00964 790 110 7676     azzaman_iraq@yahoo.com
  من مذكرات عبد الهادي الخليلي (1)

إضاءات
أضيف بواسـطة admin
النـص :

من مذكرات عبد الهادي الخليلي (1)

رحلتي في الطب والحياة وقصة إختطافي

 

البداية:

كان أربعاء الثامن والعشرين من نيسان 2004  يشبه كل أربعاء. الحياة صعبة من الناحية الأمنية والأخبار ترد سراعا بأخبار سيئة ومرعبة أحيانا وهناك منع التجول الذي يبدأ في الساعة الحادية عشر مساء وحتّى السادسة صباحا.

عيادتي مكتظة بالمرضى، والكل يرغب بإكمال فحصه والحصول على ما يرضيه من توصيات وآراء لكي يخرج بسرعة ويصل إلى بيته أو إلى محطة الحافلات للذهاب إلى محافظته أو إلى مدينته. وكان نظام العيادة منذ افتتاحها عام 1987 أن تفتح أربعة أيام في الأسبوع فقط. يومان للمرضى الجدد ويومان للمرضى القدامى. وفي تلك الأيام العصيبة في 2003 و2004  كنا نوقف قبول المرضى في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر ولا يقبل أي مريض يصل بعد هذا الوقت إلا ما ندر كي يينهى فحص آخر مريض في حوالي الساعة السادسة والنصف مساء لنضمن للمرضى ومرافقيهم الوصول إلى أهاليهم أو سيارات النقل للساكنين خارج بغداد قبل حلول الظلام ومنع التجول.  ولكن في ذلك الأربعاء كان لي بعض المرضى غير المسجلين الذين وفدوا من المحافظات ما صعب علي أن أخيب أملهم مع علمي كم هي الصعوبة التي عانوا منها أمنيا واقتصاديا فكان علي أن أفحصهم كما يجب وهذا جعلني أتأخر حتّى الساعة 7:00 مساء.

السائق عمار: بسبب تسليب إحدى سيارتي الإثنتين بقوة السلاح قبل ذلك اليوم بشهرين،  اتفقت مع سائق شاب من منطقة سكناي في شارع فلسطين يملك سيارة أجرة لينقلني إلى ومن العيادة في أيام العيادة.

كان "عمار" وهذا اسمه كردياً فيليا على ما أعتقد وكان ينقلني من العيادة الساعة السادسة والنصف مساء. عمار هو شاب في العشرينيات من عمره مؤدب وقوي البنية وكان طويلاً جسوراً. كان يعمل في شركة الصناعات الخفيفة لصنع أضوية الفلورسنت كعامل فنيّ وله حصة خمسين بالمائة من السيارة صالون دايوو (Prince Daewoo) ويملك النصف الآخر زميل له يعمل في نفس المعمل. عمار يقوم بقيادة السيارة طول الأسبوع ويعطي شريكه نصف الإيراد وهذا يقوم بتغطية غياب عمار الكلي عن العمل لأنه يقود لسيارة التاكسي طيلة أيام  الأسبوع  ويذهب إلى الدائرة يوم استلام الراتب الشهري وربما يسلم على الموظفين في يوم أو يومين آخرين طوال الشهر!!

أخبرني سلام وهو أحد السكرتيرَين في عيادتي وهو المسؤول عن المرضى القدامى، إن عمار السائق قد وصل في الموعد وهو ينتظر في باب العيادة. أبلغت سلام بأن يعتذر من عمار حيث سأذهب مع صديقي الدكتور فالح الجدة الذي هاتفني قبيل ساعة ليبلغني بأنه قادم ليصحبني إلى اجتماع نبحث فيه بعض شؤون الجمعية المدنية التي أسسناها مع جمع من الشخصيات العراقية المعروفة.

شيء أقلقني مسبقاً

شاهدت في يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر نيسان 2004 وأنا بانتظار عمار سائق التاكسي سيارة تقف على الجانب الآخر مقابل العيادة وفيها أشخاص مرعبو النظرات ما أقلقني مظهرهم. وعندما وصلت إلى داري أخبرت زوجتي بهؤلاء ونظراتهم المرعبة التي أخذتها بمحمل الجدّ حيث استحق ذلك إخبار زوجتي به. وتببن بعد ذلك أن وجودهم كان جزءاً من خطة الاختطاف المحكمة.

