فاتح عبد السلام
واجه العراق منذ عقود بعيدة معضلة اختيار الوزراء في الحكومات المعينة، ولعل اوج المعضلة تجلى في العقدين الأخيرين، اذ عانى البلد من ظروف استثنائية مراراً ولم يرتق الى مستوى الازمات اختيار الوزراء.
والمسألة ليست جديدة ، وخاصة بنظام العملية السياسية المقننة بعد الاحتلال الأمريكي ، فقد صعد الى مناصب عليا في النظام السابق اشخاص غير مؤهلين جملة وتفصيلاً لكي يكونوا وزراء او قادة في أجهزة الدولة ، ومن أمثال أولئك علي حسن المجيد وحسين كامل ووطبان الحسن وسبعاوي الحسن، في وقت احتكر حجز الموقع الوزاري على نحو مزمن ثلاثين عاما طارق عزيز متنقلا بين الاعلام والخارجية، وهناك امثلة أخرى لكن الملاحظات الأولية تشير ان قاعدة اختيار المنصب الوزاري كانت مقسمة على نطاقين ، الأول المناصب المرتبطة برأس النظام مباشرة وهي العسكرية والأمنية، وهذه عبارة عن ملء فراغات عائلية بسبب فقدان الثقة خارج مربع العائلة الحاكمة مع وجود ملحق حتمي بهم من هم طه الجزراوي وعزة الدوري وسعدون شاكر، وكان النظام يغطي هؤلاء بمصطلح مجلس قيادة الثورة، ذلك المجلس الذي يوحي من عنوانه ان البلد في حالة صراع تحتمل اللعب بالقوانين وفقاً لصلاحيات الطوارئ وانه لم ينتقل الى مرحلة الدولة المؤسساتية الحديثة، كما كان هناك غطاء هزيل وهزلي اخر يحمل عنوان المجلس الوطني.
أمّا النطاق الثاني فقد كان ذا طبيعية خدمية في الاغلب ويجري اختيار الكفاءات ذات الخبرة والتي تصعد الى المنصب من خلال تسلسل وظيفي فيه درجة عالية من الاقناع.
في العقدين الأخيرين مع النظام “ العراقي “الجديد، كانت القاعدة الغالبة هي ظهور وزراء ضعفاء لا يتوافرون على أدنى المعايير التي تؤهلهم للوصول الى المنصب، وصار سهلاً على المراقبين ان يلاحظوا صعود «نظرية” العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.
ندرك ان مجلس النواب مبتلى بكمية من التسطيح هي نتاجات حزبية وطائفية لا خلاص منها، غير ان المرحلة المتقدمة الواجب ان يتمسك بها البلد هي اختيار الوزراء الأكفاء من دون التسليم بخيارات زعماء الكتل وما تعني في الكواليس. لكن هذا الامر لم يتحقق، في أي من الحكومات المتعاقبة، ولا تزال تراكمات الفشل «تثخن» يوما بعد اخر، في ترحيل حتمي للفشل من دورة الى أخرى.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية