الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
محمد الحسان.. صوت الأمم المتحدة الهادئ في بغداد

بواسطة azzaman

محمد الحسان.. صوت الأمم المتحدة الهادئ في بغداد

علي حسين الكعبي

 

 

في بغداد، حيث تختلط السياسة بالحذر، والمستقبل بالأمل، يطلّ اسم محمد الحسان كمبعوث أممي من طرازٍ مختلف. لا يرفع شعارات ولا يتحدث بعبارات إنشائية، بل يعمل بصمتٍ من أجل هدف واحد: أن تكون الانتخابات العراقية المقبلة مرآة حقيقية لإرادة الناس، لا مرآة لتجاذبات النخب.

منذ تسلّمه مهمته ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، اختار الحسان طريق الدبلوماسية الهادئة، فبدأ من حيث تتقاطع الملفات الكبرى — الانتخابات، الاستقرار، والثقة.

وفي أقل من أسبوعين، جمع ثلاث لقاءات وُصفت بأنها “أكثر من رمزية”، مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ليؤكد أن الأمم المتحدة عازمة على الوقوف إلى جانب العراق في لحظة سياسية حاسمة.

لقاءات تتحدث بلغة واحدة: النزاهة

في القصر الجمهوري، وضع الحسان كلمته في الوقت المناسب: الانتخابات النزيهة هي التي تعيد الثقة، لا فقط بالنتائج، بل بالدولة نفسها.

أما في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فقد بدا اللقاء عملياً أكثر. السوداني تحدث بثقة عن استعدادات حكومته لإنجاح الانتخابات، والحسان بدوره شدد على أن الأمم المتحدة تنظر للعراق اليوم كـ”شريك ناضج”، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تحول البعثة من مراقب إلى شريك تنموي بعد انتهاء عمل يونامي، في دلالة على ثقة متبادلة غير مسبوقة.

وفي وزارة الخارجية، حيث اللقاء الثالث، أكد الحسان مع الوزير فؤاد حسين أن العمل الأممي في العراق لم يعد مقتصراً على البيانات، بل بات يتجسد في خطة دعم متكاملة تشمل الخبرات الانتخابية والتدريب والتقنيات الحديثة لضمان نزاهة العملية برمتها.

دبلوماسية الثقة لا الصدام

ما يميز الحسان أنه لا يتحدث من موقع “الوصاية الدولية”، بل من موقع “الشراكة المتوازنة”، إذ يتحدث بلغة توازن بين السيادة والدعم، بين احترام الخصوصية والتأكيد على المعايير الدولية.

تلك اللغة الهادئة، الممزوجة بالثقة، جعلت من حضوره محل تقدير في الأوساط الرسمية والسياسية والإعلامية على حد سواء.

من المراقبة إلى المرافقة

في زمنٍ تتغير فيه أدوار البعثات الأممية، يدرك الحسان أن نجاح مهمته لا يُقاس بعدد الاجتماعات، بل بمدى قدرة الأمم المتحدة على مرافقة العراق نحو ديمقراطية مستقرة.

فهو لا يتحدث عن “انتخابات” فقط، بل عن ثقافة سياسية جديدة تقوم على الإيمان بأن الشرعية تُستمد من الصندوق، وأن الشفافية هي الحصن الأول للاستقرار.

وجه جديد لرسالة الأمم المتحدة

بهذه الروح، استطاع محمد الحسان أن يقدّم وجهاً جديداً للأمم المتحدة في العراق: وجه الدبلوماسية الهادئة، التي تبني الثقة بالحوار لا بالتصريحات، وبالعمل لا بالشعارات.

ولذلك، فإن كثيرين في بغداد يرون أن نجاح الانتخابات المقبلة، إن تحقق بشفافية عالية، سيكون ثمرة جهود مشتركة، أحد خيوطها المتينة هي جهود هذا الدبلوماسي الهادئ القادم من مدرسة الصبر والتوازن.

في بلدٍ تعب من الانقسامات، يبدو أن محمد الحسان اختار أن يكون صوت التوازن والعقلانية، مراهناً على أن الديمقراطية ليست معركة تُخاض في يومٍ انتخابي واحد، بل رحلة طويلة تبدأ بثقةٍ تُزرع اليوم، لتثمر استقراراً غداً.


مشاهدات 74
الكاتب علي حسين الكعبي
أضيف 2025/11/03 - 3:33 PM
آخر تحديث 2025/11/04 - 5:28 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 146 الشهر 2475 الكلي 12363978
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير