الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحرية الحسينية

بواسطة azzaman

نبض القلم

الحرية الحسينية

طالب سعدون

 

الحرية ليست أن يفعل الانسان ( ما يراه على هواه )  أو هي مغامرة غير محسوبة ،  بل هي  قدرة على الاختيار مقيدة بهدف يستحق التضحية من اجله وقد تصل التضحية الى حد الاستشهاد كما حصل مع الحسين في وقفته في كربلاء التي استحق بها ان يكون سيد الشهداء في الجنة عند الله والنموذج الثوري الاول  ونبراس الثورات والثوارعند الانسانية جمعاء والى ان تقوم الساعة ..

الحرية ليست  شعارا للاستهلاك فقط كما هي اليوم  تمارس تحته شتى انواع الاضطهاد وسلب الحرية ..هي  عند الحسين واجب  ومسؤولية في ضمان تطبيق مبادىء العدل والحق الالهية وعدم المساس بها مهــــما غلت التضحيات  وكثر الاعداء ..

الحرية عند الحسين نقيض  العبودية ..  هناك خط فاصل بينهما  وهو على يقين بالنصر الذي يجني ثماره على مدى التاريخ  وهذا الاحتفاء بوقفته الخالدة على سعة المعمورة دليل على ذلك ..

كان الحسين  على يقين ان الظلم اذا استمر بقوته وتضليله  زمنا فلا بد ان تنتصر الحرية في النهاية لانها مع الحق .

الحرية  عند  الحسين أن تجهر بالحق في زمن يحتاج الى ان تعلنه بصوت عال وتتحمل تبعاته  امام القوة مهما كان جبروتها وظلمها ..

وعلى هذا الاساس فان

الحرية ليست  قولا عابرا  بل فعل على الارض لا يقدم عليه سوى الاحرار ..

والحر في الاسلام ان يتحرر من الدنيا  ولا يكون عبدا لها ويخضع لله وحده وليس للحاكم اذا لم يلتزم بشرع الله ..

الحرية عند الحسين التزام امام الحق ورفض للظلم والقوانين البشرية الظالمة ..   

الحرية عند الحسين انسانية اي ان يشعر الانسان بانسانيته فلا يستعبد نفسه لغيره بل يربطها بهدف عال يليق بها وقدم نفسه مثالا لها عندما اختار طريق الشهادة في سبيلها ..

لذلك لا تليق الحرية الا بالاحرار وهي غير مرتبطة بزمان ومكان بل هي صراع دائم بين الحق والباطل والخير والشر والقبح والجمال على مر العصور ..

كونوا احرارا في دنياكم

كلمة  قالها الحسين وأخذت مكانها في  صفحات الخلود على إمتداد الزمن ، وإستقرت في ضمائر المتطلعين  للحرية ، وكسر قيد العبودية ، بكل اشكالها ... كانت  معينا للاحرار على مدى التاريخ  ، وعونا للضعفاء في  معرفة الطريق الصحيح لرفض  الظلم وانتزاع  حقوقهم  المشروعة وحريتهم المصادرة ...

كونوا احرارا في دنياكم  ..

تعني أن يكون الانسان حرا في الرأي والفكر والاختيار ، لأن الحرية تعطي الانسان  مساحة  وافية من التفكير ، وإعمال العقل ، وتضمن له صواب الموقف لتمييز الحق من الباطل ، والصحيح  من الخطأ ، والمفيد من الضار ، والخير من الشر ، والتحرر من الاطماع والشهوات وحب السلطة والمال ..

لقد إستحق الحسين ( ع ) بحق واستحقاق أن يكون أبا الاحرار ، واعداؤه  هم  الاذلاء ، العبيد للمال والسلطة والظلم  ، وأعداء الدين والانسانية .. تلاحقهم اللعنات الى يوم الدين ..

الحسين نموذج في الوفاء للمبادىء بمحض الارادة .. وهذا يفرض أن يرتقي الوفاء  عند من يؤمن بخطه الى مستوى ذلك العطاء  ..

والوفاء هنا ليست كلمة تقال ، أو ممارسة خالية من مضمون  تلك المبادىء ،  بل هي موقف وسلوك .. عمل وتطبيق ، وليست شعارات  فقط ، تقال للاستهلاك ، والكسب غير المشروع  ..

أي أن الوفاء للحسين  يكون في  السير على خطاه ، والالتزام بتلك المبادىء  العظيمة  التي إستشهد من أجلها ، وتجسيدها في مفردات حياتية ..بالعمل الصالح ، وحسن الأداء ، والتنظيم  ، ونصرة المظلومين ، ومحاربة الفساد والفاسدين  ..

و يقينا أن ثمن الحرية غال بالتأكيد ، وقد يدفع الانسان دمه في سبيلها ، لأنه بدونها يتحول الى كائن أخر،  يُقاد بلا إرادة وتفكير ورأي  ، وتصادر كرامته ، و بغيابها تنعدم المساواة ، وتكافؤ  الفرص في مجتمعه ، و يسود قانون شريعة الغاب فتكون الغلبة للاقوى .

وما أسهل تقديم التضحيات مهما  كانت  كبيرة على أصحاب المبادىء العالية  ، والضمائر الصافية .

باختصار :

الحرية ...

كلمة واحدة  لكنها تختصر معاني إنسانية كثيرة  ... وقد أخذت هذا الاهتمام في الفكر الحسيني  لأنها تعطي للحياة قيمتها ، وللانسان دوره فيها ، وبدونها لا تستقيم  الحياة قطعا ، وتختل العلاقة الانسانية بين البشر ، وبخلافها  يسحق القوي الضعيف ، ويستغل الغني الفقير ، ويستأثر بالسلطة والثروة  والجاه من لم يستحقها ، وينتصر الباطل - المستند الى القوة الغاشمة - على الحق ، على العكس من القوة المبصرة  فهي  تكون عونا للمظلومين ، وسندا للمستضعفين ...

    

كلام مفيد :

كل شيء عظيم خلفه انسان حر ..( البرت اينشتاين) ..

 

 


مشاهدات 153
الكاتب طالب سعدون
أضيف 2024/07/10 - 4:24 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 6:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7872 الكلي 9369944
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير