مآثر تراثية فنية .. لجان فحص النصوص والأصوات
بدايات موفقة .. لا تنتهي بالتلاشي
قاسم المعمار
-عقب مقتل الملك غازي في الثلاثينيات بدأ التوجه الرسمي الحكومي لتأسيس دار الاذاعة اللاسلكية العراقية في بغداد وبساعات بث محددة للأخبار والبرامج الاجتماعية والترفيهية وحفلات الغناء وبمرور الزمن ثم التوجه نحو البث اليومي المتكامل في ضوء استخدامات اجهزة الارسال الحديثة وتشكيل هيئة الاذاعة للاشراف العام على مسيرة العمل ...
- فيما تمت دعوة المواهب والقابليات الابداعية الفنية للعمل في الاذاعة حيث اوجدت لجان فحص وتقيم الاداء والصوت والموهبة الغنائية والموسيقية شارك فيها فنانون مختصين امثال الاخوين صالح وعبدالرزاق الكويتي واخرين برز من خلال اصوات منيرة الهوزوز وزكية جورج وصديقة الملاية ومسعود العمارتلي ..
شخصيات فنية
-وتتابعت شخصيات واساتذة فنية على هذه اللجان التي اصبح لها شأن كبير في المقابلة والرفض منهم الاساتذة الاخوين منير وجميل بشير وسمير بغدادي وعباس جميل وحسين قدوري حيث ظهرت اصوات جميلة امثال عبدالامير الطويرجاوي ويوسف الكربلائي وزهور حسين وعفيفة اسكندر وسليمة مراد ولميعة توفيق و وحيدة خليل ومائدة نزهت وسيتا هوكبيان وانوار عبد الوهاب ومحمد كريم ورضا علي وصلاح وجدي ويحيى حمدي واخرين .
-فيما حلت مجموعة من مطربي البادية والريف نالوا استحسان لجنة الفحص وموافقتها منهم ابو جيشي مطلك الفرحان وجبار عكار وناصر حكيم وخضيري ابو عزيز وداخل حسن وعبد محمد وشهيد كريم والمنكوب وياس خضر وعبدالجبار الدراجي وصاحب شراد كما استضافت الاذاعة مجموعة من اساتذة الموسيقى والملحنين من المحافظات لدعمها في لجان الفحص والقبول للمتقدمين فكان منهم محمد جواد اموري وطالب القره غولي وكوكب حمزة ونجاح عبدالغفور
-حيث بزغ مجموعة من نجوم الطرب والغناء منهم حميد منصور وصلاح عبدالغفور ورياض احمد وداود العاني والفحام وعباس البصري وكمال محمد وصار كل من الفنانين كاظم الساهر وسعدون جابر وفاروق هلال وماجد المهندس ومهند محسن سفراء للأغنية العراقية عربياً .
-وفي احدى لقاءاتي مع الفنان المرحوم ناصر حكيم حدثني عن الجهد المتواصل للجان الفحص الاذاعي لاختيار الاجود صوتاً وقصيدة واداءاً وجديتها الحيادية المستقلة في التقييم وسموها حتى وصفها لي بـ (المصفاة ) والنقاء ..
- حقاً كان لهذه اللجان دورها الاشرافي والرقابي والتقويمي في فحص النص والصوت واللياقة البدنية للطرب والمطربة مما اصبح المتقدم يحترم اسم اللجنة واعضائها بل يحسب لها الف حساب لمنحة شهادة الاعتراف الفنية لموهبته وموزاولتها مهنياً علماً انها ركزت على ثقافة ومفهومية المتقدم في السلم الموسيقي وانواع المقامات زائداً محطات الرعاية للفائزين نوعاً وكماً والتأهيل الفني للاعتماد على انفسهم ذاتياً .
-وفي هذا المنطلق اسست الاذاعة اول فرقة انشاد عراقية ابان الخمسينات اشتهرت عربياً وحلياً بأشراف الاستاذين روحي الخماش ومنير بشير تألق منها فيمت بعد الثنائي مي اكرم وزوجها وحيد ثم المطربة سهام والمطرب قاسم اسماعيل والمطرب المهندس عارف محسن
-اما الفنان الكبير فاروق هلال اصبحت له بصمة كبيرة في تقديم برنامجه (اصوات شابة ) برز منها ماجد المهندس واسهم الفنان كمال عاكف في دورة المتميز في اعداد برنامج ( ركن الهواة ) من خلال دقة فحص النص والادلاء والتوجيه للمشارك والذي اجاد هذا البرنامج بتخريج العديد من كبار المطربين منهم الدكتور فاضل عواد والدكتور سعدون جابر وحسين السعدي وجاسم الخياط وداود القيسي .
مقام عراقي
-فيما شكل برنامج (المقام العراقي ) الذي قدمه شعوبي ابراهيم وهاشم الرجب استحكاماً لدقة قارئ المقام واصوله المعرفية حيث برزت شخصيات عباس البصري وعبد الجبار العباسي وعبد الرحمن خضير واخرين...
الى جانب ماكان يقدمه الدكتور الفنان حسين الاعظمي مدير معهد الدراسات النغمية من مؤشرات وبرامج تعليمية اصولية صحيحة لقراء المقام وفتح دورات في المعهد للموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية ... ومن الفخران تكون الفنانة الكبيرة فريدة وزوجها السابق محمد حسين كمر من طلبة هذا المعهد ثم اساتذة فيه .
اما الاستاذ الفنان علاء مجيد فله الامتنان بموهبته الابداعية بتشكيل فرقة (طيور دجلة) الانشادية في اوربا وبمعية فرقة موسيقية متكاملة وهو الماستر والجدير لها وقد حققت نجاحاً دولياً وشعبياً كبيرين في ظل احتضان ورعاية ادارة ولجان فحص وتقيم للأداء الفردي والالتزام بالضبط والحضور وحفظ الالحان .
ومن الطرائف التي حدثني عنها شخصياً صاحبها احد الفنانين المرحومين اليوم حينما ولج لجنة الفحص الاذاعي سقط ارضاً ولم يتمالك نفسه وهو يرتعش كونه يقف امام الاستاذ الفنان الكبير (وديع خوندة ) سمير بغدادي ويسقط ارضاً ثم يواصل مقابلته بعد اغتسال وجهه بالماء البارد .
-وليس اخر فاليوم تسهم قناة M.B.C العراقية بدور متميز للفحص والاختبار للمواهب الفنية المتقدمة حيث حرصت لجنة الفحص والتقيم ان تعيد مجد هذا الاداء الحقيقي للاختبار والاختيار ذات الصلاحيات المخولة لها والتي ضمت الفنانين الشباب المتألقين حاتم العراقي ورحمة رياض احمد وسيف نبيل الذين احبهم العراقيين والعرب حيث حققوا نجاحاً ومتابعة وصبراً جميلاً للاستماع عبر دوراته المتعددة سنوياً . تخرج من هذا البرنامج عشرات المواهب والابداعات في الوسط الفني . فيما تحضرنا اليوم نشاطات للجنة الثانية لهذه القناة المبدعة لاختبار المواهب الفنية المتقدمة
-اما فيما يخص المنتوج المحلي والذي اتى متأثر منذ الاربعينات بالافلام المصرية ومؤدوا المنتوجات فيها آمثال اسماعيل يس ومحمود شكوكو وثلاثي اضواء المسرح واحمد غانم واخرين حيث اخذ يدب هذا اللون الساخر الفكاهي في العراق فبرز علي الدب وحسين علي وفاضل رشيد وابو عكرب واصبح الفنان القدير عزيز علي المتألق تأليفاً ولحناً واداءاً للمنولوج الذي كنا ايام الخمسينات نتابعه ظهيرة كل يوم خميس ذات الصبغة السياسية النقدية كما وصفها الكاتب حسن العلوي في كتابه اللحن الساخر.
-اذن شهد الوطن نشاطات وفعاليات هذه اللجان للارتقاء بالفن الغنائي والموسيقي العراقي الا ان المؤسف له ان نجد اليوم شبه حالات انفلات في النص واللحن والاداء قد تكون الحاجة مهمة الى المادة اكثر منها للشهرة الطبيعية الفنية المعروفة مطلوب اذن اعادة وتهيئة لجان الفحص للنص والاداء واللحن الى ريادتها السابقة وما احوجنا اليها اليوم قبل تلاشيها بالكاد....
-من جيد الفخر والاعتزاز ان نجد اليوم كثيراً من فنانينا المطربين والملحنين مواصلين دراساتهم العليا منهم على سبيل المثال لا الحصر ...
الدكتوراه فاضل عواد
الدكتوراه سعدون جابر
الدكتوراه كل من فاضل واخته فوزية
الدكتوراه حسين الاعظمي
المهندس حميد منصور
المهندس محسن عارف
المهندس ماجد المهندس
الدكتوراه سعدي الحديثي
الدكتوراه علي عبدالله
الدكتوراه خالد ابراهيم
الدكتوراه فتح الله احمد
وفي الختام هذا البحث لا يسعني الا ان اتقدم بأسمى ايات المحبة والامتنان للراحل الناقد عادل الهاشمي والاستاذ الفاضل يحيى حسب الله والاستاذ الباحث الكريم عادل العرداوي الاديب والمؤرخ المعروف ....
الذين اسهموا في مواصلة مسيرتهم الاستجلائية النقدية للارتقاء بالفن الموسيقي الغنائي العراقي نوعاً وكماً وحرصهم على اسلوبية وجودية اللجان الفحصية والتقييمية للمتقدمين ورعايتهم وتوجيهم نحو الافضل وهذا ما ننشره جميعاً لخدمة عراقنا الحبيب ....