الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بدلاً من عيادة .. طبيبتان شابتان تفتتحان مكتبة أطراس وأكثر

بواسطة azzaman

خدمة للمرأة والطفل وبإدارة نسوية كاملة

بدلاً من عيادة .. طبيبتان شابتان تفتتحان مكتبة أطراس وأكثر

 

بغداد - رجاء حميد رشيد

في العاشر من آيار الماضي ،أفتتحت الطبيبتان الشقيقتان الشابتان، بان زينب، أبنتا الروائي المشهور عبد الخالق الركابي مشروعها الثقافي الجديد(مكتبة أطراس ..وأكثر) في جانب الكرخ بمنطقة المنصور/ الداوودي في قلب العاصمة بغداد، اللمسات الأنثوية بدت واضحة في كل أركانها ، فالتصاميم والإنارة والديكورات نفذت من قبل مهندسة وبالتعاون مع الشقيقتين صاحبتي المشروع، صفت الكتب على رفوفها الممتدة على جدرانها بطريقة تسهل على القارئ إختيار الكتاب الذي يريده بسهولة ويسر، فيما خصص أحد رفوفها لمؤلفات والدهما الأستاذ عبد الخالق الركابي، يتقدمها مؤلفه الموسوم «أطراس الكلام»  حيث استمدّ المشروع من أسمه، مع توفير أجواء مناسبة للقراءة تصاحبها الموسيقى الهادئة ،ووجود بعض أصص النباتات الظلية التي  تضفي على المكان رونق وجمال والشعور بالراحة النفسية والصحية لروادها .

تتألف المكتبة من قسمان ، قسم للكبار ، والآخر للأطفال والناشئة، كما زين الجدار الرئيسي في مدخلها بصور كبار الأدباء والشعراء العراقيين من الرواد، تتوسطها صورة والدهما، مع وجود كافتيريا صغيرة إتخذت مكانها في أحد أركان المكتبة لتوفير الماء والمشروبات الساخنة والباردة، وتستقبل المكتبة روادها يوميا على مدار الأسبوع ،من الساعة الحادية عشر ظهراً لغاية الحادية عشر مساء .

فكرة المشروع

عن انبثاق فكرة المشروع  تقول بان الركابي «من الطبيعي أن تتبلور لدينا فكرة مشروع إفتتاح مكتبة ، نحن ثلاث أخوات طبيبات، والدنا كاتب وقارئ نهم جدا ،حيث نشأنا في بيت مكتبة ،وليس مكتبة في بيت ، فالمكتبات تغطي جدران غرف بيتنا ذو الطابقين ، وكانت الجريدة والأخبار والتحرير هي لعبتنا منذ الصغر ،كان هذا الجو العام الذي يسود بيتنا ،ولم يكن متقصرا على الكتب والقراءة بل كان بيتنا يعج بالجلسات الثقافية وزيارات المثقفين والأدباء أصدقاء ومعارف والدي ،بالرغم من إنحسار هذه الجلسات نوعا ما بسبب الظروف الإستثنائية الصعبة التي مر بها البلد» .

فيما أكدت شقيقتها الدكتورة زينب ، بأن الحافز الأكبر لإفتتاح مشروع المكتبة، هو لتوعية وتثقيف الجيل الجديد وأولادنا  الذين لم يعيشوا هذه الأجواء التي عشناها في طفولتنا ، حيث كان  الكتاب هو أهم مصدر للمعلومات ،وكنا نقرأ كتاب ألف ليلة وليلة ونساء صغيرات الخ ،خلافا لأطفال اليوم ،جيل الآيباد ومواقع السوشيل ميديا المختلفة ، وهي محاولة لتقريب أولادنا لعالم الكتب والقراءة ،وهذا الهدف الرئيسي الذي من أجله بادرنا بفتح مشروع المكتبة ، والسعي لإعادة الجيل الجديد إلى عالم الكتب بدلا من إنشغاله بمواقع التواصل الإجتماعي ،ومن أجل الحفاظ على قيمة الكتب الذي تتعرض لخطر الاندثار،  وأكدتا بأنهما يسعيان لتوسيع تجربتهما الشخصية في مشروعهما هذا لتكون تجربة إجتماعية عامة.

