الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
علي عيسى في زيارة مفاجئة الى (الزمان): مستحقّاتي مهدورة والمؤسّسات تتنكّر للصورة

بواسطة azzaman

علي عيسى في زيارة مفاجئة الى (الزمان): مستحقّاتي مهدورة والمؤسّسات تتنكّر للصورة

احمد عبد المجيد

 

سررت بزيارة مفاجئة، قام بها صاحب العين الذهبية الفوتوغرافي اللامع علي عيسى الى الجريدة، قبل أيام. وكان عيسى قد انقطع عن التواصل معي، منذ اكثر من عقدين، انصرف خلالها الى تنظيم ثروته النادرة من الصور، التي توثق مسيرة الفرقة القومية للتمثيل وأنماط السينما والمسرح.

واعادت الزيارة الى خاطري، وقائع وحكايات عشناها، ابان عملنا الصحفي في الصفحات الأخيرة، حيث ينصب الجهد على ملاحقة النشاط المسرحي والسينمائي في بغداد والمحافظات. كانت دائرة السينما والمسرح تحرص على وضعنا في صلب جهودها لاحتضان الحركات الفنية في المحافظات، ولذلك تنظم سلسلة رحلات الى البصرة والموصل وكربلاء وبابل وبقية المحافظات، التي شهدت في اواخر السبعينات ولادة فروع للفرقة القومية خارج بغداد.

ودأب علي عيسى على مرافقتنا في هذه الرحلات وتسجيل وقائع العروض في ايامها الاولى، حيث تقدم وسط جو احتفالي ورعاية محلية ملحوظة وكانت صورعدسته مادة معززة لانطباعاتنا المكتوبة. وبذلك سررت لان عيسى استدرج ذاكرتي الى هذه المرحلة التي اتسم اداؤنا الصحفي خلالها، بالمثابرة والشغف والحماسة والامانة في النقل وترجمة الوقائع.

وتحدثنا في لقائنا عن مسيرة تجاوز عمرها الاربعة عقود، وحرص الرجل على ذكر الاسماء التي اضاءت خشبات المسرح وأنارت ستوديوهات السينما واحيت الفنون الشعبية، كان يسردها باحترام واعجاب شديدين.

وكان دليله في كلامه، هو الوثيقة، الصورة المعبرة والحافظ الأمين ، وللامانة أيضاً فان عيسى لم يعتمد عينه الذهبية حسب، في توثيق المشاهد والتفاصيل ، بل لجأ الى الترصين عبر كتابة عناوين المسرحيات واسماء المؤلفين والمخرجين، بما يجعل عمله ذاكرة حية تتحدى التقادم.

مهمة آخرى تولاها عيسى، واكد شغفه النادر بالوظيفة الاتصالية التي اوكلت اليه، وهي الحافظ على نقاء الصور وارشفتها في منزله، وكأنها خرجت من غرفة التحميض للتو. وبذل عيسى جهداً جباراً في الحفاظ على ثروته من الخدش والتلف وتبدل الألوان أو ضياع الملامح، برغم تقادم السنين وتعدد انتقالاته السكنية منذ السبعينات، وما تتركه من اعباء على كاهل الأسرة.

مشاعر نبيلة

وقدم لي علي عيسى في زيارته المفعمة، بالذكريات والمشاعر النبيلة والذكر الطيب، نسخة من موسوعة اصدرتها له شبكة الاعلام العراقي تحت عنوان (موسوعة العراق المصورة) وقد كرست لنشاطات الفرقة القومية – الوطنية للتمثيل. وهي مبادرة تحسب للشبكة، برغم بعض الملاحظات الفنية التي رافقت الطبعة وخضعت لتقويم المصور البارع. وكان الأحرى بالقائمين على الموسوعة تجاوزها، فيما لو اخذوا بآراء المصور ولم يتجاهلوا دوره أو يتنكروا لمجهوداته. فهو ما زال يطاردهم في الحصول على حقوقه المالية، التي لن تسقط بالتغاضي، حتماً. واني اذ أعرف جيداً متاعب المصور وكفاءته وادرك حسن نواياه وطيبة اخلاقه، فاني اطالب الجهات المعنية في الشبكة، وفي مجلس الوزراء، بصرف مستحقات المصور علي عيسى، التي مضى عليها نحو سنتين واوقفتها البيروقراطية.

ان الدول المحترمة تحفظ لمثل علي عيسى حقوقه وتقدر انجازاته وتمده بأسباب الاستمرار والعطاء، وذلك بفتح الابواب امامه لتقديم خبراته وتعليم اجيال جديدة من الشباب، مهارات أرشفة وتوثيق انجازات بلدهم في مختلف المجالات والقطاعات، فالواقع اليوم يخلو من عدسة تملك كفاءة علي عيسى وجهاده. هل تعلمون ياسادة ان ارث السينما والمسرح، كان الآن غير موجود أو مفقوداً، لولا هذا الرجل؟ لقد عرض نفسه الى الخطر، في الأيام الأولى لسقوط النظام، من أجل العثور على (فريمات) الصور في مختبر التصوير في الطابع الرابع بمسرح الرشيد وقد حفظها بأمانة؟، لقد واجه احتمال القتل من عصابات السطو المسلح والعناصر المجهولة التي تولت حرق منشات الدولة وسرقة محتوياتها، وبحسب ابن خلدون فان الدول عندما تنهار تظهر العجائب وتعم الاشاعة ويضيع التقدير بسوء التدبير ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتال. وظل علي عيسى اميناً على تاريخ طويل من عطاء كبار المسرحيين والسينمائيين العراقيين، الذين أسسوا بنكران ذات، أهم حركة فنية في التاريخ العربي، أبطالها راحلــــون لكن بصماتهم ما تزال ماثلة لن يمحو أثرها الزمن، كان علي عيسى يبحث عن الجمال المفتقد وســـط القبح السائد، وكما يقول دوستو فيــــــــسكي ان (الـــــعالم لا ينقذه إلا جماله). فالى علي عيسى ارفعوا قبعاتكم واصرفوا له مستحقاته.


مشاهدات 163
الكاتب احمد عبد المجيد
أضيف 2024/05/08 - 4:55 PM
آخر تحديث 2024/05/20 - 1:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 49 الشهر 7726 الكلي 9345764
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير