عن تعديل المادة 57 الخاصة بحضانة الأطفال
محمد الكرخي
عملياً، لا فائدة من الكلام بالسلب أو الإيجاب بخصوص تشريع وتطبيق القانون في عراقنا العظيم والجميل، وذلك لأن مصادر وجهات تشريع القوانين لا تنطلق من مبادئ «حقوق الإنسان» في التقنين وإنما تنطلق من مبادئ قروسطية، والكلمة الفصل في وضع القوانين وإنفاذها هي كلمة الأحزاب السياسية الماسكة بزمام السلطة مدعومة بمليشياتها المسلحة والشخصيات النافذة الدينية والعشائرية.
كما أن الثقافة الاجتماعية العراقية بعيدة كل البعد عن القانون. إن ثقافتنا الاجتماعية العراقية لا تهتم بالثقافة القانونية، وبالتالي فإن القوانين لا تؤثر في سلوك الإنسان العراقي قبل وقوعه في مشكلة مقننة مسبقاً، وإنما هو يقع في المشكلة ومن ثم يعرف حدوده وحقوقه وواجباته القانونية فيها. وعموماً، تنتهي أغلب المشاكل بحلول وتسويات عرفية.
فيما يخص المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية، فإن دعاة تغيير هذه المادة يقولون: «إن تعديل هذه المادة سيقلل من حالات الطلاق». باعتبار أن الزوجة-الأم ستفكر ألف مرة قبل الطلاق بسبب سلب حضانة الأطفال منها، ما أن يتموا من العمر سبع سنين.
يعتقد هؤلاء أن «الحضانة» سبب رئيس للحد من الطلاق. لكن باقي الظروف المؤدية إلى الطلاق، من قبيل: الفقر، الجهل، الأخلاق السيئة لأحد الزوجين أو كلاهما، تدخل الأهل، الملل، الخيانة الزوجية، البخل القذارة الشخصية وو؛ مما لا يدفع إلى الطلاق!
إن منع المرأة من الزواج في فترة حضانتها لأطفالها حتى يتموا السابعة من العمر، مما يظلم المرأة المطلقة ويسلبها حقها في الزواج من رجل آخر وتكوين أسرة جديدة، فضلاً عن أنه يحرمها من حقها الإنساني والقانوني والشرعي في إشباع شهوتها بالحلال من خلال الزواج -بحسب التعبير الديني-.
ربما، لو فرض القانون الجديد -المقترح كتعديل للمادة 57- على الزوج المطلق «ألا يتزوج هو الآخر، حتى يبلغ أطفاله الخامسة عشر أو الثامنة عشر من العمر» لربما أمكننا الاتفاق مع دعاة القانون الجديد، باعتبار أن الزوج سيفكر ألف مرة قبل الزواج في اختيار زوجته، وسيفكر مليون مرة قبل أن يطلق زوجته ويصبح حاضناً لأطفاله بعد أن يتموا السابعة من العمر في كنف أمهم.
إن حرمان الزوج المطلق من الزواج حتى يتم أولاده ال15 أو 18 سنة، هو تشريع قانوني عادل قبال القانون الجديد المقترح الذي يخير المرأة بين إما «حضانة الطفل لعمر ال7 سنوات» أو «الزواج وخسارة الحضانة». وهو تشريع يصعب من اتخاذ قرار الطلاق بالنسبة للزوجين. وأظن أن هذه هي حُجة دعاة تبديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية.
أما رأيي الشخصي في الموضوع، فأنا ضد القانونين، ولا أراهما ملائمين لروح العصر وواقع المجتمع العراقي. وفي الوقت نفسه، أرى أن تشريع القوانين بروح معاصرة في مجتمع ذا عقلية قروسطية، سينتهي إلى هضم كثير من الحقوق. وما تقدم يضطرنا لقبول مبدأ: «ليس في الإمكان أبدع مما كان»...