
![]() |
![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
النـص : وجوه من وحشية الشموليةنزار محمود
قبل ما يزيد عن ثلاثين عاماً وقعت في يدي مجلة مصرية، لعلها الهلال، وكانت قد شدتني فيها مناظرة بين اثنين احدهما يتبنى الإنسان كأساس في الحكم والتعامل مع الحياة، وبين آخر يجد في المبادىء ما يجب أن يكون مقدساً وتستحل بموجبها حتى حياة الإنسان. كانت المناظرة قد صيغت في براعة تحبس أنفاس القارىء، فتراه تارة يميل الى ترجيح طرف الإنسان، وتارة أخرى الى ترجيح طرف المبادىء. هذه المناظرة لازمتني في تأملاتي، وأنا ابن العراق الذي كان يحكمه حزب البعث البعث العربي الاشتراكي، ومبادئه في وحدة العرب وحريتهم واشتراكيتهم ووجوب الاستعداد للتضحية من أجلها، في ذات الوقت الذي كنت أدرس فيه في المانيا الشرقية التي كانت تحكمها مبادىء الماركسية اللينينية، ولاحقاً ما عشته أياماً أثناء استيلاء مجاميع ما سمي بالدولة الإسلامية ( داعش) في الموصل. تذكرت كيف يمكن أن يتحول الإنسان الى وحش في تعامله مع الآخر المختلف معه عقائدياً أو طائفياً أو فكرياً أو عرقياً عندما يركبه التعصب ويعميه هوس المبادىء. تذكرت كيف يئن في المجتمعات الشيوعية من يرى في الليبرالية سعادة الحياة، وآخر تخنقه الحسرة في عرقيته وطائفته وهو يعيش مجتمع الآخر المختلف. وفي العراق تذكرت الشيوعيين والبعثيين والاسلامويين، سنة وشيعة، والعرب والكرد، والمسلمين والمسيحيين، وغيرهم وغيرهم، وما اقترفوه في سكرة نشوة القوة أو الثأرية العمياء. انه عمى المبادىء التي لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها، ولكن: يجب أن يكون ذلك في ظل مبادىء إنسانيتها! |
عدد المشـاهدات 29 تاريخ الإضافـة 25/03/2023 رقم المحتوى 74799 |