اللهم تب علينا
حسين الصدر
-1-
التوبة من الذنوب والخطايا واجبةٌ على كل حال، وهي ذات سقف مفتوح..
لا يَحُدُه زمنٌ مُعيّن .
والتوبة في شهر رمضان تأتي متناغمة مع أجواء شهر الرحمة والغفران وموسم العتق من النار فتكون نوراً على نور .
-2-
ولسنا بحاجة الى ( كرسيّ للاعتراف ) ولا لوساطة أحد من المخلوقين .
بل يكفي التوجه بالتوبة الى الربّ العظيم فهو التوّاب الرحيم .
وليست التوبة الاّ اظهار الندم على التفريط فيما مضى ،
واتخاذ العزم بترك العودة الى ما مُورس من المعاصي في المستقبل .
-3 –
انّ إبقاء باب التوبة مفتوحا أمام الناس هو من مظاهر لطف الله ورحمته بعباده .
-4-
ان التائب حبيب الله
قال تعالى :
( إنَّ الله يُحبُّ التوابين ويُحب المتطهرين )
البقرة / 222
-5-
وهناك الكثيرون –وفي طليعتهم الشباب – يسوفون التوبة ويقولون :
لماذا العجلة ؟
اننا نريد الاستمتاع باللذائذ ، ومتى ما بلغنا مرحلة الشيخوخة سنتوب الى ربنا مما اقترفاه من الخطايا والذنوب .
والجواب :
مَنْ منكم يضمن بقاءه الى انْ يبلغ مرحلة الشيخوخة ؟
أما ترون أمامكم من يُباغتهُ الموت ويختطفه وهو في ريعان الشباب ؟
قال الشاعر :
يا مَنْ يُعدُ غداً لِتَوْبتِهِ
أَعَلى يقينٍ مِنْ بلوغِ غَدِ ؟
أيامُ عمرِكَ كُّلها عَدَدٌ
ولعلَّ يومَكَ آخرُ العَدَدِ
-6-
والمستفاد من احاديث اهل البيت ( عليهم السلام ) ان من جُملة آثار التوبة :
انّ الله يُنسي المَلَكَيْن ما كانا كتبا على التائب من الذنوب .
ويُوحي الى جوارحه انْ اكتمي عليه ذنوبه،
والى بقاع الارض ان تكتم عليه ذنوبه ايضا .
فيلقي الله حين يلقاه وليس عليه شيء من الذنوب .
-7-
وهناك من يتوب من ذنب لكنْ لا عن ندم واعتراف بالتقصير بل سبب عدم قدرته على فِعْلِهِ كمن يدمن على معاقرة الخمرة ولا يجد في يديه من المال ما يمكنه من شرائها .
وهذا ما تحدّث عنه احد الشعراء حين رأى احدهم وهو يدّعي التوبة :
أمسِ بهذي العينِ شاهدتُه
سكرانَ بين الوردِ والآسِ
فرحتُ عن توبتِه سائلا
وجدتُها توبةَ إفلاسِ
واذا كان الموصوف هنا التائب المفلس والواصف الشاعر ، فان هناك من وصف نفسه بنفسه حيث قال :
يقول أبو سعيد مذ رآني
عفيفاً منذُ عامٍ ما شربتُ
على يدِ ايِ شيخٍ تُبتَ قُلْ لي
فقلت : على يد الافلاس تبتُ
نعوذ بالله من الافلاس وانعدام الاحساس ونستعين به على الطاعة والاستقامة ونسأله قبول توبتنا مما اجترحناه فانه العفو الغفّار التوّاب وهو أرحم الراحمين .