وأشارت الدكتورة بان بأن اختيارها لعناوين الكتب التي تحتويها المكتبة لم يكن سهلا ، وجاء من خلال متابعتها وحضورها لثلاث معارض أقيمت في بغداد ،حيث حرصت على إقتناء  الكتب الأعلى تقييما والأكثر مبيعا في أجنحة  الدور العربية والغير متوفرة في مكتبات شارع المتنبي ببغداد ، مع إقتناء البعض الآخر من الدور المحلية  الرصينة مثل المدى ، ودار الجمل ، والرافدين ، وغيرها ، ولم تعتمد في ابتياع الكتب على ما تحب قراءته شخصياً ، بل على الكتب الأعلى تقييماً من قبل الجمهور القارئ ، كما اعتمدت على اختيار عناوين الكتب من خلال الاستفسار من رواد المكتبة عن الكتب المفضلة لديهم ، والتي لم يجدوها هنا في المكتبة لتعمل على توفيرها لهم مستقبلاً .

رواد المكتبة

أغلبية روادها من النساء، خصوصا بعد أن علموا بأن المكتبة تدار حصريا من قبل النساء ، فسرعان مايشعرن بالإطمئنان والارتياح ،خاصـــــــــــة الشابات والفتيات ، وبالرغم من أن المكتبة ليست حكراً على  على النساء ، حيث يشعر البعض منهن بحرج عند رؤية بعض الشباب ، ولكن بوجود إدارة نسائية تتلاشى مخاوفهن  ، وأصبـــــــــحن من رواد المكتـــــــــبة ،هذا من جانب.

ومن جانب آخر لاحظنا أن الأمهات يشعرن بالثقة والأمان من خلال وجودنا معهن ومساعدتهن في إختيار الكتب المناسبة لبناتهن وحسب أعمارهن ، خاصة وأن لدينا الكثير من المشاريع والورش الخاصة بالأطفال ،منها تفعيل نادي القراءة ، ومشروع قريب جدا .وهي سرد القصة المسموعة او ما يعرف في فلكلورنا العراقي الشــــــــعبي ( الحكواتي ، القصخون ) ، وذلك  من خلال زميلة لهن تبرعت بالعمل على تقديم قصة للأطفال ،  وقصها عليهم بشكل مثير لتخفيزهم على القراءة والمتابعة ، كما هناك ورش للأعمال اليدوية، حيث تفاجأنا عند إقامتها برغبة الكثير من الفئات العمرية الشابة وليس اقتصارها على الأطفال فقط، في الإنـــــــــضمام  والمشاركة فيها ،منها ورشة لتنسيق الزهور الطبيعية وغيرها.

نظام المكتبة ومنهاجها

فكرة المكتبة الاساسية هي ( big store) متجر لبيع الكتب ، أكثر من نصف الكتب الموجودة متاحة للبيع ،وبنفس الوقت هناك كتب للاستعارة لمدة أسبوع او عشرة أيام  مقابل اجر رمزي ، يعني نظام المكتبة ، بيع كتب ، استعارة خارجية ، وقراءة داخل المكتبة ، كما حرصنا على توفير كتب،  الروايات ، والأساطير ، التنمية البشرية ، التأريخية ، ونطمح أن تكون أطراس منتدى ثقافي ، من خلال أقامة النشاطات والفعاليات الثقافية المتنوعة وتنظيم وعقد الورش والمحاضرات التي نستهدف من خلالها فئات عمرية مختلفة واتجاهات مختلفة.

مع إستضافة كتّاب وأدباء في جلسات ثقافية خاصة بأطراس، مع تنظيم حفلات توقيع الكتب ايضا ، واقامة ورش لتعليم الرسم ، وتعليم الكتابة (كتابة القصة القصيرة)  للفئات العمرية فوق 18 سنة  وسيقيمها الأستاذ قاسم السعودي ،مع أقامة ورش ومحاضرات عن الأدب الانكليزي وتطوير اللغة.

تحديات ومصاعب

أهم التحديات التي واجهتنا هي المنافسة مع سوق المطاعم والكافيهات المنتشرة في كل معظم بمناطق بغداد المختلفة ،والتي تشكل منتديات شبابية ترفيهية فقط دون هدف واضح.

 ويعتبر هذا أكبر تحدي لمشروع هادئ وسط مشاريع صخب وضجيج،  مبدية أسفها على ضعف وتراجع الأقبال على القراءة أمام ثورة تكنلوجيا المعلومات وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ، والسوشيال ميديا ، والأجهزة الالكترونية.

والتحدي الآخر كوننا نساء ، والنساء لديهن أكثر من التزام ،فلدينا مشروعنا الخاص والتزامات البيت والأولاد والمدارس بالإضافة إلى وظيفتنا الصباحية كوننا طبيبات .

