تدنيس البراءة
ثائر علوان
مكث مختبئا في البيت، لم يخرج من غرفته ألا للضرورة الملحة؛ أبواب جهنم مشرعة في السماء. شغلة تراشق المدونين في السوشيال ميديا بين مؤيد ومعارض، إزاء قضية زواج القاصرات. تخيل نفسه يزف على قاصرة، اختنق مشمئزا؛ بصق، مثل الذي دخلت في انفه ذبابة بغته. ظل يقرأ كثيرا، يدخن كثيرا، أوجعته طعنات الملل والقهر. خرج من المنزل بعد ما انطوى النهار القاتل، لا أثر للشمس سوى سخونة الأرض والجدران. مشي مستنفر الأعصاب، سمع جدلا رياضيا حول كرة القدم في نهاية الزقاق، انعطف الى الزقاق الأخر لفحته رائحة خمر ودخان حشيش، توقف عند أحد الأبواب، ضغط زر الجرس. فتح له الباب، احتضنته طفلته المدللة بقوة وقادته من يده الى غرفة الاستقبال، وجد صديقه جالسا على سجادة الصلاة، تبادلا التحايا.
جلس على الأريكة، انهمر فمه بالكلام: دون مقدمات هل سمعت عن خبر زواج القاصرات، ما هذا القانون المجحف؟ رد صديقه ببرود: هذه فتاوى علمائنا وينبغي تنفيذها. اخرس من هول الصدمة، ظل ينظر في أرجاء الغرفة. وقعت على عينيه وردتان، تحسسها بيده، أنها يدا طفلته المدللة تلها بقوة مبعدها عنه، التصقت به ووضعت دفتر الرسوم أمامه “عمو”: انظر الى رسوماتي الجديدة، لكزها بمرفقه جعل بينه وبينها مسافة، حدق بعينيها قرا شعور الأحراج على قسمات وجهها، بكى في سره. بقي شارد الذهن، أرجعته من شروده “عمو” أنى نجحت الى الصف الثالث الابتدائي، سيصير عمري تسعة سنوات. هز رأسه مجاملا.
“عمو” شعرك مبعثر سأمشطه لك كشعر أبي، اقتربت منه وضعت المشط على راسه، نهرها بهستيريا. تكلم صديقه: أزعجتك “نونة” رد: لا، ابدا لكن على الذهاب. غادر الغرفة مسرعا.