بإستخدام مسحوق نفايات الزجاج

باحثان بجامعة السليمانية يصنعان خرسانة أكثر إستدامة

باسل الخطيب

أثبت فريق بحثي من جامعة السليمانية، إمكانية استخدام مسحوق النفايات الزجاجية كمادة إسمنتية مضافة فعالة تسهم في تحسين خواص الخلطات الخرسانية من دون التأثير الكبير على أداءها الميكانيكي. مؤكداً على أن ذلك يسهم أيضاً في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج السمنت وتخليص البيئة من تلك النفايات.

السمنت مشكلة البيئة

وقال د. أحمد صالح محمد، التدريسي في كلية الهندسة بالجامعة، إن الإنتاج السنوي العالمي للخرسانة التي يدخل في تركيبها السمنت البورتلاندي «يبلغ نحو عشرة مليارات طن»، مشيراً إلى أن كل طن من السمنت «يؤدي إلى انبعاث قرابة طن من ثاني أوكسيد الكربون الملوث للبيئة جراء متطلبات الطاقة العالية اللازمة لمعالجة المواد الخام».

وأضاف أن إنتاج السمنت «يخلف حالياً حوالي نحو 7 بالمئة من الانبعاثات العالمية لثاني أوكسيد الكربون»، مبيناً أن ذلك «أثار قلقاً بيئياً عالمياً متزايداً وشجع على إجراء المزيد من البحوث لتطوير بدائل مستدامة لمواد السمنت والخرسانة التقليدية».

وأضح محمد، أن تقليل الأثر البيئي لإنتاج الخرسانة «ينبغي أن يصاحب الحفاظ على أدائها ومتانتها لاسيما أنها تصمم لتدوم من 50 إلى 100 عام»، لافتاً إلى أن ذلك يعني «امتداد بصمتها البيئية لحقب زمنية طويلة فضلاً عن التكاليف البيئية العالية المرتبطة بعمليات الهدم والترميم وإعادة البناء».

وتابع أن الخبراء «اضطروا إلى استبدال جزء من السمنت المستخدم في الخلطات الخرسانية بمواد مضافة مثل خبث الأفران الحرارية والرماد المتطاير ورماد قشور الأرز وأبخرة السيليكا لتقليل الأضرار البيئية وتكاليف إنتاج الخرسانة»، موضحاً أن النفايات الزجاجية «تُستخدم في بعض التطبيقات الخرسانية كركام خامل إلا أن طحنها لمسحوق ناعم يتيح استخدامها كمادة إسمنتية مضافة تستبدل جزءاً من السمنت لتميزها بمحتوى عالٍ من السيليكا يصل إلى نحو 70 بالمئة، ما يمنحها خصائص رابطة إضافية داخل الخرسانة».

ومضى الخبير الهندسي قائلاً، إن إضافة مسحوق الزجاج للخرسانة «أثبت تفاعلية تفوق الرماد المتطاير في نسب الاستبدال المنخفضة وبنية أكثر تماسكاً وكثافة ما يسهم في تقليل المسامية وزيادة مقاومة الضغط نتيجة تكوين بنية خرسانية أكثر اندماجاً»، مضيفاً أن تأثير إضافة مسحوق الزجاج على الخصائص الميكانيكية للخرسانة «يزداد مع زيادة مدة المعالجة».

الزجاج هو الحل

وبشأن الإضافة العلمية الجديدة للبحث، قالت عضوة الفريق المهندسة مريم باسل إسحاق، إنها تكمن في «دمج النمذجة التنبؤية مع تقنيات التحسين المتقدمة لتصميم خلطات خرسانية تحتوي على مسحوق الزجاج بنسب استبدال مختلفة»، مبينة أن الفريق «طور نموذجاً تنبؤياً لتقدير مقاومة الضغط للخرسانة المعدلة بمسحوق الزجاج وأجرى عملية تحسين حسابي لإنتاج ثماني خلطات خرسانية تستهدف مقاومة ضغط تبلغ25  و35 و45 و55 ميغاباسكال مع نسب استبدال زجاج تبلغ 4بالمئة و9بالمئة و13بالمئة و15بالمئة على التوالي».

واستطردت إسحاق، أن الفريق «اختبر تأثير تلك الخلطات على قابلية التشغيل وقوة الضغط والشد والانحناء من خلال عينات مكعبات وأسطوانات وعوارض عند أعمار 7 و28 يوماً»، مؤكدة أن النتائج «أظهرت زيادة في قابلية التشغيل بنسبة 15–25٪ نتيجة لنعومة جزيئات الزجاج في حين لوحظ انخفاض طفيف في مقاومة الضغط المبكرة عند النسب العالية من الاستبدال بينما تحسّن الأداء على المدى الطويل في بعض الخلطات».

وأوردت أن التحليلات المجهرية «أكدت انخفاض المسامية وتحسن خواص أخرى للخرسانة المعززة بمسحوق الزجاج»، وخلصت إلى أن البحث «أثبت أن مسحوق نفايات الزجاج يمكن أن يكون مادة إسمنتية مضافة فعالة تسهم في تحسين استدامة الخرسانة من دون التأثير الكبير على أدائها الميكانيكي».

وكلل الفريق البحثي جهده بحصول المهندسة مريم إسحاق على شهادة الماجستير من كلية الهندسة بجامعة السليمانية، ونشر البحث الموسوم (الأداء الميكانيكي والخصائص المجهرية للخرسانة المحتوية على مسحوق الزجاج النفايات) في مجلة Materials Research Bulletin العالمية المتخصصة. علماً أن عنوان البحث باللغة الإنكليزية هو:

Mechanical performance and microstructural characterization of concrete incorporating waste glass powder