الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
يجب أن سماع المحامين

بواسطة azzaman

يجب أن سماع المحامين

وليد عبدالحسين

 

في العهد الملكي وحتى بداية العهد الجمهوري في العراق كانت التشريعات يشارك في تشريعها المحامون ، وبمراجعة سريعة لأغلب القوانين التي ما زالت عماد العمل القضائي والإداري في العراق ستجد أن في لجان تشريعها عدداً من المحامين ، فمثلا القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 الذي كُتب في بغداد بتاريخ 4 / 6 / 1951 من قبل لجنة برئاسة الفقيه عبدالرزاق السنهوري كان في اللجنة أربعة محامين هم كل من» نشأت السنوي وحسين جميل وداود السعدي وحسن عبدالرحمن « مما يدل على أن الجهات التشريعية في العراق كانت تعرف أهمية المحامي وتقّدر دوره ، غير أن هذا الالتفات التشريعي لمشاركة المحامين في إعداد التشريعات إذ ينحسر بل وينعدم منذ سبعينات القرن الماضي وحتى الآن ، رغم أن المحامين من أكثر شرائح الشعب اندكاكاً بالقوانين وقراءة لها وخوضا في النقاشات حولها ، وبالتالي يعرفون مكامن القوة والضعف فيها.

بتاريخ 26 اب 2014 دُعيتُ إلى ندوة مقامة في مكتب تيار الحكمة الوطني  حول مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المثير للجدل السياسي والاجتماعي والقانوني هذه الأيام ، وبحضور أعضاء من مجلس النواب من ضمنهم مقدم مقترح التعديل رائد المالكي و رجل دين من المجمع الفقهي السني على ما أذكر د. طه  و رجل دين شيعي نور الساعدي وعدد من الناشطين والناشطات و الإعلاميين و نساء يمثلن مناصب حكومية ، و أعتقد كنت وبمعيتي إثنان من الزملاء المحامين الوحيدين في القاعة .

أدارت الجلسة موظفة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وابتدأت حديثها بأن يتحدث النائب رائد المالكي ومن ثم ممثل المجمع الفقهي ومن ثم الشيخ نور الساعدي ويكون لكل واحد منهم (7) دقائق في حديثه ، لينتقل مجال الحديث للحضور وأن مدة الندوة ساعتين بدأت الساعة الرابعة والنصف وتنتهي الساعة السادسة والنصف .

ابتدأ الحديث النائب رائد المالكي واستغرق في حديثه نصف ساعة متحدثا عن سيرته العطرة ومنجزاته وحربه الضروس من أجل اقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي سيكون فتحا مبينا للشريعة و سيقضي على إزدواجية ثنائية الفقه الإسلامي والقانون الوضعي وما إلى ذلك من الرؤى كاشفا عما يواجه من حرب ومتاعب وصعاب!

صوت مرتفع

ثم أخذ مثل وقته ممثل المجمع الفقهي قائلا أن دقائقي السبع من نوع دقائق النائب رائد المالكي ، لينتقل الحديث إلى الشيخ نور الساعدي ومن ثم إلى نائبة دنيا الشمري وإذا بالوقت يصل الساعة السادسة وعشر دقائق !

والحضور يتجاوز عددهم العشرين ، فلو تحدث كل واحد منهم دقيقتين سنحتاج (40) دقيقة ولم يتبق من الوقت سوى (20) دقيقة نتقاسمها كل واحد منا دقيقة واحدة !!

عندها انتفضت بصوت مرتفع ووجهت كلامي لمديرة الندوة والنائب ، قلت لهم نحن محامون وأعلم منكم بتطبيقات القوانين ومشاكل القانون النافذ وبالتالي التأشير على مكامن ضعفه كي يتلافاها التعديل ، حضرنا كي نتحدث ونناقش ونبدي آراء قانونية لا حزبية ولا دعائية ولا عقائدية ، إذا كان القصد من الندوة مؤتمرا صحفيا لسيادة النائب فكان الأجدر بكم أن تسجلوه وتبثه قناتكم الفضائية فنشاهده من بيوتنا ، لماذا تجشمنا عناء القدوم لكم من مدننا ، أثارهم كلامي وسمحوا لي بإبداء رأيي القانوني غير أنه لم يعجبهم ولم يثبتوه كملاحظة في التعديل كما ثبتوا نقاط النائب ورجال الدين على سبورة موضوعة خلفنا ، فعرفت حينها أن حضورنا كان لملء مقاعد القاعة وكي ينشروا أنها ندوة قانونية أقيمت بحضور محاميين و إعلاميين ونوقش المقترح وأشبعه الحاضرين بحثا ونقاشا ورأيا !

حينها قتلتني الحسرة وندمت على حضوري هكذا ندوة لا يُستمع فيها إلى المحامي ويُنظر إليه كرقم لا كعالم في اختصاصه ، فشكرا على المنضمين لهذه الندوة على دعوة الحضور و أعتذر عن حضور نشاطاتهم أو نشاطات غيرهم مالم يعرفوا قيمة المحامي ويستفيدوا من حضوره و لا يستغلوا حضوره كعدد فحسب!

   كاتب وحقوقي عراقي

 

 


مشاهدات 228
الكاتب وليد عبدالحسين
أضيف 2024/09/03 - 11:09 PM
آخر تحديث 2024/12/21 - 8:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 82 الشهر 9264 الكلي 10065359
الوقت الآن
الأحد 2024/12/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير