يقول الدكتور علي الوردي ( إن الحقيقة اسوأ اختراع بشري ) لم افهم تلك العبارة حينها وعجبت كيف تكون الحقيقة اسوأ اختراع بشري، الآن اختلف الامر حقا ، عندما انظر إلى تاريخي الماضي وتواريخ من هم من جيلي وكيف تقلبنا بين اوهام كنا نعتقدها حقائق مطلقة لايأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فالحقيقة المعتقد بصحتها المطلقة هي بنت لحظتها و زمانها وظروفها المحيطة بها، ففي فترة الستينات ظهرت صرعة القومية العربية بترويج من مصر الناصرية حينها ،واكتسحت البلاد كطوفان طاغ، حتى أن كثيرا من الأعراق غير العربية انخرطت وتفاعلت مع الموجة، وبعد عقود انهارت الموجة انهيارا مريعا بعد نكسة 1967, وحتى لانتهم بالانحيازية، ناخذ الحركات اليسارية أيضا، جاءت كطوفان اكتسح العراق شمالا وجنوبا ولكن سرعان ما خفتَ بريقها لأسباب كثيرة، ثم جاءت موجة مد التيار المسمى ( ديني ) الذي اكتسح كل التيارات السابقه ومن الغريب بالأمر أن الذين كانوا بأقصى اليسار المتطرف اضحوا بأقصى التيار الديني المتطرف، الملاحظ بكل ماسبق من التيارات أن غالبية معتقدي تلك الأفكار كانوا مستعدين للتضحية بأرواحهم من اجلها، بل وقتلوا مخالفيهم شر قتلة، ثم بعد حين اكتشفوا بطلان معتقداتهم السابقة وتحولوا بالضد منها، السؤال العجيب… ماذنب الذين قتلوا وماتوا اثناء تقلبنا في اكتشاف واستنباط ماكنا نعتقده حقيقة، ماذنب الذين ضحوا بحياتهم من أجل مااعتقدوه في حينه أنه حقيقة تستوجب التضحية بكل غال ونفيس من أجلها، ومن كل التيارات القومية واليسارية والدينية وغيرها، صدق وابدع الدكتور علي الوردي حين قال: الحقيقة اسوأ اختراع بشري،
حينما نعتقد أننا وحدنا نمتلك الحقائق وغيرنا المخالف يستحق الموت تنطبق علينا تماما مقولة الدكتور ،لا بل حتى المخالف الشديد جدا لنا قد نراه بعد حين في جبهتنا التي هجرناها ونحن قد انتقلنا إلى جبهته السابقة، الحقيقة الثابته والمؤكدة هي التغيير سمة من سمات الكون اللازمة والمؤكدة، والمطلق فقط هو الذي لايتغير وهو موجد الكون، ( قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) التأني في اعتناق مانعتقده حقيقة لازمة إنسانية ضرورية وإلا مصيرنا الفشل في الدنيا والآخرة، وإلى الله ترجع الأمور.