اللحظات الأولى

وصل الدكتور فالح الجدة ومدير أعماله الصناعية السيد أبو سنان بسيارة الأستاذ رياض الفضلي، بي أم دبليو حمراء صغيرة،   وهو أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية إنقاذ وتطوير بيئة وحضارة العراق وكان يعمل مديرا لقسم أمريكا في وزارة الخارجية العراقية. جلست مع الدكتور فالح في المقعد الخلفي وفي الأمام كان الأستاذ رياض خلف المقود والسيد أبو سنان في المقعد الأمامي. سرنا متوجهين نحو دار المهندس عدنان الموسوي وهو عضو مؤسس آخر للجمعية وكان الهدف مناقشة مقر الجمعية المقترح في شارع حيفا والحاجة إلى ترميمه.سلكنا طريق محمّد القاسم السريع من مدخل الجامعة المستنصرية متجهين نحو الكرادة. كنا نتندر بشأن الكتاب الذي أرسلناه رسميا إلى أمانة العاصمة بخصوص مقر المنظمة الذي استحوذ عليه بالقوة حزب سياسي أو جهة أخرى والذي علق عليه مساعد أمين العاصمة بعدم قدرته على تغيير ذلك. تركنا شارع المرور السريع في مخرج الجامعة التكنولوجية وعند سيرنا في الشارع الفرعي شاهدت سيارة خضراء بي أم دبليو ضخمة يقودها السائق بطريقة رعناء وبدون أي حساب للآخرين.

علقت على ذلك السائق ونحن نستدير شمالا لندخل الفرع المؤدي إلى شارع الصناعة حيث يقع جدار الجامعة التكنولوجية على اليمين وبيوت صغيرة مكتظة على اليسار كنت قد عدت مريضة في إحداها وكانت شقيقة عمو بابا المدرب الشهير. ونحن نسير ببطء في ذلك الشارع الضيق نسبيا وإذا بتلك السيارة الضخمة تسير بجنبنا بطريقة مرعبة وقبل أن أنهي تعليقي على تلك الرعونة وإذا بالسيارة تقف أمامنا باستدارة تمنعنا من الحركة تماما. اضطررنا للوقوف في مكاننا وقبل أن نتفوه بأية كلمة وبلمح البصر خرج من السيارة السائق ومعه الركاب الإثنين يحمل كل واحد من الثلاثة مسدسين ووجهوا المسدسات الستة نحونا. تسمرنا في مكاننا لا نتحرك فتقدم رئيسهم، كما علمت بعدئذ، وهو يعلق على صدره شارة الشرطة العراقية ويعطي أوامره للشخصين الآخرين وهما يلقبانه بسيدي الملازم. اتجه نحو سيارتنا وهو ينظر الي قائلا الدكتور عبد الهادي الخليلي؟ قلت نعم. قال انزل معنا إلى التحقيق في مركز الشرطة. كان ذلك الشخص طويل القامة يبلغ طوله المئة وثمانين سنتمترا وببنية تبلغ المئة كيلوغرام وهو في بداية الخمسينيات من عمره له صلعة كبيرة غطاها بالشعر الجانبي لرأسه. 

أخرجوني من السيارة وسلبوا ملف الجمعية الذي كان في يدي وقيدوني بالأصفاد التي سمَوَها "الجامعة" وهي كلمة لم أسمعها من قبل تطلق على الأصفاد والتي يؤلم استخدامها لهكذا آلة معنية بالعذاب.

المهم هنا هو بعد أن قيدوا يدي وضعوا عصابة على عيني والبسوني نظارات سوداء فوقها وأدخلوني في المقعد الخلفي للسيارة لأجلس بين اثنين من أفراد تلك العصابة وجلس في المقعد الأمامي رئيسهم وقاد السيارة رابعهم الذي لم ينزل من السيارة في حينه.

وقبيل صعودي إلى السيارة شاهدت في نهاية الشارع باتجاه مدخل المرور السريع رجلا بيده مسدس بالقرب من سيارة بيكاب مطلية باللون الازرق الفاتح الذي تســــــــتخدمه سيارات الــــــشرطة تقطع الشارع لتمنع أية محاولة للهروب بذلك الاتجاه.

 

عدد المشـاهدات 41   تاريخ الإضافـة 18/03/2023   رقم المحتوى 74507
تواصل معنا
 009647901107676
 azzaman_iraq@yahoo.com
الأحد 2023/3/26   توقيـت بغداد
تابعنا على