الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السليمانية قلادة لؤلؤ بقممها الثلجية

بواسطة azzaman

السليمانية قلادة لؤلؤ بقممها الثلجية

نجلاء قادر

 

اخترت مدينة السليمانية  معبرا  لهجرتي بعد ان استولت الالة العسكرية الاميريكية  على العراق في العام 2003 اذا لاحياة مع اناس لهم اطماع في بلاد الرافدين  عابروا القارات استوطنت دباباتهم في ساحة الفردوس حيث كانت نظراتي موزعة بين لفيف الشعب المتجه صوب الفردوس وتلك الاليات التي تحمل جنودا وعلما اميريكيا ، لذا قررت الرحيل فكانت الوجهة السليمانية تلك المدينة الصغيرة المقتصرة على ازقة وبيوت عتيقة وسوق متداخل الاضلاع ،وجدتني بين شعب ذو سلوك واتزان ولياقة تذكرني بمجتمع بغداد التي اغتصبت للتو ، فقلت ولما الهجرة لاضع رحالي بين الكرد فهم عراقيون خيرا من العيش بين اقوام لااعرفهم وهكذا بدأت مشواري الصحفي كاتبة للتحقيقات الصحفية في صحف عدة ليعتزل القلم الكتابة ويشرق وجهي على شاشة قناة الشرقية التي قدمت كل الدعم لمراسلتها فكانت حظوتي بماما جلال اول رئيس لمجلس الحكم في العام 2004. وفي اولى لقاءاتي معه تغنى بحبه للغة العربية وعشقه للجواهري حتى انه اسس لمدرسة ابتدائية في المدينة حملت اسم الكبير الجواهري تدرس العرب والكرد  اللغة العربية وتلك الابيات الشعرية التي تغنى بها غزلا بحب  البصرة وناسها وذلك الكرم العربي الاصيل ،اما ماخص به السليمانية فكان وصفها بعقد اللؤلؤ لشكلها الدائري ونصاعة الثلج المتشح قممها لذا اعنون تحقيقي هذا بالسليمانية قلادة لؤلؤء القمم .لنغوص درابين وسوق المدينة التي احبها كل مصطاف اصطاف بها .

خلال سنوات تمكنت السليمانية الاستفادة من قانون الاستثمار بدعوتها الشركات التركية والايرانية والاجنبية لبناء العمارات السكنية  على سفوح القمم لتسهم بحل ازمة السكن  ولو بنسبة  25 بالمئة  حيث استطاع مواطنوها  الحصول على شقة بالتقسيط ومن كان ميسورا يدفع كامل المبلغ مضيفا لذلك شق بطون الجبل لتعبيد الطرق بهدف التخطيط لتأسيس احياء سكنية جديدة وهكذ ا تكبر السليمانية وتتسع باحيائها وازقتها وبناياتها الجديدة . لم يختصر البناء على السكن لوحده بل بناء المستشفيات التخصصية كمستشفى هيوا للامراض السرطانية ومستشفى الاسنان التخصصي ومستشفيات الاطفال والنسائية ومستشفى عملاق ذو ال400 سرير العام ويضيف نشاط القطاع الخاص عددا من المستشفيات واثقلها مشفى انور شيخة المتنوع الاختصاتات والتي يأمها العراقيون من الجنوب والعاصمة لتقصير سبل السفر خارج البلاد والتكاليف العلاجية الباهضة ، كما استطاعت تطوير القطاع السياحي من خلال سلسلة من الفنادق والمطاعم التي احيلت للقطاع الخاص الذي لعب دورا فعالا في اختياره المشاريع الحيوية التي اسهمت بكل هذا التطور العمراني ، اضافة لمجمع  دار العدالة  حيث  اختير  مكانه خارج قلب المدينة ليتسنى للمرور فك الاختناقات وتسهيل حركة المواطن ..ولم يكن التعليم العالي بعيدا عن الخطط العمرانية بل استطاعت ادارة السليمانية تشييد اكبر مجمع لجامعة السليمانية وبكل اقسامها اضافة للاقسام الداخلية . وتعد السليمانية اول مدينة عراقية تحتضن الجامعة الاميركية ذات التخصصات العالمية والكوادر التدريسية الاجنبية ، كما ويرتفع برج الميلينيوم في قلب المدينة سلسلة الفنادق  الكبرة حيث شيد بخبرات عراقية بالتعاون مع الشركة الام للفنادق .

