرَ هذا العمر من عَبَقٍ

حتى الرحيلُ يعودُ مرتَجِفا

حتى المحطّاتُ التي مَرَقتْ

عادت بوجهِكَ تنكرُ الغُرَفا

تلك الخطى التركتْ هناك دمي

عادت لتشربَ كأسَها أَسَفا

ورأيتُها خلفي تصيحُ بها

لكنَّ وحدي دونها وقفا

*****

إني لابحث عنك بين يدي

وكأن أضعتك دونها كَتِفا

وأقول أنك واحدي وعلى

شفتيك اغنيتي تقول: جفا

وبأنني لا واثقاً  بغدي

اعطيك يومي واثقاً دَنِفا

ياأنت ياوحدي على عددي

إني أكاثر نخلتي سعفا

وأجرُّ خطوتك التي بعدت

وكأنني اتنفس النجفا

مابعد وجهك في الرمال خطى

أجريتها ووقفت منتَصَفا

دعني أسائل بعض ماهجرت

عيناك، والمطرَ الذي نزفا

أتعود أمساً أم أراك مدى

لايستفيق بيومه أَسِفا

*****

ياحارساً مدنَ البحور بها

البحر ينثر دونه الصَدَفا

تلك القوافي الراقصات هوى

هي بعض ما أطربته، وَقَفا

يكفيك أنك مؤمن وعلى

كفيك ألفُ مؤذِّن هتفا

ألا سواك يقودها بخُطى

فتكاد تحسبُ جيشه زحفا

لا ناظراً نتفاً تُعلِّقُهم

تلك الغصون وقردُهم وصفا

أوقام مأفونٌ تنابحه

تلك الكلابُ وقد علت سُخُفا

*****

لاتجزعنَّ لما تراه بها

ولأنتَ مخلوقٌ لما اختُلِفا

ما أنت منهم في مصاحبةٍ

بل صاحبٌ لسواك ما انحرفا

ويداك بيضاءٌ، وسوأتهم

لاتدَّري كفّين من خطفا

وسوادُهم أغرى سواك به

ولأنت ممتَحِنٌ بما انكشفا

وسواك لاراعٍ فيرشِدُهُ

ويكادُ يمنعُ غنمَهُ العَلَفا

وبقيتَ وحدَكَ قلَّةً عَجَباً

أن بات وجهُكَ فيك معتَسِفا

لا واجداً إلْفاً تنادِمُهُ

عقمتْ بطونٌ عن سواك صَفا

ولئن وجدتَ، لكنتَ تنكرُهُ

وكأنَّهُ أخفاكَ حين خفى

دعهم فُرادى بين مسبعةٍ

يتكالبون لتُخمةٍ ضُعَفا**

أو صدَّقوك وأنتَ بينَهُمُ

صدقٌ تَجنَّبَهُ وإن عَسَفا

هم يعبدون اللات واحدةً

وَثَنٌ يعاقرُ ربَّهُ خَرَفا

هم هكذا، ولأنت أنتَ بهم

ماقلتَ أو ماتدَّعي العُرَفا***

 

____________

*رفا: تعني رفات، وحذفت التاء لشهرتها فلاينقص حذفها شيئاً من المعنى.

**ضُعَفا: تعني ضُعَفاء.

*** العُرَفا: تعني العُرفاء

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 133
الكاتب وجيه عباس
أضيف 2024/09/14 - 3:33 PM
آخر تحديث 2024/09/27 - 10:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 319 الشهر 40114 الكلي 10028736
الوقت الآن
السبت 2024/9/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير