الإنتقام لا يبني دولة
علاء كرم اللـه
لا أعتقد أن أحدا لا يعرف ولم يسمع بالرئيس الأفريقي ( نيلسون مانديلا) رئيس جنوب أفريقيا السابق والمتوفي عام 2013، والذي منح جائزة نوبل للسلام عام 1993 بسبب مواقفه ومبادئه الأنسانية وتتويجا لما يحمله من محبة وخير وسلام للأنسانية جمعاء وأولهم لأعدائه!. وقد عينته الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة عام 2005 . وقد تولى رئاسة الحكم في جنوب أفريقيا (1994 -1999) في أنتخابات حرة نزيهة متعددة تجري لأول مرة ممثلة لكل الأعراق في جنوب أفريقيا ، وقد أنتخبه السود والبيض معا! . والرئيس مانديلا قضى أكثر من 27 عاما في السجن بسبب نضاله ضد التمييز العنصري ، عانى فيها شتى أنواع القسوة والتعذيب والأضطهاد والتعامل اللاأنساني من قبل مسؤولي السجن . ولكنه عندما خرج من السجن وصار رئيسا للبلاد ، آخا بين البيض والسود وزرع التسامح والمحبة وبينهم ، وكانت مهمته هو تحرير الظالم والمظلوم معا ، والدفاع عن سجانيه الذين أذاقوه مر العذاب! ، كما حرص على تجاوز الأحقاد المتراكمة من أجل الوئام الوطني . فهو بحق أيقونة الحرية ورمز الكفاح من أجل القضاء على سياسة نظام الفصل العنصري التي كانت تسير عليها جنوب افريقيا ، ولهذا الزعيم حكاية طريفة تدل على عمق أنسانيته ومبادئه السامية وتسامحه. ففي أحد المرات وعندما كان رئيسا للبلاد ، دخل أحد المطاعم لتناول الأفطار، وكان معه سكرتيره الشخصي ، وبعد لحظات طلب من سكرتيره الشخصي أن يدعو رجلا كان موجودا في المطعم ليتناول الأفطار معهم !!، لبى الرجل الدعوة وجلس ليتناول الأفطار مع الرئيس ولكن السكرتير لاحظ ، أن هذا الشخص كان يتناول الأفطار بسرعة وبشيء من الأرتباك والخوف والقلق واضح عليه! ، وسرعان ما أكمل أفطاره بسرعه وشكر الرئيس وترك المطعم مسرعا! ، وهنا سأل السكرتير الرئيس مانديلا : من هذا الرجل الذي دعوته ليشاركك الأفطار؟ ، فقد لاحظت عليه الأرتباك والخوف والقلق وهو يتناول الأفطار وكان ينظر أليك بشيء من الريبة! ، فأجابه مانديلا : هذا الرجل كان سجاني عندما كنت في السجن ، وكان شديد القسوة معي حتى أنني في مرة طلبت منه قليلا من الماء وبدل أن يعطيني الماء تبول علي؟!، وأنا عندما دعوته لتناول الأفطار معنا لأشعره بالأمان عكس ماكان يتصور بأني سأنتقم منه! نتيجة سوء معاملته وقسوته المفرطة معي عندما كنت في السجن ، ثم أكمل مانديلا حديثه قائلا لسكرتيره الشخصي : أن لغة الأنتقام والثأرلا تبني دولة!!.