سوق بالة

اجمل مافي المدينة سوق تستكمله باربعة ايام لتعانق درابينه ومنحنياته واسواقه العديدة .. قيصريات ومحال متخصصة كسوق البالة الذي يقصده كل سائح لتفردة بالبضائع الاوربية المستعملة وغير المستعملة هنا ترتدي مالم يرتديه غيرك من ماركات عالمية وتصاميم وموديلات قد لانحظى بها في سوق اخرى .. هنا تختلط  الاصوات وتتعالى الاحاديث تطرق مسامعك كل اللغات واللهجات .. زائروا المدينة لايختصرون بالعرب لوحدهم بل الكرد من حملة الجنسيات الاوروبية والاجلنب والعمالة الاسيوية الموجودةبشكل ملفت للنظر وباعداد كبيرة .سوق البالة يرغبه اهل المدينة من ذوي الدخول المحدودة والميسورة لندرة بضائعه حتى سمي بسوق بالكشخة وهكذا وجدته فعلا.ينتهي سوق الكشخة بساحة الجامع الكبير التي تعج بعربات الباعة بكل مالذ وطاب من خضر وفاكهة واغذية معلبة وحلويات كردية اما الرصيف فيشغله كبار السن من باعة السبح والاحجار التي يفترشون بها الارصفة لفت انتباهي الزي الكردي لكبار السن فهم وحدهم من يرتدون شروال وعرقجينة والحذاء الكردي موروث الاباء بينما يعزف عنه الشباب الا في المناسبات الرسمية في تلك الساحة بناية كانت فيما سبق بلدية وقائمقامية السليمانية حيث استغل المكان لانشاء السوق الصيني والذي استأجرت محاله لبيع الملابس والادوات المنزلية والاحذية وقسم كبير للمنتجات الصينية ومن الصيني تاخذنا الخطوات صوب سوقا للفواكه والخضر حيث كرم الباري من هبات الارض وانت تهم دخول السوق لابد من المرور  باولئك النسوة القرويات اللواتي يفترشن مدخل السوق بشوالات ثمار بساتين قراهن من الجوز الكردي الاصلي والذي يتجاوز سعره ال 20الف دينار للكيلو الواحد والجبن الجاف والفستق والحمص الاخضر والبربين والنباتات الجبلية الخظراء يزدحم عندهن المصطافون والمتبضعون لشراء اجود مافي جعب القرويات . ومنهن نسوة الجوز الى دكاكين سوق الخظار المرتبة بشكل يريح العين ويفرحها ويدفعك لاخراج النقود وشراء ما تحب هنا يهتم الباعة بتصفيف الخضار لتبدو اكثر جمالا وجاذبيـــة..الدكاكين الخضراوية تنتهي بك بدكاكين القصابة واللحمة الشهية هي الاخرى تثير المتبضـــــع بتصفيفها وترتيــــــــبها  باعتبار ان العين هي التي تاكل بالمناسبـــة القصابة والباجة باللغة الكردية تســــــمى (سروبيه)، ومـــــــن السروبيه تاخـــــــــذنا درابين السوق الى سوق البهار والبخور والعطور التي يعج بها افق السوق وبالتالي نكون قد وصلنا قيصرية النقيب تلك القيصرية المتخصصة بصناعة وبيه الذ الحلويات الكردية اي الصنع المحلي من السجق والحلاوة واللقم والحلقوم ومن السما والكرزات والقمر الدين هنا لامجال للعبور دون ان تقف عند صلاح الحلوجي وتشتري كل ماتشتهي وماترغب من هدايا للحبايب والاصدقاء.

تسجيلات جقمقجي

ولايفوتني ان اعرج على اقدم تسجيلات في السليمانية والتي تحمل عنوان اوسكار تذكرني بتسجيلات جقمقجي الذي تم تحويله لسوق ملابس الجملة في الباب الشرقي جقمقجي السليمانية يحتفظ بالعديد من النسخ الاصلية للاغاني العراقية التراثية واغاني الفن الجميل ويعد محفظة للاغاني العربية القديمة كفريد الاطرش وعبد الحليم وام كلثوم وايضا تلاحظ الكثير من صور الفنانين القديمة على جدران المحل ،نودع سوق السليمانية لنشرب استكان الشاي المهيل في مقهى  الشعب فقد لاتتخيل ان تأريخ المدينة  يختبئ خلف هذا المدخل..فهو ملتقى لرجال الفكر والثقافة والسياسة وأحيانا  يحاول المثقفون الكرد الاسهام في رسم  صورة مستقبل أفضل لكردستان والعراق من خلال أحاديثهم ونقاشاتهم هنا في شاي خانه الشعب.هنا وجب التعرف على المقهى بشكل اعمق حيث تبادلت الحديث مع صاحبه كاكا عمر «والذي افادنا بان  هذا المقهى معلم رئيس في المدينة ،اسسه والدي الشاعر الاسطه شريف لذا من ارتاده هم الشعراء والادباء يأتون إليه، منذ  الخمسينيات حتى توفي مطلع الثمانينات بات المقهى بيتاً ثقافياً ،يزدان المقهى بصور الشخصيات الكردية الثقافية والسياسية المقهى أشبه ببيت ثقافي... أعداد كبيرة من الكتب وجدت لها مكاناً فيه تجمع بين طيــــاتها تاريخ المنطقة وتتنــــوع موضوعاتها من السياسة إلى الفن والأدب ، وأضيف لها خلال السنوات الأخيرة شاشات تلفزيونية حديثة.لا يختصر مقهى الشعب على  السلـيمانية فقـط وإنما تاريخ كردستان والعراق ..غادرت المقهى واصوات قرقــعة الاستكانات ورائحة الشاي العراقي المهيل وتلك الصور المعلقة في ذهني تؤكد ان السليمانية مدينة عشق وعطاء.


مشاهدات 318
الكاتب نجلاء قادر
أضيف 2023/09/26 - 6:12 PM
آخر تحديث 2023/12/02 - 9:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 335 الشهر 647 الكلي 8928486
الوقت الآن
السبت 2023/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير