الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأصبع‭ ‬المنتصب‭.. ‬وفتوى‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة

بواسطة azzaman

الأصبع‭ ‬المنتصب‭.. ‬وفتوى‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

لا‭ ‬أدري‭ ‬أين‭ ‬هي‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والسياحة‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الجدال‭ ‬الكبير‭ ‬المفعم‭ ‬بالسخرية‭ ‬والمُثقل‭ ‬بالدلالات‭ ‬الايحائية‭ ‬المُعيبة‭ ‬غالباً‭ ‬إزاء‭ ‬تمثال‭ ‬“الأصبع”‭ ‬المرفوع‭ ‬الذي‭ ‬ينتصب‭ ‬واقفاً‭ ‬أمام‭ ‬أحد‭ ‬الفنادق‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭.‬

من‭ ‬الناحية‭ ‬الجمالية،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬اية‭ ‬قيمة،‭ ‬كما‭ ‬انّ‭ ‬المضمون‭ ‬السياسي‭ ‬اذا‭ ‬اردنا‭ ‬تبريره‭ ‬عنوةً‭ ‬لا‭ ‬يوحي‭ ‬بأنه‭ ‬اصبع‭ ‬انتخابي‭ ‬مثلاً،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬صارت‭ ‬الانتخابات‭  ‬وراء‭ ‬ظهر‭ ‬المواطنين‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬باتوا‭ ‬يسخرون‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬سخريتهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المنتصب‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يجسد‭ ‬الاصبع‭.‬

التماثيل‭ ‬والمنحوتات‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تراعي‭ ‬حقيقة‭ ‬كبرى‭ ‬هي‭ ‬انه‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬شهدت‭ ‬اقدم‭ ‬الأعمال‭ ‬النحتية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬وأهمها‭ ‬جمالياً‭ ‬وثقافياً‭ ‬على‭ ‬الاطلاق،‭ ‬وانَّ‭ ‬تماثيل‭ ‬الثيران‭ ‬المُجنّحة‭ ‬العملاقة‭ ‬والتي‭ ‬يوجد‭ ‬نسخ‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أشهر‭ ‬متاحف‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تخطف‭ ‬قلوب‭ ‬المشاهدين‭. ‬كما‭ ‬انَّ‭ ‬الاعمال‭ ‬النحتية‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الستة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬قلتها‭ ‬كانت‭ ‬علامات‭ ‬فنية‭ ‬مضيئة‭ ‬ودلالات‭ ‬لها‭ ‬معان‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬والفولكلور‭ ‬والتاريخ‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬للشعب‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬“الاصبع”‭ ‬الذي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬ايحاءات‭ ‬جنسية‭ ‬في‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬عند‭ ‬النظر‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬معينة،‭ ‬انّما‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الانحدار‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬كلّما‭ ‬جاء‭ ‬وزير‭ ‬جديد‭ ‬للثقافة‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬بجهله‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬أو‭ ‬بعلمه‭ ‬وضعفه‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يصحح‭ ‬شيئا‭.‬

ماذا‭ ‬نقول‭ ‬لسائح‭ ‬أمريكي‭ ‬أو‭ ‬فرنسي‭ ‬أو‭ ‬سويدي‭ ‬يقف‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬“الاصبع”‭ ‬المنتصب،‭ ‬حين‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬الدليل‭ ‬السياحي‭ ‬شرحاً‭ ‬وافياً‭ ‬عن‭ ‬الدلالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لهذا‭ ‬المنتصب‭ ‬الكبير؟‭ ‬أما‭ ‬اذا‭ ‬أرادَ‭ ‬السائح‭ ‬نسخة‭ ‬جبسية‭ ‬او‭ ‬معدنية‭ ‬صغيرة‭ ‬لمجسم‭ ‬التمثال‭ ‬كما‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬يقتني‭ ‬مجسمات‭ ‬ملوية‭ ‬سامراء‭ ‬او‭ ‬منارة‭ ‬الحدباء‭ ‬قبل‭ ‬النسف‭ ‬او‭  ‬نصب‭ ‬الجندي‭ ‬المجهول،‭ ‬ليأخذها‭ ‬معه‭ ‬عند‭ ‬العودة‭ ‬لبلده،‭ ‬فعند‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬الدليل‭ ‬السياحي‭ ‬مضطراً‭ ‬للعودة‭ ‬الى‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والسياحة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬من‭  ‬تمثال‭ ‬الاصبع‭ ‬المنتصب،‭ ‬ولأنهم‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬أي‭ ‬نسخة،‭ ‬فلعلّه‭ ‬سيتلقى‭ ‬جواباً‭ ‬في‭ ‬انَّ‭ ‬النسخ‭ ‬نفدت‭ ‬لكثرة‭ ‬الطلب‭ ‬عليها‭ ‬او‭ ‬انّ‭ ‬طلبك‭ ‬حول‭ ‬الاصبع‭ ‬المرفوع‭ ‬رفعناه‭ ‬الى‭ ‬السيد‭ ‬الوزير‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬فعل‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬ماهي‭ ‬فتواه؟

العراقيون،‭ ‬لاسيما‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬منهم،‭ ‬يعرفون‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬النعال‭ ‬أبو‭ ‬الاصبع،‭ ‬لكنهم‭ ‬التمثال‭ ‬أبو‭ ‬الاصبع‭ ‬جديد‭ ‬عليهم‭ ‬فعلاً‭.‬

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 283
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/06/12 - 11:07 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:20 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 308 الشهر 11432 الكلي 9361969
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير