الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هادي ماهود في فيلم ساوه يرسم جمال الغياب

بواسطة azzaman

هادي ماهود في فيلم ساوه يرسم جمال الغياب

وقائع الإختفاء القسري لأيقونة البادية وتحوّلها إلى خراب

 

نعيم عبد مهلهل

 

في فيلمه الجديد ساوه وكعادته يرينا المخرج العراقي المقيم في سيدني  هادي ماهود  قدرته الاحترافية والجمالية في جعل الموضوعة عالما يتحرك الى جهات شتى وهي تحمل ما في اعماقها من احلام وامنيات واستغاثة.

والذي يتتبع منجز هادي ماهود وافلامه نراه دوما يطلب انصاف الانسان او المكان المستلب ، ويبدو ان رسالته السينمائية ــ الجمالية ــ الانسانية هذه تطور بتطور  رؤيته الحداثوية لما يتناوله واغلبه يكرسه لواقع مدينته السماوة وكأنه يريد ان يوقظ في المشهد الذي يصنعه اخراجا ورؤية كتابيه ليكون مثل هاجس جلجامش البحث عن شيء لابد ان يتحقق اجلا او عاجلا بالرغم من المعاناة والاهمال ومحاولة الطبيعة ان تنتصر على طوبغرافيا المكان وبمساعدة من الانسان ( المسؤول والذي عهد اليه ان يطور المكان ويديمه ) وهذا ما يتضمنه جوهر فيلم ساوه لهادي ماهود .

وهو قصة بحيرة نبتت قريبا من مدى الصحراء في ظاهرة جيولوجية غريبة لكنها كما تدون بداها كاميرة هادي ماهود تربط بحركة التواريخ البعيدة وتحسست الصورة يضعها هادي للبحيرة التي تحتضر اليوم بأن شيئا من ملامح جلجامش ملك اوروك التي لاتبعد عنها كثيرا ترسم قلق المخرج بأن البحيرة تفقد وجودها بعدما كانت هي واحدة من بشائر الايمان النبوي كما تظهرها احدى الشهادات التي يسجلها فيلم ساوه نقلا عن نبوءة فصيح الكاهن قوله : (اذا فاضت ساوه ، وغرقت السماوة ، وكثرة التلاوة ،ولد صاحب الهراوة ).

وكان فصيح يقصد بصاحب الهراوة النبي محمد ( ص ) الذي عادة ما كان يمسك الهراوة وهو يهش الاغنام التي كان يرعاها في صباه .

وهكذا يبدأ هادي ماهود مع مشاهده في رسم جمال الغياب لسحر مكان يقول عنه المتحدث انه صنيعة امكنة الميثولوجيا الاولى والايمان السماوي ، وذاته الذي يؤرشف لتلك التواريخ بصوته يشعرنا حزنه بأسى المشاهد التي تظهر المكان وهو يمضي حزينا الى الجفاف والاندثار ، وكانت هناك الآمال الكبيرة التي كانت تسعى لتطوير المكان وفـــــك الــــغازه عندما ذهبت الدولة الى معهد فرايبورك الالماني ليعرف من هي ساوه . ويحاول ان يضع حلولا لأحياء المكان وتطويره ،فبعد مكان مشتى للطيور ومحطة لسعادتها قبل ان تذهب صوب الاهوار وهي قادمة من كل امكنة اوربا ،تصحرت سماء ساوه ونقل الينا هادي ماهود من خلال كاميرته ما يتوازى تماما مع قصيدة الشاعر الانكليزي اليوت والمسماة ( ارض الخراب ) ليتحول المشهد الى ( بحيرة الخراب ) حيث الشاليهات المهدمـــــــــة والاراجيح الصدئة والصمت والرمل ودموع أولئك الذي يشعرك فيلم ساوه انهم يبكون على حالها.

سينمائية المشهد

وهادي ماهود في فيلمه اراد ان يزاوج في سينمائية المشهد جمال مشاعر المكان في حزنه وحزن من يزوره الآن وكأنه يريد ان يجعل من فيلمه ورقة ادانة لما يجري في امكنة مدينته الجميلة ويذكر العالم بالرغبة لأحياء امكنة كانت في يوم ما كما يوثقها ماهود في فليمه امكنة لخلق راحة النظر والروح وحافز الكتابة والرسم والنزهة.

حفل فيلم ماهود برؤى متخيلة لإنقاذ المكان ،وفي بعض اللقطات يتحول المخرج ومشاهده الى ناقد وصوت رفض لكل المحاولات التي تستلب من المكان احلامه وجماله وتساهم في تصحره وهي تبني قربه مشاريع الاتجار والمقاولات والاثراء على حساب جمال المكان والغاء وجوده وجعله مجرد اسطورة قديمة لتأريخ مندثر من خلال الاهمال والصيد الجائر وترك المكان عرضة للإهمال ، لتشعر ان النهاية لفكرة هادي ماهود في نهاية الفيلم انه يحسسك بتلك العبارة المؤثرة انهم يقتلون الطبيعة واساطيرها وتواريخها ايضا.

وثق الفيلم استذكارات المدينة وعلاقتها مع المكان وكأن هادي ماهود يريد ان يوصلنا الى تلك الجدلية الازلية التي تربط ساوه بالسماوة وان فيلمه ليس جرس انذار بل هــــــــــو رؤية جديدة لما يعيشه العالم من هلع جغرافي اتت فيه المتغيرات الطبيعية وبدء التصحر يزحف الى الامكنة الخضراء وحتى دجلة والفرات يسكنهما الان الجفاف والعطش.

ليبدو لنا الفيلم انه جرس انذار لما سيحدث في الجنوب العراقي وامكنة اخرى من هذا العالم .

هادي ماهود اراد ان يكتب لنا من خلال فيلمه ساوه مرثية حزن الفنان الحقيقي حين يشعر ان مدينته يزحف اليها خراب اليوت وان امكنة الذاكرة بدأت تضمحل وتتصحر.

تقنيات هادي ماهود في فيلمه ساوه ،هي تقنية احترافية بالرغم منه انه يكاد ان يمول افلامه على حسابه الخاص ،إذ يأتي من ابعد نقطة في العالم (قارة استراليا) ليأتي الى قارة أوروك وينفذ مشاريعه واحلامه .فقط لأنه يـشعر ان السماوة واساطيرها ومحلاتها القديمة وساوتها وباديتها وفراتها ونخيلها موجودة ليست في عدسة الكاميرا فقط ، بل في قلبه ايضا.

اضاءة

ضيفت  نقابة الفنانين العراقيين السبت الماضي على قاعة النقابة وضمن فعاليات نادي السينما في النقابة، المخرج هادي ماهود وعرضت فيلميه ساوه والعراق موطني.

وفي بداية الجلسة رحب بالضيوف الكاتب والناقد السينمائي مهدي عباس مدير الجلسة. وعرف بالسيرة الذاتية لماهود ومن ثم عرضت الأفلام للحضور وتمت مناقشتها بحضور جمع من الفنانين والإعلاميين.


مشاهدات 142
أضيف 2023/03/15 - 5:14 PM
آخر تحديث 2023/11/25 - 4:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 284 الشهر 955 الكلي 8928794
الوقت الآن
الأحد 2023/12/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير