لم لا نتعلم من إيران ؟
مجاشع التميمي
مضى نحو أربعين يوما على أزمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران، وحينها قال المرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي، إن إسرائيل «ستعاقب بشدة» على اغتيال هنية، وقتها شعر العالم أن الحرب في الشرق الأوسط باتت قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فتعطلت الحياة في إسرائيل وأوقفت شركات الطيران الكبرى التحليق فوق المنطقة، لكن طهران استمرت بالتهديد والوعيد دون ان ترد على اغتيال هنية لأنها ادركت خطر الرد على المصلحة العليا للنظام، وهذه العقلانية بعينها لان واشنطن لا ترحم وتمتلك القوة في المجالات كافة بلا منازع فأرسلت حاملات الطائرات ونشرت اعداداً اكبر من الجنود في الشرق الأوسط وكأنها قامت بمحاصرة ايران عسكريا.
وفي العراق، الدولة غير المستقرة والمهلهلة والفقيرة في كل مجالات الحياة والتي تقودها قوى الإطار التنسيقي، الحليف الأكبر لإيران، فالمشهد السياسي يختلف تماماً، فلم يتعلم قادة السياسة العقلانية واستقراء الأوضاع، بل ان بعض قوى الاطار المتطرفة تمسكت في غلوها وعدائها لأمريكا في قبالة صمت مطبق للقوى المعتدلة الإطارية.. اليوم بات واضحا أن هناك تهديدا ووعيدا من قبل الكونغرس الأمريكي ورغبته بتوجيه أعضاء في الكونغرس رسالة إلى الرئيس جو بايدن بشأن العراق، تضمنت اتهام عدة أطراف عراقية، بما في ذلك وزارتا النفط والنقل وشركة سومو، بالتورط في تهريب النفط العراقي لصالح الخزينة الإيرانية ويشمل ذلك التلاعب بالتخصيصات وتهريب النفط الأسود الذي يتم تحويله من استخداماته الصناعية المقصودة وبدلا من ذلك يتم تهريبه إلى السوق الدولية، وقبلها كانت هناك تصريحات من نائب أميركي بحق رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان التي اعتبرها العراق «تدخلا سافرا في الشأن العراقي»؛ لكن الأخطر هو ما قاله مايكل نايتس، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، بشأن التعاون الأمني مع العراق حيث قال «يتعين على واشنطن تعديل تبادل المعلومات الاستخباراتية الثنائية وفقاً لذلك» وخطورة هذه التصريحات كما يقول الدكتور خالد العرداوي، المحلل السياسي «إن نايتس رسخ موقعه ليكون واحدا من عدد محدود من الكتاب -لا يتعدون أصابع اليد الواحدة- المؤثرين في واشنطن ويستقي منهم صانع القرار الامريكي معلوماته واستشاراته عن العراق، ولا سيما بعد تشكيلهم ما يسمى بالأضواء الكاشفة عن المليشيات في العراق والذي حث واشنطن تعديل تبادل المعلومات الاستخباراتية الثنائية مع العراق».
عموما وحتى لا يطول الكلام فأن على قيادات الدولة التعامل بحذر مع واشنطن لأنها ماضية في التشكيك بمؤسسات الدولة وخاصة الأمنية والاقتصادية والمالية وأن أي عقوبات تفرض على القطاع النفطي او البنك المركزي او القضاء وغيرها سينهي النظام السياسي وحينها سيكون الجميع خاسرا، لذلك على القوى المتشددة في عدائها لأمريكا ان تغلب العقل على العاطفة في المجال السياسي خاصة أن العراق لا يمتلك العوامل التي تجعله قادرا على مواجهة أمريكا وحلفائها والدخول في حروب ولا يمتلك ما عند طهران من قوة اقتصادية وعسكرية وانتاجية صناعية وزراعية وعمق إستراتيجي ووحدة موقف على المستويين السياسي والشعبي.