التواصل الرقمي صناعة لواقع لغوي جديد
مجيد عبود فهد
إن انتشار «الشبكات الإجتماعيّة» كان عاملاً مهما في التأثير على اللغة بشكل سلبي وذلك لان مستخدمي هذه الشبكات ليسوا على مستوى تعليميّ وثقافي واحد وعليه برز استخدام العاميات والتي أصبحت معلما لهذه الشبكات الأمر الذي أدى إلى صناعة واقعا لغوياً جديداً ففي ضوء التطور التكنولوجيّ وبروز التفاعلية في الاتصال، وتوافر عنصر الإتاحة والنشر الأليكترونيّ، وبمستوياتها الاجتماعيّة المختلفة للناشرين ضمن فضاء عالميّ مفتوح ظهرت «اللغة الهجينة» وهي من أخطر ما أنتجته هذه التطورات، إذ وضعت لغات رصينة وعالميّة كاللغة العربيّة في موضع حرج فنجد الأطفال والشباب يستخدمون لغة لا تمت بصلة إلى هذه اللغة عبر ابتداع كلمات جديدة ودخيلة قد لا يفهمها إلاَّ أبناء الجيل الجديد, ويطلق البعض على هذه اللغة «عربيّزي» أو لغة «الميديا» وهناك من يسميها «الفرانكو آراب»، «عبارة عن مزيج من مصطلحات انجليزية, وفرنسية, وأرقام ومصطلحات عربيّة محكية وليست فصحى، وتنطق هذه اللغة مثل اللغة العربيّة. لكن الحروف المستخدمة في الكتابة هي حروف لاتينية, ورموز, وأرقام فمثلاً حرف العين يكتب رقم 3 والهمزة رقم2» .
كما أصبحت «الشبكات الاجتماعيّة» ساحة للأخطاء الإملائيّة، والضعف اللغويّ، تحت مبرّر التفاعليّة والسرعة بين المستخدميّن. فضلاً عن محدوديّة مستواهم التعليميّ والثقافيّ, يضاف إلى ذلك شيوع استخدام اللهجة العامية والرموز التعبيرية, والصور, والرسوم, والإشارات وذلك للتعبير عن حالة عاطفية أو موقف معين.
وأسهم استعمال «اللغة الهجينة» في تعميق الفجوة بين هذا الجيل, والجيل السابق؛ لإحساس الجيل الحالي بإنتمائه لثقافة عصرية مستلهمة من الغرب ويثير هذا تساؤل خطير حول مدى تأثر اللغة العربيّة في هوية المجتمعات العربيّة . إذ أصبحت اللغة العربيّة الفصحى في معركة شرسة بينها من جهة وبين الانجليزية, والعاميّة العربيّة من جهة أخرى فقد أشارت الدراسات إلى أن انتشار اللغة الهجينة لدى مستخدمي «الشبكات الاجتماعيّة» يعود للأسباب التالية:
شيوع استخدام اللهجة العامية في مختلف وسائل الإعلام لكونها الأقرب إلى الثقافة الشعبيّة .
رغبة الشباب في وجود لغة تعبرّ عنهم وتخصهم وتكون بمثابة تحد لما يراه المجتمع .
جـ- قصور النظام التربوي والتعليميّ في معظم البلدان العربيّة في تعليم العربيّة الفصحى بحيث يتقنونها ويستطيعون الكتابة بسهولة
د- عدم إلمام الشباب بقواعد اللغتين الفصحى, والانكليزيّة على السواء فاستعانوا بلغة هجينة تجمع بين اللغتين
وتُعدّ هذه الظاهرة من مظاهر علمنّة اللغة في العصر الحالي وتعنى بالوصول إلى لغة محايدة للتعبير عن الأمور الانسانيّة لاستبعاد كل ما هو أخلاقيّ, وغائي, ومركب اجتماعيّ وصولاً إلى ما يعرف بـ «اللغة الذاتيّة» وهي اللغة الخاصة إلى أقصى حدّ تعتمد بشكل كبير على الرموز والإيقونات . ومن هنا ينبغي على المؤسسات التربوية ان تأخذ بنظر الاعتبار هذا التحدي الخطير عبر الاهتمام ببرامج تثقيفية تحاكي التطور التكنولوجي المتسارع .