زهران ممداني.. صوتٌ لا يُصمت

معراج أحمد معراج الندوي

 لقد حقق زهران ممداني الأميركي المسلم، فوزا تاريخيا في انتخابات عمدة نيويورك، ليكون أول مسلم، وأول شخص من أصول جنوب آسيوية، وأول مولود في أفريقيا يرأس أكبر مدينة أميركية. هذا الحدث ليس مجرد تبدّل سياسي محلي، بل محطة دلالية عميقة في إنتاج التغيير الثقافي، وصياغة سياسات تراعي التنوع والعدالة وحاجات الناس.

الممداني، البالغ من العمر 34 عاما، بأنه اشتراكي ديمقراطي ويشغل عضوية مجلس ولاية نيويورك، وسيكون أصغر من يتولى منصب رئيس البلدية منذ أكثر من قرن. قبل دخوله عالم السياسة، نال ممداني شهرة واسعة في مجال موسيقى الراب واشتهر باسمه المستعار "السيد هيل"، ثم انخرط مبكرا في العمل الميداني ونشط في الحملات التي تطالب بإصلاح قوانين السكن وإلغاء ديون الطلاب. انضم عام 2017 إلى حركة "الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا"، وهي أكبر منظمة اشتراكية في البلاد، تسعى لترسيخ الحضور العلني للاشتراكية الديمقراطية في المجتمعات والسياسة الأميركية. وركزت الحملة على 3 أولويات رئيسية، هي وقف ارتفاع الإيجارات وتوفير وسائل نقل عام مجانية وفرض ضرائب على الشركات الكبرى لتمويل الخدمات الأساسية.

حقق ممداني تقدمًا ثابتًا في سباق رئاسة البلدية من خلال إنتاجه لسيلٍ متواصل من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أدار حملة رقمية رائدة تحدث فيها بلغات متعددة وتواصل مع مؤيديه برسالة تركز على القدرة على تحمل التكاليف. خلال الحملة، نشر ممداني، الذي يتحدث الأردية كلغة أم، مقاطع فيديو للحملة باللغات البنغالية والإسبانية والعربية. تعهد ممداني إذا فاز بتثبيت الإيجارات، وسيستخدم كل الموارد المتاحة لبناء المساكن التي يحتاجها سكان نيويورك وخفض الإيجار.

ويُعرف ممداني بمواقفه المعارضة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي شنّ عليه هجوما لاذعا أثناء الحملة الانتخابية، داعيا الناخبين اليهود إلى التصويت ضده. ووصفه ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" بأنه "يكره اليهود"، قائلا "أي شخص يهودي يصوّت لزهران ممداني هو شخص غبي"، في إشارة إلى مواقف ممداني المؤيدة للقضية الفلسطينية.

يمثل ممداني نقيضاً كاملاً لسياسات ترامب، التي استهدفت المهاجرين والأقليات. وقد انتقد ممداني بشدة إدارة ترامب بسبب انحيازها المطلق للحكومة الإسرائيلية. بالنسبة إلى ممداني، فإن مواجهة سياسات ترامب داخلياً وخارجياً هي معركة واحدة من أجل قيم العدالة والمساواة.

إن فوز زهران ممداني ليس مجرد انتصار انتخابي، بل رسالة أمل تثبت أن المجتمعات المتنوعة قادرة على تجاوز الانقسام، وتحويل تنوعهم البشري الهائل إلى قوة خلاقة تمزج بين القيم العربية الأصيلة والمبادئ الإنسانية العالمية في الحرية والعدالة والكرامة.