زار مدينة الموصل الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي في العاشر من شهر تشرين الأول عام 1921م ، وحل ضيفا معززا مكرما على عائلة موصلية ذات فضل وكرم هي عائلة آل قاسم آغا بن عبد الله أفندي بن محمد آغا السعرتي وهي عائلة عريقة النسب كريمة المنبت والشيم لها منزلتها الاجتماعية المرموقة بين عوائل الموصل قديما وحديثا ،فقد كان جدها الأكبر محمود باشا الصدر الأعظم للدولة العثمانية على عهد السلطان مراد الثاني. وبرزت منها شخصيات مؤثرة في إدارة المدينة ابان السلطنة العثمانية وفاعلة في خدماتها المدنية والاجتماعية للموصل الحدباء مثل الوالي سعيد أفندي بن قاسم آغا السعرتي الذي تولى الموصل بولايتين الأولى من عام 1898م لغاية 1904م والثانية من عام
1908م لغاية 1912م . ومنهم السيد آصف وفائي بن قاسم آغا ( 1876- 1938م) الذي تخرج في المدرسة الرشيدية العثمانية ، شغل مناصب عدة في سلك العدل والإدارة المدنية وساهم في الحياة النيابية في عهد العراق الملكي ، اذ عمل قائمقام لأكثر من قضاء وكان عضوا في المجلس البلدي والعمومي لولاية الموصل وهو أحد مؤسسي جمعية الإخاء الوطني الموصلية وكان عضوا في المجلس التأسيس العراقي الذي وضع أسس الدولة العراقية الحديثة وأصبح عضوا في مجلس الاعيان العراقي لعدة دورات، فضلا عن أنه شغل منصب نائب رئيس مجلس الاعيان حتى وفاته . وبرز من هذه العائلة النائب سالم نامق آل قاسم آغا (1901 – 1974م) الذي فاز بعضوية مجلس النواب العراقي لثلاث دورات – الدورة الخامسة 1934م ، والدورة العاشرة 1943م والدورة الحادية عشرة 1947م – وشغل مناصب إدارية إذ عمل مديرا لناحية السورجي عام 1936م وقائمقام لقضاء زاخو وله الفضل في توفير الكهرباء وانشاء أول مشروع للماء الصالح فيها ، وتقلد منصب قائمقام قضاء الموصل عام 1939م . وشارك في تأسيس حزب الوحدة الوطنية الذي ترأسه علي جودت الأيوبي وانتخب سكرتيرا عاما له ، وفي تشرين الأول عام 1942م أصبح وكيلا لمتصرف لواء الموصل ثم قائمقام قضاء سامراء في شباط 1942م فضلا عن أنه أصبح عضوا في مجلس إدارة معمل النسيج في الموصل وكان له اهتمام بالزراعة والعناية بها. ومن شجرة هذه العائلة السيد احمد عزت وابنه عدنان احمد عزت آل قاسم آغا وابنتاه الخطاطتان المشهورتان جنة أم الشهيد وفرح أم عدنان فضلا عن الأستاذة الدكتوره عزّة عدنان احمد عزت. وقد أشاد الشاعر الرصافي بكرم الموصل الحدباء وفضل أهلها من خلال هذه العائلة الكريمة وأصالة انتمائها ورقي اخلاقها وحفاوة استقبالها وطيب منبتها ورفعة شرفها . حيث قال :
للموصل الحدباء فضلٌ قد غدا كلُّ الفخارِ به لآل القاسم
قومٌ اذا صلّوا دعَوا بصلاتهم يا ربِّ أكرمنا بضيف قادم
فيحلّ ضيفُهم محلَّ كبيرِهم ويقومُ سيدُهم مقامَ الخادمِ
ولقد نزلتُ بهم فكنتُ كأنني في جنَّة من أنْعُمٍ ومكارِمِ
ورأيتُ من آدابهم ما لو حوَتْ كأسُ الطِلى شُرِبتْ بغير مُنادم
وعلمتُ أنَّ المجدَ شيءٌ يُشترى بمكارم الاخلاق لا بدراهم
سأخصُّ نامقهم بشكرٍ خالدٍ منِّي وأحمدُهم بحمدٍ دائم
انِّي أرى الشرف العظيم كخاتم في خُنصرٍ لأبي المهذَبِ سالم
والعزَّةُ القَعساء أُعْلِمَ نهجُها من فضل احمد عزّة بمعالم
عجبًا أُوَدعهم واعلمُ اننّي بعد الوداع أعيشُ عيشَ النادم
وكذاك آدم إذ تمرد تاركًا عيشَ الجنان فلم يكن بالحازم
الموصل 10 تشرين أول 1921
معروف الرصافي