رومانسية متأخرة
حمدي العطار
كان كلما يدخل الى البيت عائدا من عمله ويبدو عليه التعب والضجر والارهاق تغيب عن وجهه المتجهم (الابتسامة الرومانسية) التي تجعل شكله اكثر قبولا بنظر النساء! لأن الابتسامة من علامات الرومانسية وتعبر عن الارتياح والرضا لأي رجل يقف أمام حبيبته ! الم يقل اكثر الرجال لحبيباتهم (أبتسامتك ورضاك عني عندي تعادل الدنيا) لكنه كان يفضل ان يظهر تعبه وجهده والصعوبات التي تواجهه ولا يعمل بنصيحة علماء النفس الاجتماعي وهم يقولون (لا تنقل متاعب العمل الى غرفة النوم) وبالتأكيد من يتحدث بالهموم سوف يكون غاضبا ويغيب عنه التركيز ولا يرى التفاصيل الصغيرة ولكنها المهمة التي تبذل زوجته جهدا كبيرا لتجعل من نفسها متجددة ومشرقة من خلال (قص الشعر أو تغيير لونه) وهو اكثر جزء يكون خاضعا للتغيير عند النساء الم يقولوا (الشعر تاج فوق رأس المرأة) !فشل وبإمتياز أن يكون (رومانسيا) ليس في الانتباه لجزئية الشعر فحسب ، بل حتى بتجاهل ما ترتديه زوجته من ملابس جديدة تستوجب المدح والثناء والاعجاب! بل هو يريد احيانا ان يعبر عن رومانسيته تجاه ما تلبس زوجته وما يناسبها فيعتقد انها تلبس شيئا جديدا ! فترد عليه (انا قد لبسته مائة مرة قبل ذلك !)
مكافاءة مالية
فكر ان يكون (رومانسيا) فاسدا! ولجأ الى أبنته لتكون (جاسوسة) على أمها وتبلغه بالهاتف عن اية تغييرات تحدثها امها في ظل غيابه ليتصنع الدهشة ويبدي الاعجاب فيكون رومانسيا! ووعد ابنته بإنه سوف يمنحها مكافأة مالية على هذه الخدمة !ولكن الحظ لم يكتب لهذه الخطة النجاح ، اولا لأن ابنته احيانا لا تعرف بالتغيرات التي تحدث في غيابها عن البيت ولكنها بمجرد دخولها للبيت تكتشف بسهولة هذا التغيير ولم تبلغ الاب قبل فوات الاوان! ثانيا :حافز الرشوة غير مغري لأن ابنته تأخذ من أبيها ما تريد من دون ان تكون عميلة له وتنقل خصوصيات امها الى ابيها والبنت تقف في صف امها وليس مع الاب ( غير الرومانسي)!كان يبحث عن فرصة لإثبات رومانسيته المضمرة في داخله تجاه من يحب ، وجاءت اليه/ وهو يسير في شوراع الكرادة قطعت عليه مراسلة جميلة تحمل بيدها (ميكرفون) لتطلب منه مشاركة في برنامج اجتماعي عنوان الحلقة (هل أنت رومانسي مع زوجتك)؟ وافق فورا على المشاركة، وقال لنفسه انها فرصتي لإصلاح ذات البين مع زوجتي في هذه الجزئية! بدأ متماسكا لبيان مدى اهمية الرومانسية في تعزيزالعلاقة الزوجية! نظريا الزوج كان رومانسيا بإمتياز في هذا اللقاء ولكنه عمليا كان فاشلا في تطبيق هذا الكلام! حتى قاطعته المراسلة قائلة : احسد زوجتك على ما تمارسه من رومانسية معها!؟ انها فرصتي قال مع نفسه وأجاب: مع الاسف انا اشعر بالتقصير تجاه زوجتي بسبب مشاكل عملي وانشغالي وتعبي انسى الرومانسية ومكوناتها عندما اعود الى البيت، وانا اتوجه بالتحية لها واعلن من خلال قناتكم اعتذاري الى زوجتي من خلال هذا البرنامج وامام كل المشاهدين واعطي لها وعدا بإن اكون رجلا (رومانسيا ) ولو متأخرا ! شديد التركيز والانتباه لكل التفاصيل منذ اليوم!المشكلة النفسية التي يعاني منها الزوج هو انه بسهولة يكتشف التغيرات في تفاصيل الاخرين (الأصدقاء والزملاء والزميلات ومعارفه) ولكنه لا يراى تلك التغييرات في (زوجته)! أي انه رومانسيا مع كل الناس الا مع زوجته!شعر بالارتياح والسعادة لمشاركته في هذا البرنامج واستعاد ما قاله ، وعرف موعد بث البرنامج وحمل مع هدية ثمينة ووردة حمراء سوف يقدمها الى زوجته وهي تسمع ما قاله عن الرومانسية واعتذاره ووعده لها امام الجميع وفي الفضائية !انتهت بالنسبة له مرحلة (عدم القدرة) على أيصال رومانسيته المكبوته الى حبيبته وزوجته وسيكون اكثر تركيزا للتغيرات والتفاصيل التي كانت بمثابة اختبارات عاطفية وهو يطلق عنها (كمين عاطفي) للتشكيك بمدى حبه لزوجته! ولعن اكثر من مرة (الرومانسية) فهي (صعبة التطبيق)
بداية رائعة
دخل عصرا الى البيت وهو مبتسما وسعيدا على اثر اللقاء! سألته زوجته شنو اخبار الشغل؟ اشوفك سعيد وفرحان!؟ هل ربحت جائزة المليون دولار؟ تحولت الابتسامة الى ضحكات متقطعة ! انت الجائزة وقيمتها اكثر من مليون – بداية رومانسية رائعة- واسترسل من دون ان ينظر في عيون زوجته كيف تحدث عن الرومانسية وكيف اعتذر لها لكونه غير رومانسي طيلة 45 سنة من عمر زواجهم ، وبينما هو يتكلم بحماس ويقول لها نسهر اليوم لمشاهدة البرنامج الرومانسي ولدي مفاجأة رومانسية تسعدك كثيرا! وادار ظهره بسرعة للدخول الى غرفتهم لتغيير ملابسه! صاحت عليه وهي حزينة والدموع في عيونها (أنت معاقب) لانك لم تر ان (لون عيوني تغيرت من الاسود الى البني بالعدسات وانني قصصت شعري وصبغته ليتلائم مع لون عيوني الجديدة وكذلك لم تنتبه ان ما ارتديه من مـــلابس هي جديدة )!!