 ولكن المرأة العراقية مدربة منذ أيام الحصار والحروب فهي تعمل كل شيء في يد واحدة ووقت واحد ، وخير مثال والدتي ، فهي مدرسة وهي عكازة والدي الذي وضعه الصحي يحول دون قدرته على الكتابة بوضوح ، بعد تعرضه لحادث أثر على حركته منذ بداية زواجهما فأصبحت والدتي هي القلم الخاص به ، فهو يحكي وهي تكتب ، وهذه العملية تحتاج إلى ساعات ، وهي أم لثلاث بنات ومدرسة ،بالإضافة إلى متطلبات واحتياجات البيت ، فالمرأة العراقية تقوم بكل هذه الأعمال وعلى اكمل وجه،إذن فهذا الطبع متوارث لدينا ، ونحن  اليوم أيضا نخطو خطاها ونعمل أكثر من مهمة في وقت واحد  كطبيبات وأمهات وإدارة منازلنا وإدارة المكتبة مشروعنا الجديد .

دعم الجهات الثقافية

وعن الدعم من الجهات  المعنية بالثقافة والأدب  لمشروعها الثقافي ، وبالرغم من مرور فترة قصيرة جداً على أفتتاح المكتبة ، إلا إنها أصبحت محط أهتمام الكثير من الأوساط الثقافية ،حيث فوجئنا بزيارة وفد من الإتحاد العام للأدباءوالكتاب في العراق ، ممثلاً بأمينه العام الشاعر الأستاذ عمر السراي يرافقه الأستاذ حسن البحار ،وأبدى الوفد الزائر مساندته ودعمه لمشروعنا واستعدادهم للتعاون من خلال أقامة النشاطات والفعاليات الثقافية المتنوعة ، كما تم زيارة العديد من الكتاب والأدباء أصدقاء الوالد مبدين استعدادهم للتعاون والمساعدة لإنجاح مشروعنا، مع تقديم مجموعة من مؤلفاتهم القيمة أثروا المكتبة بعناوينها وموضوعاتها خدمة للوسط الثقافي ، منهم الدكتورة رغد السهيل الحائزة على جائزة الإبداع العراقي في مجال القصة لعام 2023،فيما أبدى الأستاذ قاسم سعودي تطوعه لتقديم ورشة ثقافية مشتركة.

والدنا جدا فخور بمشروعنا هذا والذي جاء بإصرار من قبلنا لإفتتاح هذا المشروع من ضمن اختصاصه كأديب وقاص ، وبعيداً عن اختصاصنا الطبي ،فالآباء والأمهات يشعرون بسعادة غامرة حين يلتمسون بصماتهم واضحةً عند الأبناء ، بمشروعنا هذا أستطعنا ترجمه بصمته الثقافية على أرض الواقع  ، ونأمل باستمرار ر تحقيق الحلم وتأثيره على المجتمع عامة.

قالوا عنه

يقول الأمين العام لإتحاد الكتاب والأدباء في العراق الشاعر عمر السراي، (أطراس ) فكرة طازجة ، تجمع بين المتعة والفائدة وهو من مبتكرات السيدتين (بان)و(زينب) أبنتي الروائي القاص والروائي القدير عبد الخالق الركابي ، اللتين أرادتا للكتاب أن يكون متوفراً في مكان جديد فكان المشروع في منطقة (المنصور) ليتناغم مع جمهور أدبي جديد، إذ ستواصل هذه المكتبة تقديم جلسات ثقافية نزخر بالجمال .

الكاتبة الدكتورة رغد السهيل ، بشرى لعشاق القراءة في الكرخ ، صار لدينا مكتبة (أطراس ) راقية ،هادئة ،جميلة تتنوع كتبها بين الفكر والسرد والشعر والفن والفلسفة وحتى كتب الأطفال في باقة رائعة وديكور أنيق تنم عن رهافة حس وعمق فكر صاحبتيها د.بان ، و د. زينب  ،ولا غرابة أن عرفنا أنهما أبنتا المبدع الكبير الأستاذ عبد الخالق الركابي أمده الله بالصحة والعافية وعادة أصحاب التخصصات العلمية لا يزجون أنفسهم في عالم الأدب والفكر إلا أن شغف حقيقي تربوا عليه .

 


مشاهدات 415
أضيف 2024/06/22 - 3:51 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 12:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 267 الشهر 10935 الكلي 9361472
الوقت الآن
السبت 2024/6/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير