ولنا في الخيال حب.. فيلم رومانسي يعالج خيبات الرحيل

علاقة ثلاثية متشابكة على هامش غياب أعز الناس

الموصل - سامر الياس سعيد

يعيد فيلم (ولنا في الخيال حب) لمخرجته ومؤلفة الفيلم  سارة رزيق اعادة تشكيل افلام متشابهة ابرزت عمق ذكرى الرحيل  لاحد الزوجين وكيفية الخروج من عنق هذا الرحيل عبر استئناف الحياة وطرد الاحزان الداخلية  والفيلم الذي ابتدا عرضه في صالات السينما العراقية مطلع كانون الاول الحالي  ابرز الكثير من الافكار التي جسدها كلا من الفنان احمد السعدني بدور الدكتور يوسف اضافة  للشابين ماريان  السيد التي ادت دور وردة  الى جانب الفنان الشاب وشقيق المخرجة  عمر  رزيق الذي جسد  دور نوح لكنه في الحقيقة تماهى مع شخصية الفنان جيمس دين الذي كان يعد رمزا ثقافيا  لخيبة امل المراهقة  وحصل على نجوميته من خلال ثلاثة افلام صورها  وجعلت من  وفاته المفاجئة بحادث مروري في 30 ايلول 1955 اسطورة من اساطير  السينما الامريكية.. تبدا الحكاية في المعهد العالي للسينما حيث تدور اغلب الحكاية بعودة  احد اساتذة المعهد  وهو الدكتور يوسف من المانيا  لكنه يعود حاملا حزنا كبيرا يجعله غامض بالنسبة لتلامذته الذين يخشون التاخر عن محاضرته  بسبب دكتاتوريته التي يفرضها  وفي المقابل  تبدو حكاية الحبيبين  وردة ونوح رتيبة بعض الشي فوردة مندفعة وتحب الحماس بعملها الذي توزعه بين دورها كطالبة ودورها في العمل الفني كمساعدة للمخرج  فيما يبدو نوح غارقا باحلام الباليه لكنه  بعض الشي يعاني الكسل  ومواكبة  الاحداث  لذلك يتعرض للكثير من المواقف التي تنجم عن انتقاده حتى من قبل شقيقته الصغيرة  التي يتاخر دوما بايصالها الى مدرستها التي تتلقن فيها  فن الباليه. هكذا تبدو لحظات الفلم الاولى  التي تركز فيها  المخرجة نحو مسكن الاستاذ وتبقى تحيطه بالغموض قبل ان تلتقط عدسة  نوح شيئا من ذلك الغموض الذي يجذبه للانغمار بمغامرة ملفتة  عن طريق  رصده لسيدة مستلقية  حافية القدمين فيركز فيهما  والى جانبها  تستقر  اغلفة لاسطوانة طالما ابرزت فنا محددا بالرقص على انغامها من قبل راقصي الباليه مما يشجع نوح  الى استخدام الرسائل  والقائها الى المنزل المجاور الذي تتخذه تلك المراة الغامضة وهو ذاته منزل الاستاذ الصارم.

عالم غامض

يحاول نوح اختراق ذلك العالم الغامض لكنه يفشل مرارا  امام حدة الاستاذ وغرقه بالغموض فيربك كل المحيطين به  حتى يدفع حبيبته وردة لملاحقته لادراك مالذي يلهي حبيبها  نوح عنها  بسبب مشادة بسيطة  على خلفية اقتحام الاخير لمكان عملها في احدى كواليس الافلام فتلقى بذلك انتقادا ينتهي بالتخلي عنها. وحينما تقرر اقتحام ذلك المنزل الغامض تجد  ما من وسيلة للدفاع عن حبها سوى بالتعدي على خصوصية المنزل فتجد نفسها عالقة فيه  وهي في مقابل تلك المراة التي ماهي الا مجسم  بالشكل الطبيعي لزوجة الدكتور يوسف حيث خلدها بهذه الطريقة اكراما لقصة حبهما العميقة وتكفيرا عن ذنبه الذي يشعر بكونه هو المسؤول عن رحيلها فضلا عن عدم رضا اهل  ليلى زوجة الدكتور عن ذلك الارتباط الذي جمعهما.

وتتوالى احداث الفيلم بعد دراما قاسية فتنشا هنا علاقة اخرى تجمع الدكتور بوردة التي تشعر بانجذاب لشخصية الدكتور وتسعى لاخراجه من عالمه الانطوائي بسلسلة اعمال تبدا من خلال مشاركتها باصلاح بعض الاعمال المنزلية التي يتطلبها منزله  وانتهاءا بمرافقته لجولة ليلية  تنتهي باتصال لوردة يخبرها بتعرض والدتها لوعكة  حيث يقف الدكتور مساندا لها ومشجعا في تمرير بعض الرسائل  التي يكتبها نوح لتلك المراة المزعومة  ورد وردة له على كونه تلك المراة التي رصدته عدسة كاميرته قبل ان يطلب الدكتور انهاء كل ذلك الجدل واباحة المشاعر  التي اوقفها نوح  بتعلقه بامراة اخرى  وتعلق وردة بحب من طرف واحد مع الدكتور يوسف. ويفصح الفيلم كونه رومانسيا عن بعض المواهب التي يتمتع بها نجوم المستقبل من خلال العنوان الفرعي الخاص بالفيلم وهو مرة واحد حب واحدة  حيث يكمن ذلك العنوان كاسم لمشروع التخرج الذي يتقدم به نوح  لغرض اعادة المياه لمجاريها  نحو وردة التي تكون حاضرة في ذلك النشاط  وتستجيب لما ابرزه حبيبها في سياق ما تقدم به من مشروع. انه فيلم يعيد الحياة للجذور الميتة  اضافة لكونه دعوة بعدم الياس  فغياب الشغف بسبب الرحيل لايعني ان الحياة انتهت  وان تفتح بوابة لخزن الذكريات  والعيش على اثرها  مثلما سعى الدكتور باقامة تمثال مجسم لزوجته والعيش على ذكراها مما ينشي شخصية لاتمت للحاضر بصلة رغم انه يمد جسور التواصل مع شريحة الشباب  الذين هم يعتبرون عماد المستقبل  حيث تلهم كل تلك الاجواء الشباب في ان يعيشون حاضرهم بانفسهم ويؤمنون بقدرتهم على تحقيق ما يصبون اليه فاجواء الفيلم تبدو شبابية الطابع  بغض النظر عن الرتابة التي تمنحها مشاهد الدكتور في بداية الفيلم.