فاتح عبد السلام
تحولت إيران الدولة «المارقة» و»الداعمة» لمليشيات تمارس دوراً ارهابيا من وجهة نظر أمريكية، الى البلد الأكثر أماناً وسط هذه الحرب المشتعلة في جميع انحاء الشرق الأوسط من البحر الأحمر واليمن الى العراق، وسوريا ولبنان وصولا الى مركزها في غزة. وبات مَن يريد النجاة من الاستهداف الأمريكي المحتمل ان يغادر الى الأراضي الإيرانية، حيث هناك لا تفكر ،مجرد تفكير، الإدارة الامريكية بتوجيه الصواريخ والقنابل نحوها، مادام ثمة مَن يقوم بمهمات بديلة في تلقي الضربات بالنيابة، وهذا يدعم رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن في بذل ما بقدرته في عدم توسيع الحرب، بما يؤكد ضمنياً انّ قرار توسيع الحرب بيد إيران، إذا جرى مهاجمتها، وليس بيد سواها.
كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد قال انه حين كان في الرئاسة وجرت عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قام الإيرانيون بإبلاغ واشنطن بأنهم مضطرون أن يوجهوا ضربة صاروخية ذات تصويب دقيق في الساعة الفلانية والمكان العلاني من دون أن يريدوا خدش جندي واحد، وهي عملية لحفظ ماء الوجه ورفع الحرج، وقد كان ترامب مؤيدا في كلامه للتصرف الإيراني. (فيديو كلام ترامب موجود على اليوتيوب)
يبدو انّ نفس اللغة السابقة يجري التعاطي بها مع ايران هذه المرة، اذ تبث واشنطن بالتقسيط تصريحات مستمرة منذ خمسة أيام عن انّ الرئيس اتخذ قرار شن هجمات وانّ الساحة المحتملة هي العراق وسوريا، وانه لا ينوي توسيع نطاق الهجمات لتشمل ايران ذاتها لأنهم يريدون في الولايات المتحدة احتواء تداعيات الحرب في الشرق الأوسط والتي خرجت في مجال البحر الأحمر مثلا عن السيطرة الكاملة، ويخشون من انفراط عقدها في دول أخرى.
يبدو انها رسالة أمريكية “مباشرة” عبر الإعلام الى الإيرانيين، وحلفائهم لكي يكون امامهم وقت لترتيب امورهم ونقل مقارهم وتغيير أماكن وجود قياداتهم الميدانية في البلدين المرشحين لتلقي ضربات أمريكية فيها.
هذه اللغة؛ المشتركة» تنضج بين واشنطن وطهران، ولعلها ستكون لغة مرشحة لحسم المشاكل العالقة بين البلدين مستقبلا، لاسيما في الملف النووي الذي بادرت إيران فيه من باب حسن النية وبشكل طوعي الى تخفيض كميات ونسبة التخصيب لليورانيوم، ويرى محللون في صحيفة «نيويورك تايمز» انه توجه إيراني جديد لتخفيض التصعيد مع الولايات المتحدة.
انهما يتكلمان لغة خاصة لا يفهمها آخرون في سوريا ولبنان والعراق.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية