الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جنك‭ ‬العراق

بواسطة azzaman

جنك‭ ‬العراق

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

في‭ ‬البريد‭ ‬الالكتروني،‭ ‬يوجد‭ ‬تبويب‭ ‬خاص‭ ‬عنوانه‮»‬‭ ‬جنك‮»‬junk‭ ‬أي‭ ‬الرسائل‭ ‬العشوائية‭ ‬والمغرضة‭ ‬والوهمية‭ ‬والمؤذية‭ ‬التي‭ ‬يرسلها‭ ‬مرسلون‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يكونون‭ ‬محتالين‭ ‬يحملون‭ ‬فايروسات‭ ‬للتنصت‭ ‬او‭ ‬سرقة‭ ‬البيانات‭ ‬او‭ ‬اختراق‭ ‬البريد‭ ‬الالكتروني‭ ‬او‭ ‬الترويج‭ ‬لبضاعة‭ ‬أو‭ ‬خدمة‭ ‬وهمية‭ ‬يتورط‭ ‬بها‭ ‬قليلو‭ ‬الخبرة‭ ‬والغافلون‭ ‬ويدفعون‭ ‬لقاءها‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتشفوا‭ ‬انهم‭ ‬دفعوا‭ ‬للصوص‭ ‬يختفون‭ ‬بعد‭ ‬القبض‭ ‬مباشرة‭. ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الايميلات‭ ‬الجنك‭ ‬والتي‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬متقنة‭ ‬من‭ ‬الاخراج‭ ‬والاقناع،‭ ‬تدفع‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬للوقوع‭ ‬ضحايا‭ ‬لها‭ ‬بسبب‭ ‬غفلة‭ ‬معينة‭ ‬او‭ ‬حب‭ ‬الفضول‭ ‬او‭ ‬الضعف‭ ‬ام‭ ‬اغراء‭ ‬دعائي‭ ‬معين،‭ ‬فيقوم‭ ‬احد‭ ‬الغافلين‭ ‬بفتح‭ ‬رابط‭ ‬يحتوي‭ ‬صورة‭ ‬مثيرة‭ ‬وكلاما‭ ‬مبهرا‭ ‬حول‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬او‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬مشروع‭ ‬ما‭ ‬،‭ ‬وهنا‭ ‬يكمن‭ ‬فخ‭ ‬سحب‭ ‬معلومات‭ ‬الضحية‭ ‬واختراق‭ ‬بياناته‭ ‬المتاحة‭ ‬على‭ ‬بريده‭ ‬او‭ ‬حاسوبه‭.‬

‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬يحدث‭ ‬شيء‭ ‬مشابه‭ ‬اقل‭ ‬احتيالاً،‭ ‬اذ‭ ‬انه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬اوربية‭ ‬وفي‭ ‬بريطانيا‭ ‬يلصق‭ ‬ساكنة‭ ‬المنازل‭ ‬عند‭ ‬صندوق‭ ‬بريدهم‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬الباب‭ ‬الخارجي‭ ‬للمنزل‭ ‬عبارة‭ ‬جاهزة‭ ‬تقول‭ “‬رجاءا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬هذا‭ ‬البريد‭  ‬الجنك‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬بمنشورات‭ ‬الدعاية‭ ‬للمطاعم‭ ‬والشركات‭ ‬ومكاتب‭ ‬العقارات‭ ‬والخدمات‭ ‬المنزلية‭ ‬والشخصية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يطلبها‭ ‬الناس‭ ‬لكنها‭ ‬ترسل‭ ‬اليهم‭ ‬مجانا،‭ ‬ويرى‭ ‬بعضهم‭ ‬فيها‭ ‬ازعاجاً‭ ‬منزلياً‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬منه‭ ‬يسرق‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الثمين‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن،‭ ‬لاسيما‭ ‬حين‭ ‬يسافر‭ ‬اهل‭ ‬المنزل‭ ‬ويعودون‭ ‬بعد‭ ‬أسبوعين‭ ‬ليروا‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬متراكمة‭ ‬من‭ ‬الدعايات‭ ‬الورقية‭ ‬التي‭ ‬تختلط‭ ‬مع‭ ‬رسائل‭ ‬مهمة‭ ‬،‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬ضحية‭ ‬عدم‭ ‬انتباههم‭ ‬لها‭ ‬بسبب‭ ‬فوضى‭ ‬كمية‭ ‬الأوراق‭ ‬الدعائية‭ ‬التي‭ ‬تغطيها‭.‬

في‭ ‬السياسة،‭ ‬والعمل‭ ‬الاستخباري‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬‭ ‬جنك‮»‬‭ ‬ايضاً،‭ ‬وهو‭ ‬مدروس‭ ‬ومبوب‭ ‬وتقف‭ ‬خلفه‭ ‬جهات‭ ‬تعمل‭ ‬ليلاً‭ ‬ونهاراً،‭ ‬اذ‭ ‬يجري‭ ‬اغراق‭ ‬الساحة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تافه‭ ‬وسيء‭ ‬ورخيص‭ ‬ومؤذٍ‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬ترى‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬قيمة‭ ‬لشيء‭ ‬او‭ ‬انسان،‭ ‬وهنا‭ ‬يضطر‭ ‬بعضهم‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‮»‬‭ ‬الدعاية‭ ‬الجنك‮»‬‭ ‬والالحاح‭ ‬الجنك‮»‬‭ ‬الى‭ ‬التعامل‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬معينة‭ ‬مع‭ ‬أفضل‭ ‬الخيارات‭ ‬السيئة‭ ‬المفروضة‭ ‬او‭ ‬الطاغية‭ ‬في‭ ‬المشهد،‭ ‬كون‭ ‬انه‭ ‬لابديل‭ ‬هناك‭ ‬ينافسه‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الجيدة‭ ‬والراقية‭.‬

العراق،‭ ‬خضع‭ ‬للفوضى‭ ‬الخلاقة‭ ‬وهي‭ ‬نوع‭ ‬مرسوم‭ ‬ومسيطر‭ ‬عليه‭ ‬عبر‭ ‬الآلة‭ ‬الامريكية‭ ‬الهائلة‭ ‬السياسية‭ ‬والاستخبارية‭ ‬عند‭ ‬غزو‭ ‬البلد‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬ليكون‭ ‬النتاج‭ ‬المحصود‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬او‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬او‭ ‬واحد‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متداول‭ ‬من‭ ‬تراجعات‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬النمو‭ ‬التنويري‭ ‬لصالح‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬ظلامي‭ ‬وخرافي‭ ‬ومزور‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬انتاج‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬القابلة‭ ‬لمقاومة‭ ‬النعرات‭ ‬والانقسامات‭ ‬والانهيارات‭ ‬والاطماع‭ ‬الخارجية‭. ‬

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 273
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/08/09 - 11:56 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 11:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 330 الشهر 9801 الكلي 10052945
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير