الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البعث وتفتيت النسيج العشائري

بواسطة azzaman

البعث وتفتيت النسيج العشائري

حسين الزيادي

 

العشيرة كمنظومة قيمية ساهمت الى حد كبير في عملية الضبط الاجتماعي لأفرادها من خلال رص الصفوف والتعايش السلمي وتوجيه ابنائها على ضرورة المحافظة على الممتلكات العامة ورد الارهاب وكل من تسول له نفس المساس بوحدة الشعب العراقي وافشال مخططات الأعداء ، وكانت العشائر العراقية تمثل مصدر خطر على نظام البعث لما عرف عنها من مبدئيية وعدم الرضوخ للظلم والقمع والاستبداد، لذلك عانت العشيرة كثيراً من تصرفات النظام وممارساته ، وقد بدأ نظام البعث في بداية استيلاءه على السلطة بالسعي الحثيث لاستئصال القبيلة وما يتعلق بقيمها وموروثها الاجتماعي، حتى أنه أصدر تعليمات تقضي بمنع الألقاب في المخاطبات والمعاملات الرسمية، وهو أمر يعكس رغبة النظام في احتواء القوى العشائرية وتغييب نفوذها وإخفاء دورها، لأنه يدرك تماماً أن المنظومة العشائرية تشكل خطراً على توجهاته المستقبلية ونواياه التوسعية، إذ لعبت الأخيرة دوراً مؤثراً في السياسة العراقية خلال العقود السابقة، وتأسيساً على ما تقدم انحسر دور العشائر العراقية عن الساحة السياسية والاجتماعية خلال فترة السبعينات ونهاية الثمانينات،  لكنه سعى لاحقاً في بداية التسعينيات وتحديداً بعد غزوه للكويت واخماد الانتفاضة الشعبانية لتأسيس قبلية الدولة وتقوية نفوذ القبيلة بهدف الحفاظ على سلطته ولتكون بديلاً يمكن الاستعانة بها بديلاً عن القانون، من خلال استمالة بعض رؤساء العشائر والسيطرة على نفوذها، حيث بدأ يعتمد على العشيرة كقوة مسلحة تخدم أغراضه وتضمن له الولاء والطاعة، وكان يأخذ التعهدات على الشيوخ بعدم خروج من يعارض النظام او يقف أمام مسيرة الحزب مهما كانت الأسباب وفي خلافه يتحمل شيخ العشيرة المسؤولية، ومن هنا يتضح أن تعامل البعث كان تعاملاً تكتيكيا مرحلياً بحسب ما تقتضيه مصلحته السياسية والأمنية، الأمر الذي ادى الى ظهور مايسمى بأريفة المدن، وكان رأس النظام يلتقي بشيوخ العشائر على نحو منتظم ودوري، ويترك لهم حرية القيام بالأعمال الأمنية في مناطقهم، بل وأنشأ مكتباً لشؤون العشائر يتبع رئاسة الدولة، كما حاول نظام البعث أن يؤسس شرعية دينية باختلاق أنتسابه للرسول الأكرم صلى الله عليه واله، فهو يدرك ان السادة ممن ينتهي نسبهم بالرسول محمد لهم مكانة اجتماعية مؤثرة في عشائرهم، وعموماً يمكن إجمال الأفعال التي قام بها نظام البعث خلال مرحلة التسعينيات بالآتي:

اعلام حكومي

1- تم تشكيل مكتب خاص لشؤون العشائر مرتبط برئاسة الدولة، وكان الإعلام الحكومي مواظباً على نقل اللقاءات التي يجريها رأس النظام مع شيوخ العشائر

2- ابعاد نظام البعث الشيوخ الذين يرى النظام انهم مصدر خطر او انه يشكك في ولائهم .

3- حاول النظام ان يزرع التفرقة بين شيوخ العشائر فحاول أن يمد هؤلاء بالمال والتأييد اللازم ومنحهم الكثير من الامتيازات، وابعد البعض الاخر.

4- أدرك البعث ان المجتمعات العشائرية غالباً ما تشكل نمطا من الاستقلال الذاتي بفعل الطبيعة اللامركزية لنظامها، فحاول أن يفتت هذا النسيج المتكامل ويخلق الضغينة والعداوات داخل المنظومة العشائرية.

5- حاول النظام زرع الفتنة بين العشائر العراقية من خلال إبعاد بعضها وتقريب الآخر ومحاباته، أو منح أراضي عشيرة ما إلى عشيرة أُخرى وكان المعيار في ذلك هو الولاء للنظام السياسي.

6- امتازت فترة التسعينيات بتصرفات تعكس همجية النظام ورعونته واستخفافه بالآخرين وتهميش دورهم، فقد أمر صدام بإحضار رؤساء العشائر من مختلف المحافظات لمقابلته في القصر الجمهوري بعد هزيمته النكراء في الكويت وقد كان إحضارهم بشكل لا يليق بهم وبقوا لساعات طويلة بالانتظار ثم أدخلوا قاعة الاستقبال وهي  مطفأة الأنوار.


مشاهدات 162
الكاتب حسين الزيادي
أضيف 2024/06/15 - 3:36 AM
آخر تحديث 2024/06/29 - 11:58 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 320 الشهر 11444 الكلي 9361981
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير