المافيات.. من هنا مرّت

عبد المنعم الاعسم

لو ان نصف(وحتى رُبع) الكلام المتداول صحيح عن سيطرة المافيات على حلقات خطيرة في الدولة فان المنطق يضع سؤالا بليغا عن نوع الحماية التي تتمتع بها هذه المافيات لتكون فوق القانون ولتملك نفوذا قد لا يختلف عن نفوذ المافيات الايطالية التي تقوم بتخويف النزهاء والنشطاء في ميادين كشف الفساد وابتزازهم. يومها  قال المدعي العام المسؤول عن مكافحة المافيا الايطالية بييرو جراسو «ان الحلقة العليا من رجال الدولة والقضاء والشرطة تحمي الحلقة العليا من رجال المافيات».. ثم أُطلق عليه الرصاص. 

هذا في ايطاليا.. وفي (....) ايضا.  المافيات في التعريف المدرسي «جماعة سرية لأعقد اشكال الجريمة المنظمة من اصحاب النفوذ والقوة» ومع هذا  لم يعد احدٌ (في العراق) يتحرج من تخصيص الكلام عن وجود مافيات في سوق السياسة والمال، وعقود المشاريع، والوزارات، ومجالس المحافظات، وخدمات الإعلام، والقضاء، والامن، والعلاقات مع الدول، وليس ثمة مبالغة في القول حول وجود مافيات تقرر سياسات ومواقف تتسم بالخطورة، وتقوم باعمال تهريب ونهب وسطو منظم، كما تقوم بإيصال اشخاص الى أعلى المناصب، بل ان الامر وصل حد الحديث، بالصوت والصورة، عن مافيات متخصصة بالانتخابات  تتحالف وتتخاشن وتتداخل وتتقاتل في ما بينها، وهذه هي مناسبة الحديث هنا.

 نقول، لم يعد محرجا الكلام عن مافيات تتحكم وتخوّف ففي الارشيف تصريح لمسؤول كبير في وزارة المالية عن «مافيات عالمية تقوم بادخال العملة المزورة الى العراق» وآخر عن عضو في هيئة النزاهة قوله «توجد مافيات لترويج الذهب المغشوش في الاسواق» وثالث لأحد اعضاء اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب قوله «ان هناك مافيات  منظمة مهمتها عرقلة القوانين والتشريعات الاقتصادية التي تهم البلد ولديها تاثير مباشر على جميع القوانين والقرارات الاقتصادية التي شرعها مجلس النواب» وكشف تقرير اعلامي نشر على نطاق واسع في الصحافة العراقية عن تحول «طريق الحرير» القادم من شرق آسيا والمار عبر العراق إلى طريق للمتاجرة بالمخدرات والسلاح والآثار العراقية وتهريب النفط المسروق من قبل مافيات تخصصت في هذه الجرائم ولها ارتباطات واسعة مع العالم، بما في ذلك حكومات بعض الدول.  والحال، فان أرشيف نشاط المافيات في العراق والجهات المنتفعة والداعمة والمتورطة مفتوح لمن يغامر .. وحذار لمن يدري ويفصح.. واليدري يدري.